من هم الجن ؟ -الجزء الثاني-
تناولنا في الجزء الأوّل توطئة لموضوع "الجن" ، وقسمناه إلى طرح معطيات حول هذا المخلوق من الناحية العلمية و الموروث الشعبي و ختمناها بالقرآن ..وذكرنا أنّ الجن كإسم يقصد بها كائنات محصّلة .
لو نبحث في علم الكائنات الدقيقة نجد علم مستقل بذاته "الميكروسكوب" ، هذا العلم يدرس كائنات دقيقة جدا ولايمكن رؤيتها بالعين المجردة ، لها غذائها و لها مناخها الذي تعيش فيه و لها دورها في الحياة تحتوي هذه الكائنات على حمض نووي وراثي وتتكاثر فيما بينها ،منها ماهو صالح ومفيد للطبيعة والحياة و منها ماهو مفسد يسبب الامراض و الأوبئة ...كائنات كثيرة جدا تحيط بنا إبتداءا من الذبذبات الصوتية إلى الجزيئات إلى الذرّات إلى الإلكترونات إلى الميكروبات إلى الفيروسات.. كلٌ له دوره ومنطقه وعلمه سواءا داخل جسم الإنسان او لدى الحيوان او المحيط الطبيعي ...فأنت عندما ترسل رسالة او فيديو او تتصل بصديقك فهناك ذبذبات فُهِم منطقها وعلمها وروِّضت حتى أصبحت "خادم رابط" او "خادم اتصال" تنقل البيانات و تحصّل لك ماتريد ...انت عندما تمرض بالحمى فإنّك تعرّضت إلى مسٍّ فيروسي دخل جسمك وسبب لك المرض ، أنت عندما تحصد محصول ثمارك فهناك غازات وضوء و كائنات ساعدت الشجرة على النبوت وإنتاج محصولها ...المختصر هو انه هناك عدة كائنات فيزيائية و كيميائية و عضوية لها دورها في التكوين و التحصيل لعدة اشياء في الحياة .
ننتقل للتفصيل اكثر من خلال القرآن ..
نتناول سورة الجن :
[وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالࣱ مِّنَ ٱلۡإِنسِ یَعُوذُونَ بِرِجَالࣲ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقࣰا](سورة الجن 6)
معنى "التعوذ" هو "التحصّن" إستنادا لاستنباط معنى الكلمة من القرآن :
[وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ اللّه إنّه ربي أحسن مثواي إنّه لايفلح الظالـمون](الآية 23 -يوسف-)
"معاذُ الله" من خلال الآية هو "حصن الله" ، أي أنّ يوسف تحصّن بالله في امتناعه عنها .
[قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنّا إذا لظالمون] (الآية 79 -يوسف-) ،
و معنى الآية هو في رد يوسف عليه السلام على إخوته عند اقتراحهم أن يأخذ أحدهم بدل اخيهم الذي وجد الصواع في رحاله ، فكان رد يوسف عليهم بأنهم "محصنون بالله" أن لايأخذوا إلا من وجدو متاعهم عنده ، و بمعنى أدق اوصل فكرة أنّهم محصّنون بتطبيق القانون و عدم الظلم ، ولايمكنهم ان يخالفو القانون ...فعبارة "معاذ الله" تعني "حصن الله" .
[وأنّي عذت بربي وربّكم أن ترجمون] (الآية 20-الدخان-) ..ومعنى تعوذ موسى عليه السلام هنا هو أنه قال بأنه محصّن بالله إن حاولوا أم يرجموه .
[قالت إنّي أعوذ بالرّحمان منك إن كنت تقيّا] (الآية 18 -مريم-) ..ومعنى الآية أنّ مريم عليها السلام تحصّنت بالرحمان من الرسول الذي جاءها ، حيث قد هددته و نبهته بأنها محصنة بالله منه إن كان تقيا ويعرف معنى العبد المتحصن باللّه ، وبالتالي فإنّها أعطته تحذيرا بأنها محصّنة بالرحمان إن كان من المتقين الذين يعرفون قيمة التحصن بالله.
[قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين] (الآية 76-البقرة) .... أي أنّ موسى قال لهم أتحصّن بالله ولايمكن أن يكون من الجاهلين .
من خلال الآيات السابقة نستنتج أن معنى التعوذ هو التحصّن على الصياغ التالي :
أعوذ = أتحصّن .
يعوذون = يتحصّنون .
عذت = تحصّنت .
معاذ = حِصْن .
استَعِذ = تَحَصَّن .
نعود للآية السابقة لإستخراج و تبيان من هم الجن على حسب اتباعنا لمنظور اثبات أنهم الكائنات الدقيقة بمختلف انواعها ..
[وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالࣱ مِّنَ ٱلۡإِنسِ یَعُوذُونَ بِرِجَالࣲ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقࣰا](سورة الجن 6)
إذا عرفنا أن معنى التعوذ هو التحصن ، فبالتالي الجن هنا تقول أن هناك رجال من الإنس كانت تتحصّن برجال من الجن لكنهم زادوهم رهقا وضعفا .. وذكر الرجال دون بقية الاصناف دليل على أنّهم كلاهما من الرّجال ومع ذلك زادوهم رهقا وضعفا ...فكلمة الرجال هنا وضعت هنا للابيان و للدلالة على موضع القوة .
قبل التطرق لموضوع تحصن الجن من الإنس الاي ذكرت في سورة الجن ينبغي الإشارة ، إلى أن الرسول لم يستمع مباشرة للجن ، إنّما أوحي إليه أنه استمع نفر من الجن ..لاحظ جيدا الآية الاولى من سورة الجن : [قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنّا سمعنا قرءانا عجبا] ..لاحظ الرسول لم يخاطبه القرآن بأن يقول (قل أنه استمع إلي نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا) بل أوحي إليه ، لأنه لايستطيع ان يستمع إليهم فهم كائنات مجهرية لها منطق و علم خاص في معرفة طريقة تواصلها .
البعض سيقول كيف لكائنات مجهرية أن تنطق ، المقصود بالنطق ليس الكلام و تحريك اللسان ، المقصود بالمنطق هو طريقة تواصل تلك الكائنات ، فالله في القرآن الكريم يخبرنا أنه انطق كل شيئ حتى خلايا الجسد لها منطقها الخاص ..
[وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيئ خلقه وهو خلقكم أوّل مرة وإليه ترجعون] (الآية 21-فصلت) ..لاحظ جيدا الآية ماذا تقول ؟ أنطق كل شيئ خلقه ..الله خلق لكل شيى منطقه لكن حاليا نحن لانملك علم ذلك لأننا أميون و عندما نصل لذلك العلم سنفقه منطق الطير و منطق النمل الذي تعلمه سليمان ...لذلك لا داعي لتصغير العقول وتحجيرها وعدم تقبل ان للكائنات الدقيقة منطق ، فالعلم واسع وكبير جدا ..والراسخون في العلم من علماء الفيزياء و الكيمياء والميكروسكوب هم من يمكنهم الوصول لعلم الذرة و الجزيئ و الميكروب وباقي الكائنات المجهرية ،فعالم الفيزياء هو الذي يبحث ويتوصل بمعادلاته وقواعده الفيزيائية لترويض الذبذبات مثلا ، فنحن لم نكن نستطيع أن ننقل صوتنا وصورنا بالهواتف في رمشة عين لولا فهم العلماء لمعدلات ترويض الذبذبات ..نحن حاليا فكرنا محدود لأننا مجرد مستهلكين في هذا العالم .
[ قُل لَّئنِ اجۡتَمَعَتِ الإنسُ وَالجِنُّ عَلَى أن یَأتُوا بِمِثۡلِ هَذا القُرآنِ لَا یَأۡتُونَ بِمِثلِه وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضࣲ ظَهِیرࣰا ] الإسراء
ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .. يعني أن الجن و الإنس في الحالة المجردة العادية لايظهرون لبعضعم البعض.
الآن نرجع لفكرتنا الرئيسية ،كيف يتحصن الإنس عن طريق الجن ؟
ألا يذكركم هذا بزيادة قوّة المناعة و غيرها من الادوية التي تستعمل كمنشطات ومقويات عضلية .
أوّلا نعرّف المناعة ، المناعة هي جهاز مناعي يملكه كل إنسان الهدف منه هو تحصين الجسم وتقويته من أجل عمل خط دفاعي ضد كل الفيروسات أو الميكروبات أو الجراثيم التي تخترقه ... والمناعة ثلاث انواع :
-المناعة الطبيعية : وهي مناعة يمتلكها كل إنسان منذ ولادته أو حتى عندما يكون جنين ، وهي غير متخصصة (عامة) مهمتها الأولى هي الدفاع عن الجسم داخليا ، ولا تختص بالدفاع من هجوم فيروس او ميكروب معين ، فهي شاملة وعامة .
-المناعة المكتسبة : هي مناعة متخصصة ، وتكتسب عن طريق تعرض الإنسان للأمراض، بحيث أن كل مرض يتعرض له الإنسان يتعرف عليه الجسم خلال ثلاث او اربع أيّام ، فينتج الجسم بعدها خلايا مناعية تتعرف على الفيروس او الميكروب وتصبح فيما بعد متخصصة في محاربته..وتختلف المناعة بين الناس على حسب الأمراض و الاجسام الميكروبية التي تعرض لها الإنسان .
-المناعة المكتسبة صناعيا : وهي تعتمد على التطعيم او الحقن وذلك بإعطاء الفرد جرعة اللّقاح وذلك لتحفيز الجسم بإنشاء مناعة مخصصة لمرض معيّن (الكزاز، البوحمرون، الإفلونزا الموسمية،الحصبة..الخ) ...حيث يتم تحضير مستحضرات و مكونات تلك الحقنة عن طريق استخراج فيروسات وجراثيم من حيوانات معينة ، ثمّ يقومون بعدها بإنقاص قدرة وقوّة تلك الفيروسات او الميكروبات وذلك لإضعافها ، عندما يتم تحضير ذلك العيار على شكل لقاحات يتم تطعيمه للشخص الذي يريد التحصل على المناعة من ذلك الفيروس او الميكروب الذي صنع منه ، وعند حقن المتعاطي تنشط في الخلايا تلك الفيروسات فيقوم الجسم بالتعرّف عليها ومن ثمّ ينشأ مناعة مخصصة لها ... يتم إلى اليوم البحث في الكائنات الدقيقة عن فيروسات و ميكروبات من شأنها أن تستعمل في التحصين ضد السرطانات والأمراض المستعصية كمرض الإيدز(نقص المناعة المكتسبة) .
يتحصّن الجسم من الأمراض أيضا عن طريق المضادات الحيوية المركبة، وهي التي تعتمد على الإحاطة إضعاف الفيروسات او الميكروبات داخل الخلايا ومنعها من النمو ، كي تتيح الفرصة للدواء العلاجي من اجل القضاء عليها ...وكلها تسبب أعراض جانبية ...تستخرج المضادات الحيوية من كائنات حية كالفطريات المخمّرة أو المعفنة وعدة مواد على حسب كل مضاد حيوي .
وكما ذكرنا سابقا فإن القرآن و بحسب ماتوصلنا له يصنف انواع الكائنات الدقيقة المجهرية بصنف "الجن" ، وإذا عرفنا أن الفيروسات و الميكروبات و الجراثيم والبكتيريا هي نوع من الكائنات الدقيقة ، فهي كذلك نوع من الجن ... و المضادات الحيوية و الحقن التطعيمية التي تستعمل كأدوية تحصين لمناعة مكتسبة هي كذلك عبارة عن كائنات دقيقة تعيش في الجسم و لها دور الدفاع عن الجسم بحيث تعتبر و كأنها جدار حماية .
لكن المشكلة في المناعة المكتسبة الصناعية أنها مناعة غير طبيعية ، بحيث انها تدافع عن الجسم لكن بالمقابل تضعف خاصيته في تكوين جداره الدفاعي طبيعيا ، وهو مايرهق ويضعف الجسم و يجعله رهين الأدوية بل ويخلق لنفسه أمراض جديدة هو في غنى عنها .
إذا من كل هذا نستنتج ، أنّ الجن قد اعترفت من خلال القرآن أنّ هناك رجال من الإنس تستعمل المحصّنات من أجل تقوية وتحصين جسمها ..لكن في النهاية لاتزيد الجسم ألا رهقا وضعفا ..وهو بالفعل مانشهده من الأمراض و السرطانات التي تنشأ كل يوم وتقتل الملايين ...بل أنّ الأجسام أصبحت لا تستطيع أن تكون جدار حمايتها طبيعيا نظرا لكونها ضعفت واصبحت إتكالية على المحاليل و التطعيم الذي أصبح ملاصقا و ملازما للناس منذ ولادتهم بل وحتى الولد وهو في بطن أمه تاخذ أمه إبرة مناعية ...نتساءل نحن كيف كانت الناس تعيش قبل دخول واستعمال هذه الحقن التي تدعي أنها تكسب الجسم المناعة !؟
الآن سأعطيكم نظرة عن كيفية عمل انواع الجن المناعية ، ونذكر منها الدفانات التي تستخلص من سموم الافاعي و العناكب و العقارب ويتم استخلاص مواد من سمومها لدوذلك لاستعمالها كأجسام دفاعية او عجومية او تدميرية لبعض الخلايا ، فيما تعتبر الخلايا اللمفاوية البائية و التائية هي من اهم الخلايا التي يتم تحصيلها في الجسم ، ويكونها الجسم ياإما طبيعيا جراء تعرضه للعدوى او مرض معين حيث بعض تعرف الجسم على الميكروب او الفيروس الذي هاجم الحسم يكون خلايا تتتعرف على الفيروس و تحفظه في ذاكرتها وتتمكن من انتاج المضادات التي تهاجمه و تمنعه من دخول الجسم مرة اخرى بحيث تحتاح هذه العملية أياما بحسب فعالية الجسم في انتاج مناعته ... فيما الطريقة التي يتم اعتمادها اليوم والتي هي المناعة المكتسبة الصناعية ، بحيث يتم اعطاء المريض جرعة لقاحات تحتوي على الفيروسات و الميكروبات و الجراثيم التي يمكن ان تصيب الجسم خلال حياته ، وبحيث يتم تضعيفها والانقاص من مردوديتها كي لاتؤثر على الجسم بجرعات مفرطة يمكن ان تسبب له مشاكل ، فعندنا يتعرف عليها الجسم يشكل ذاكرة خلايا تتعرف على الفيروس الضعيف الذي استطعمه الجسم وتصبح تنتج فيما بعد مضادات دفاعية لأي فيروس ينتمي لنفس السلالة التي تحصن منها .
هذا الكلام سيجعلنا نرجع للمقال السابق التي تحدثنا فيه عن كون الجن هم كائنات مُحصّلة ، وهو بالفعل مانراه في الخلايا اللمفاوية والديفانات التي هي محصلات مضادات مناعية ، و بنفس ماذكرت الآية التي نحن بصدد معالجتها فإن الخلايا اللمفاوية التائية و البائية التي هي نوع من الجن لها ميزة تحصين الجسم ، سواءا التي تنتح طبيعيا بمناعة مكتسبة طبيعيا او الاخرى التي تنتج بمناعة صناعية .
الآن سنعطي لمحة مختصرة عن هذه الكائنات الحية التي هي نوع من الجن ، وطريقة عملها التي تشبه عمل الجيش في الدفاع :
- تكون البلاعم الكبرى أول من يكتشف وجود أنتيجين في الدم فتقوم بإبلاغ الخلايا التائية المساعدة.
- تقوم الخلايا التائية المساعدة بإرسال إشارات كيميائية لإبلاغ الخلايا البائية والخلايا التائية القاتلة.
- تبدأ الخلايا بي (الخلايا البائية) بإنتاج الأجسام المضادة.
- تقوم الخلايا التائية القاتلة بالهجوم المباشر وإفراز السموم ضد الأنتيجينات.
- بعد القضاء على الأنتيجين تقوم خلية تي منظمة بكبت عمل الخلايا المقاومة حتي لا تهاجم خلايا الجسم نفسه، وتنظم نظام المناعة.
- بعد ذلك تتحول بعض خلايا تي التي اشتركت في مقاومة مستضد إلى خلية تي ذاكرة ؛ حيث تتعرف بسرعة على المستضد إذا أصاب الجسم مرة أخرى وتعمل على مقاومته على الفور - بقضل ذاكرتها.
هل لاحظتم من خلال آلية عملها أنها كائنات لها منطقها وتعاملها فيما بينها ، هذا مثال مبسط عن نوع من انواع الجن المجهري ، دون أن ننسى المنشطات و المقويات التي تأخذ اليوم لزيادة هرمونات النمو و النشاط للجسم و التي لها مضاعفات خطيرة على الجسم ، الآن فقط سيستقيم الفكر الذي جعلنا نظن ان الناس قديما لم يكن لها وعي بالطب و الهرمونات و بالجراثيم و الفيروسات ، بل الحقيقة انه كانت تعرف الفيروسات و الميكروبات و المشكل هو انه مشكل مفاهيم فقط ، فنحن اليوم طُمست علومنا القديمة و تغيرت المفاهيم لصالح مايسمى المصطلحات العلمية ، فيما الناس قديما كانت تصنفها وتسميها بحسب تعريف القرآن بكونها نوع من انواع الجن .
• الجن استكثرت عن طريق الإنس ؟
(وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِیَاۤؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضࣲ وَبَلَغۡنَاۤ أَجَلَنَا ٱلَّذِیۤ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ)
[سورة الأنعام 128]
هنا في يوم القيامة ، اليوم الذي ذكرنا سابقا انه يوم يعود فيه الإنسان إلى قوامته الطبيعية ، فبمثل ماسيستمع لخلايا الأيدي كما ذكر بأنهم سيشهدون بالنطق الذي أنطق الله به كل شيئ ، سيتمكن الجن أيضا من الإتصال و التواصل بطبيعة الحال لأننا سنفهم منطقهم .
الآية تذكر بأن الله سيقول بأن الجن استكثروا من الإنس ، ومعنى "استكثروا" هو ازدادوا عددا وتعدادا .. وهو مانشهده حقا اليوم سواءا بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، فهناك العديد من المختبرات التي تنشط في مجال الميكروسكوب وتوجد المئات من الأدوية التي اخترعت بناءا على إستخلاصها من الكائنات الحية الدقيقة ، ليس في المجال الطبي فقط إنما أيضا في المجال الكيميائي فالكيمياء الحيوية هدفها دراسة خلايا الكائنات الدقيقة وتفاعلاتها واستحلاص طريقة تكاثرها وكل ذلك يتم لأجل استخدامها في مجالات الحياة سواءا بطريقة إيجابية او سلبية، فاستخلاص هرمون التستوستيرون الذي يزيد في نسبة الذكورة و النشاط للرجال استخلصه باحثوا العلوم الدقيقة من أجل استعماله للإستقواء بشريا ، قد يكون بالنسبة للذين استمتعوا و استفادوا منه شيئ جيد ، لكنه في المقابل سلبياته كبيرة جدا فهو صناعي و يتم إعطاءه للجسم بطريقة غير طبيعية و بجرعات زائدة عن اللزوم مما يسبب الكثير من الأعراض الخطيرة ، و التي تصل أعراض تعاطيه صناعيا حد العقم وضمور الخصيتان لأنها تفقد مهمتهما الطبيعية في إنتاج هذا الهرمون طبيعيا ، فهم عندما انتجوا هذا الهرمون "التيتوستورين" واستخلصوه و اكتشفوا أن دوره في الجسم هو زيادة النشاط و القوة ، قد جعلوا الجسم يفقد نشاطه الطبيعي ، فالخصية للذكور مثلا تفقد دورها في انتاج هذا الهرمون لأن الجسم قد تلقاه صناعيا عن طريق اللقاح و الأدوية ، وبالتالي فإن الخصية تفقد دورها الطبيعي في انتاجه مما يجعلها مع الوقت تضمر و تفقد قوتها بل وحتى تموت ويصبح الإنسان عقيم ، وهو ماحدث فعليا للكثير من الناس الذين تعاطو جرعات من الأدوية المحفزة لهذا الهرمون وأصيبوا في النهاية بالعقم ... وبحسب الآية فإن الجن قد استكثروا و ازدادوا عن طريق الإنس ، و استمتع بهم الإنس جراء استعمالهم في زيادة قوته وتحصنه كما ان الجن استمتعوا أيضا بسكونهم داخل جسم الإنسان وازدياد تكاثرهم ، لكن استكثارهم و اعتمادهم على بعضهم لن يزيدهم إلا رهقا ، لذلك لو ترجع للآية التي تناولناها سابقا في سورة الجن تجدها تذكر بأن هناك من الإنس من كانو يستحصنون بالجن فلم يزيدوهم إلا رهقا .
• الجن يوجد منهم الصالحون و يوجد منهم دون ذلك ، وهناك أنواع منهم غددية ؟
[وإنّا منّا الصالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا] الجن
هنا الجن عندما عرّفوا أنفسهم ، ظهر ان منهم الصالحون و منهم دون ذلك ..وهو بالفعل مانعرفه في مجال الكائنات المجهرية ، فهناك مثلا البكتيريا محمودة و الصالحة للجسم بمثل ماهناك فيروسات قاتلة ومسببة للأمراض .
أما المقصود بـ "كنا طرائق قددا" فهو تبيان أن هناك منهم انواع قددية ، و القدد هي الغدد ، وهي من منشأ للكثير من الهرمونات التي يفرزها الجسم ...فالغدد الصماء في الجسم لها دور إفراز و إنتاج العديد من الهرمونات المختلفة التي بدورها تقوم بوظائف ونشاطات متعددة ، نذكر منها وظائف إفراز هرمونات النمو ، المزاج ، الأيض ... فكل هرمون يُفرز في الدم له دور يؤديه داخل الجسم ، ولكم واسع النظر في علم الغدد الصماء الذي هو علم منفرد بذاته يقوم بدراسة عمل هذه الغدد من إفرازات في الجسم .
في هذا الجزء تناولنا أنواع محددة من الجن ،الجزء القادم سنتحدث عن أنواع أخرى بحسب تعريف الآيات المتبقية في القرآن .
.
.
.
.
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق