[ وكتاب مسطور • في رق منشور ] الطور(2-3) .
كما ذكرنا في مقالات سابقة ...عندما تقرأ كلمة "كتاب" في كلام القرآن فإن المقصود بها ليس كتاب ورقي بين دفتين كما هي كتب اليوم ، فهذه الكتب حديثة النشأة و نحن من ألصقنا و أسقطنا عليها إسم "كتاب" كلفظ توقيفي ، و في الحقيقة أنّ المقصود بكلمة "كتاب" في القرآن هو "كتابة" بوعينا اليوم....لأن مناهج اللّغة هي جعلتنا نطلق كلمة 'كتابة' بصيغة مؤنثة أما القرآن فيعترف بالصيغة المذكّرة 'كتاب' .
لو تسأل واحد كبير في السن عاش قديما وتعطيه ورقة مكتوبة بالفرنسية و تقول له ماهذا ؟ سيرد عليك "هذا كتاب فرنسي" و هو يقصد في الحقيقة عبارة (هذه كتابة فرنسية) ، فكذلك القرآن يعترف بالكلمة بصيغة مذكرة و ليس مؤنثة ، فلذلك لو تجد أي عبارة في القرآن تقول "كتاب" فالمقصود بها هو كلمة كتابة .
الآن ، عندما يقول لك القرآن بلسانه العربي :
[وكتاب مسطور - في رق منشور ] فهو يقصد لك بوعيك اللغوي اليوم (وكتابة مسطورة) .. لكن ما معنى كلمة "مسطور" ؟
حسب تفسير المفسرين في كتب التراث أن كلمة مسطور تعني مكتوب ليتطابق مع نطق الآية "وكتاب مكتوب" ، لكن ما المغزى أن يضيف الله كلمة "مكتوب" إلى وصف الكتاب ، فمنطقيا أن أي شيئ يسمى كتاب فهو بطبيعة الحال مكتوب بالكتابة ، فمالداعي لوصف الكتابة بالتسطير ؟
الأقرب لسانيا لكلمة "مسطور" هي كلمة "سطر" و السطر كما هو معروف هو ذلك الخط المستقيم الذي يخط لتنظيم او تحديد شيئ معين ، وأداة المسطرة المعروفة لرسم الخط هي أداة تساعد في رسم الخطوط بشكل مستقيم و منظّم ،حتى أن الأولاد أثناء تعليمهم الكتابة في المدارس يعتمدون الكتابة على الأسطر المخططة في الكراريس و الدفاتر لكي يتعودو ويتمرّسوا على الكتابة بشكل مستقيم دون ميلان او اعوجاج ، حتى في الكتاتيب ودور تحفيظ القرآن نجد هناك ميراث قديم يعتمد على التسطير على لوح خشبي و كتابة القرآن على اللوح تكون باتباع الأسطر ، فمنطقيا فإنّ الكتابة بشكل معوج و مائل تجعل الكتابة مبعثرة خصوصا في الخطوط التي تعتمد على الحروف غير المتلاصقة و المفصلة كالأحرف اللاتينية ، فالحروف يجب أن تتبع بعضها وتكون بشكل منظم مكتوبة على أسطر مسطورة لكي يسهل قراءة الكلام المكتوب .
الآن عندما يصف القرآن الكتابة بالمسطورة ، فأكيد انه يقصد كتابات كتبت بشكل مسطّر واعتمد على التسطير في كتابتها ، أي أن القرءان الذي بين أيدينا يؤكّد على ان نوعية الكتابة هي كتابة مكتوبة بشكل مسطّر ، و هي نفسها بمثل الكتابات المصرية التي ارفقتها مع الصورة ،فتوجد آلاف الكتابات متواجدة في ما اسماه الغرب معابد كتبت رموزها ونظمت بكتابات منظمة تتبع أسطر مخططة تساعد على تنظيمها .
عندما يضيف القرآن على أن الكتاب قد كتب مسطورا في أسطر ، ويذكرلك "في رق منشور" ، مامعنى رق منشور ؟
التفسيرات تجدها تختلف في معنى كلمة "رق" و لا تحددها بشكل ثابت ، فهناك من يقول أنها ورق و صحف وهناك من يقول أنها جلود وهناك من يقول أنها ألواح .. المهم انها كلها تفسيرات مختلفة تدل على أن مؤلفي التفسيرات هم أناس تفسيرهم لم يعتمد على التفسير الحق للآية والدليل هو اختلافهم على معنى واحد .
كلمة الرّق هي كلمة بلسان عربي و يعرفها سكّان الصحراء ،و هي كلمة تطلق على المناطق التي تحوي تضاريس أرضية سطحية يختلط فيها الرمل مع الحصى والطمى ليشكل طبقة قشرة تسمى الرّق ... والإسم أطلق على تلك التظاريس لأنه إسم يخص الرمل الرقيق الذي يختلط بالحصى ليجعلها متماسكة جدا وتزيد شدتها و صلابتها كلما مر عليها الوقت ، و سبب تسمية "الرّق" بهذا الإسم كونها مشتقة من صفة "الرقيق" و هي الحصى و الرمال الرقيقة الحجم و التي كانت تستعمل للبناء ، و قد أوردت في الصورة المرفقة أسفل المقال صورة حصى 'الرق' .
أما كلمة "منشور" فهي كلمة مشتقة من "نشر -ينشر- نشرا" أي شيئ يعرض ليراه و يطلع عليه الجميع ، فمثلا نقول "النشرة الإخبارية" أي عرض الاخبار ليطلع عليها جميع الناس ..فالكلمة اقرب للدلالة على العرض .
في رق منشور = في رق معروض
وبالتالي فإن آية "في رق منشور" تعني أن الكتابة كتبت على شيى تم صنعه من الرق (الرمل و الحصى) و كتبت عليه الكتابة منشورة ...وعندما نبحث فيما اسماه الغرب المعابد المصرية نجد آلاف الكتابات تنتشر في بيوت و جدران ، من مكونات بناءها هو الإعتماد على الحصى و الرمل الذي هو نفسه "الرق" ، بحيث تجد البنايات جدرانها بشكل واضح يميل إلى لون الرملي والمصفر نوعا ما ، فهو واضح أنها بنيت واستعمل فيها الرق (الحصى والرمل الرقيق) .
فهل الكتاب المكتوب بشكل أسطر على الجدران و التي استعمل فيه الرق لبناءها هي نفسها الكتابة التي سماها الغرب هيروغليفية و حرّف منطوقها و قراءتها العربية ؟ نعم .
الخلاصة :
عندما يذكر لك القرآن كتابات مكتوبة بشكل أسطر و يذكر أنها كتابات منشورة و معروضة على جدران بنيت بالرّق ، و عندما تذهب إلى مصر التي ذكرت في القرآن 5 مرات واقام فيها الانبياء و تجدها تحوي آلاف الكتابات مكتوبة على جدران بيوت بنيت بالرق ، وعندما تجد الغرب يحاول ان يطمس تلك الكتابات بترجمة مزورة و محرّفة .. فأكيد أن تلك الكتابات هي الكتابات التي يتحدث عنها القرآن و دائما مايدعوا المسلم للرجوع إليها و قراءة مكنونها .
[وَإِن مِّن قَرۡیَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِكُوهَا قَبۡلَ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۚ كَانَ ذَلِكَ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورࣰا][سورة الإسراء 58]
[ٱلنَّبِیُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَ ٰجُهُۥۤ أُمَّهَـٰتُهُمۡۗ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ إِلَّاۤ أَن تَفۡعَلُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَوۡلِیَاۤئكُم مَّعۡرُوفࣰاۚ كَانَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡكِتَابِ مَسۡطُورࣰا] (سورة الأحزاب 6)
الكتاب مسطورا = هو نفسه الكتاب الذي كتب بانتظام و بشكل أسطر .
القرآن عندما يذكر لك أنّ معلوماته موجودة في الكتاب المسطور ، فلأنّه نفسه القرآن مكتوب أيضا على تلك الكتابات و يمكننا قراءته إن ترجمنا تلك الكتابات بقراءة عربية صحيحة .
[نۤۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا یَسۡطُرُونَ](سورة القلم 1)
الله أقسم بالقلم و ما سطروه ، و هو نفسه ماتجده في الكتابات الضخمة التي حرفوا منطوقها و سموها هيروغليفية ، بحيث جلها كتبت مابين السطور .
لذلك الكافرون بالكتاب وءاياته سيكفرون بها ، و القرءان دلّنا و تنبأ بهم على أنهم سيقولون "أساطير الأولين" كدليل على وصف أن الكتابة كتبت بشكل أسطر (أساطير = جمع الجموع لكلمة "سطر) .. استمع :[ وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا قَالُوا۟ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَاۤءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَـٰذَاۤ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ ] الأنفال .
بل عندما ينقلها لهم ليريهم معنى قراءتها ، سيقولون بأنها كتابات الأولين تملى عليه بكرة و أصيلا و ليست كتابة انزلت من عند الله :[ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَیۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَ فَقَدۡ جَاۤءُو ظُلۡمࣰا وَزُورࣰا - وَقَالُوۤا۟ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِیَ تُمۡلَى عَلَیۡهِ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلࣰا - قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِی یَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِی السَّمَاوَ اتِ وَالۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا ] الفرقان .
[الۤر تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ المبين - إنا أَنزَلۡنَاهُ قُرۡءانًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ](سورة يوسف 1 - 2)
الكتابات المصرية التي أسماها الغرب الهيروغليفية (الكتابة المقدسة) ، و التي تمثل 90٪ من آثار العالم بعشرات الآلاف من الكتابات و التي ترجموها خطئا و تحريفا هي نفسها الكتابة التي يدعونا الله إليها ومنها خرج القرآن الذي هو نبوءة هذا الزمان ...كتابات قراءتها عربية مبينة و ليست محرفة كما عوّجها الغرب بقراءة اعجمية محرفة و جعلها تتحدث عن عوالم و شخصيات وهمية ... كتابة لم تسبقها أي كتابة في الأرض فهي أول كتابة انزلها الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق