الاثنين، 5 أكتوبر 2020

علم التسبيح ج1

-المنطق علم للتسبيح وليس آداة تقييد -

نحن قبل أن تدخلنا آلة وماكينة مايسمى الثورة الصّناعية ، هل كنت سترى قبلها المنطقية في طرح فكرة أنّ "الإنسان سيتمكن يوما ما من الإتصال بصديق يبعد عنه آلاف الكيلومترات بصورة وصوت و بإستعمال لوحة بلاستيكية" ...أعتقد أنّ هذا التصوّر لو كان قديما موجود سيتم التعامل معه وفق خصائص كل مجتمع و ميزانه الفكري ، هناك من سيسمي صاحب التصوّر بالمجنون ،وهناك من يسمّيه بالمراهق أو الولد الحالم ، وهناك مجتمع ممكن أن يشجّع صاحب الفكرة .

السبب في التجاوب السلبي مع التصوّر السابق هو  "المنطق" ، نعم ، المنطق أكبر عدو للإنسان والتفكير و السبب هو تحريف معناه ... لا أريد أن أدخل في تعريفات أكاديمية لكنّي سآخذ تعريفه الراسخ لدى المجتمع بصفة عامة ،فالمجتمع يرى المنطق بأنّه ذلك التفكير أو التصوّر الذي يجب أن يكون متكيّف مع الواقع و الحقيقة ... فيما يرى الواقع و الحقيقة وفق حيّز المجتمع و البيئة التي يعيش فيها ... وبالتالي هو يخلط بين واقعه المعاش و الحقيقة المغيّبة التي يجب عليه التفسّح لإيجادها وتطوير ذاته وتسهيل معيشته .

التعريف الصحيح للمنطق ؟

المنطق ليس قاعدة أو أسلوب أو أداة ، المنطق هو علم مستقل بذاته يعني بفهم نطق ونظام كل الكائنات الحيّة و الكون والبحث في سبيل تسخيرها و التواصل معها ، لكن الكتب و الموجة الفكرية التي تعني بالفلسفة حرّفت المعنى على أنّه قاعدة و اسلوب يحدد حدود التفكير .

المنطق = ينطق = نطق .

المنطق هو علم يعني بمعرفة طريقة نطق كل الكائنات الحيّة المتواجدة في الكون ، فكل الكائنات لها نطقها الخاص على حسب تكيّفها وتواصلها مع المجتمع سواءا عن طريق الكلام أو الإيحاءات او التفاعل ووسيلة التواصل الخاصة بنظام خلقها ، ونحن مهمتنا تعلم طريقة تواصلها (منطقها) لتسخيرها لنا .

القرآن هو ذكر لدينا نحن المسلمين يدعونا إلى تسخير خلق الله في آيات كثيرة ، بل ويشير إلى أن كل شيئ له منطقه و نبوءة قصّة سليمان هي أكبر دليل على وجود عالم متطور لايمكن الوصول إليه إلا عن طريق الخلق الطبيعي المسخّر .

(وقالوا لِجلُودهم لم شَهدتم عَلیۡنَا قالُوا أَنطقنَا اللّه الذِي أَنطقَ كل شَیۡء وَهو خلَقكُم أَوّلَ مَرّة وَإِلَیهِ ترۡجعون)[سورة فصلت 21] .
لاحظ القرآن يشير هنا أنّه حتى خلايا جلودنا لها منطقها الذي تنطق به ، و الآية تشير بخطاب شديد الصّراحة و الوضوح إلى أنّ اللّه أنطق كل شيئ ..كل بمنطقه الخاص الذي يجب عليك الوصول له .
(وسَخّرَ لَكم مَّا فِی السَّمَـاوَ ات وَمَا فِی الأَرۡضِ جَمِیعࣰا منه إِنّ فِی ذلك لأیَات لّقوم یَتَفَكرُونَ)[سورة الجاثية 13]
القوم الذي يتفكّرون ويستخدمون تفكيرهم يمكنهم التوّصل للدلائل التي تمكّنهم من تسخير ماسخره الله لنا في السماوات والأرض جميعا ومعرفة منطق كل شيئ.

في قصة سليمان وجود عدّة آيات واضحة تشير إلى أنّه تمكّن من الوصول إلى المنطق الطير و النمل بل و الجن و الرياح .... والبعض من أصحاب الموجة المسمّاة موجة التنوير أصبحوا يعانون من نفس الإعاقة التي ذكرناها في التمهيد  ، وكله بسبب التكنولوجيا الآلية التي سكّرت أبصارهم ، حتى أنّهم وصلوا لفكرة تشويه الآية بتفسيرها على أن النمل هو أناس سود أو صينيين و أن الطير هم مجموعة بشر ، المهم لديهم هو تحوير الآية لجعلها تتطابق مع الفكر المغلق الذي أحاط بهم .

سليمان عليه السّلام عندما قال "عُلِّمنا منطق الطير" ، فهو تعلّم منطق تواصل الطير ، و الطير له طريقة نطقه الخاص التي يجب على الإنسان تعلّمها من أجل تسخيرها كما سخّرها سليمان ..لكن المشكل اليوم أن النّاس يتم تصديتهم نحو هذا السبيل إلى علوم صمّاء آلية ومبرمجة ، فيتعلّم لغة البرمجيات الرقمية ويتفسّح فيها بمقابل فرضية إدخّار العلم لفهم برمجية علوم منطق الطير أو أي كائن حي آخر وفق نظامه لتسخيره .

التسبيح القولي الذي بُرمجنا عليه لايمثّل كل التسبيح الفعلي الذي نحن مطالبين به حقيقةً ، فكلمة التسبيح هي كلمة مصدرها "السِّباحة" و المقصود بها هي تعلّم التكيّف مع الكون بمعرفة منطق كل شيئ فيه لتسخيره لنا ويكون ذلك عن طريق التطهّر من الفساد و النقاء التام والتفكير العلمي المبني على دراسة خلق الله ... التسبيح القولي مفيد ونحن عندما نقول "سُبحان الله" فنحن نقصد أن كُل شيئ مسخّر في هذا الكون هو للّه و يسْبح للّه لخدمة بعضه البعض وفق نظام متكامل من صنع الله الذي أحسن كل شيئٍ خلقه ... فعلم المنطق هو نفسه علم التسبيح الذي يحوي علم معرفة ودراسة نظام نطق كل شيئ من أجل تسخيره طبيعيا ،دون الأنداد التي جُعِلت اليوم آلات ندا للخلق الطبيعي والتي إثمها على الطبيعة والبشرية أكثر من نفعها .

(قال ربِّ اغفِر لِی وَهَب لِی مُلكا لا یَنبغی لِأَحَد من بَعۡدِی إِنَّك أَنتَ الوَهَاب)[سورة ص 35]
هناك من يتفاعل مع هذه الآية على كونها تفسّر أن سليمان دعى الله بأن لا يؤتي الناس ماامتلكه ، لكن هذا تفسير خاطئ ، فالله لايمكن أن يمنع فضله عن الناس ولا يمكن لنبي أن يتمنى زوال النعمة على الناس .

الذي طلبه سليمان هو الملك الذي لا يمكن أن يمتلكه أحد من بعده ، وضع أربعة أسطر على كلمة "ملك" و على كلمة "لأحد" ، أي المقصود أن يُأتى بإمتلاك مُلك لايمكن لأحد أن يصل لحجمه ، فهو أوتي جيش عظيم يعمل لخدمة وأوامر شخص واحد .. وهذا لا يعني أن الناس لايمكنها أن تصل لذلك العلم الذي امتلكه ومكنه من تسخير ماسُخِّر له ...مثلا شخص يدعوا بأن يعطيه اللّه ثروة ترليون دولار لايتمكن شخص آخر من بعده من تحصيلها ، فهذا لايعني أن المجتمع الذي بعده لايتمكن من تحصيلها إنما المقصود هو أن لايتمكن شخص بعده من امتلاكها لوحده .

لـكن هناك كِتاب ذُكر أنّه فيه علم ، تمكّن من خلاله أحد الذين اوتو البعض من علمه من اقتراح جلب عرش كامل في طرفة عين ، فهل هو نفسه الكتاب الذي فيه من العلوم ما نتمكن من خلاله من معرفة قواعد تسخير الطبيعة ومنطق كل شيئ ؟
(قال الذِی عِندَهُ علم منَ الكتابِ أنا ءاتِیكَ بِهِ قَبلَ أَن یَرتَد إِلَیۡكَ طَرۡفُكَ فلمّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبلوَنی ءأَشكُر أَم أَكفر وَمَن شكر فَإِنمَا یَشكر لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِن ربّي غَنِی كریم)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق