- ماهي صحف إبراهيم و موسى ، و لماذا يلح القرآن على ذكرها -
جلنا نتعامل مع آيات القرآن دون واقعية والسبب في ذلك أننا نتبنى أفكار أسقطت على مفهوم خطاب القرآن فجعلته ميت دون أي معنى ، حتى و إن حاول البعض المراوغة بعواطفه لكن أنا اقول الحقيقة ، جميع المسلمين يقولون بأفواههم أن القرآن هو سبيل النجاة و الرحمة للمؤمنين لكنهم عندما يتوجهون لتدارسه و قراءته لايجدون أي شيئ جديد يمكن أن يقدموه ، لايجدون أي أفكار من شأنها ان تغير الواقع و التاريخ ... والسبب في كل هذا الإحباط ليس في القرآن بحد ذاته إنما المشكل في من يتعامل مع القرآن ، مشكلة قارئ القرآن أنه يتعامل مع مصادر وكتب يقدسها لدرجة أنه عندما يقرأ القرآن يقرأه و افكار تلك الكتب تدور بين عينيه ، المشكلة الثانية هي أن المسلم يخاف إن لم نقل يعجز عن طرح الأسئلة المنطقية التي تتسرب إلى ذهنه و السبب هو خوفه من مجتمعه ومحيطه و خوفه من مخالفة افكار تلك الكتب التي يقدسها تقريبا بنفس درجة تقديسه للقرآن .
الآن نحن بصدد طرح أسئلة منطقية ، وهي لماذا يذكر لنا اللّه في القرآن صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام ...
أنا و أنت كمسلمان نؤمن أشد الإيمان أنه صحف إبراهيم و موسى هي حق و ملك الإسلام و الدليل هو أن قرءاننا ذكرها .. لكن لو يأتيك واحد يهودي أو مسيحي فاليهودي سيقول لك أن إبراهيم كان يهودي و يأتيك المسيحي بنفس الفكرة فهل ستتلوا عليه آيات القرآن وتقول له أن إبراهيم وموسى كانا مسلمان ، أكيد أنه لن يقبل بكلامك فهو بالأصل لايؤمن بالقرآن بل و سيأتيانك بكلام من كتابهما العهد القديم و الجديد وسيذكران لك أنّ إبراهيم وموسى كانا يعتنقان نفس معتقديهما .
[مَا كانَ إِبراهِیمُ یَهُودِیࣰّا وَلا نَصرَانِیࣰّا وَلكِن كَانَ حَنِیفا مُسلِمࣰا وَما كَانَ مِنَ المُشرِكِینَ]
(سورة آل عمران 67)
الآية بالنسبة لنا نحن المسلمين واضحة و هي أن قرءاننا يرفض بشكل قاطع مايسمى الديانات الإبراهمية ، و أنه لايعترف إلا بدين واحد إعتنقه إبراهيم وهو الإسلام ، و بالتالي فإن كتاب العهد القديم و العهد الجديد اللذان يذكران تقمص إبراهيم للمعتقد النصراني أو اليهودي هما كتابان كاذبان و لايعترف بهما القرآن .
أكيد أن اليهودي و المسيحي سيرفض هذا الكلام و سيطالبك بالدليل على أن إبراهيم كان مسلم فكيف نثبت له ذلك ؟
نحن عندما نريد إثبات شيئ يخص شخص معيّن فأكيد أن الدليل الذي سنقدمه بشأن ذلك الشخص يجب أن يكون متعلق بذلك الشخص .. فمثلا أنت لو كان جدك الأوّل مسلم ويأتيك شخصان يدعيان أنه كان مسيحيا و يهوديا فأكيد أنهما لن يقبلا بكلامك وحده على أنه الدليل ، إنما سيطلبان منك بيّنة و دليل ملموس يمكن تصديقه ، فأنت ستقدم لهم مثلا صورة لجدك و هو يصلي او صورة لجدك و هو يقرأ القرآن أو تعطيهما دفتر مذكرات جدك الذي يقول فيه أنه كان مسلم و يذكر فيه بعض آيات القرآن ، بمعنى تعطيهما أي أثر يثبت به أن جدك كان مسلم ... فهل يملك القرآن أي دليل أو أثر يثبت به أن إبراهيم عليه السلام كان مسلم ؟ نتابع ..
[ أفرأيت الذي تولى • وأعطى قليلا و أكدى • أعنده علم الغيب فهو يرى • أم لم ينبأ بما في صحف موسى • و إبراهيم الذي وفى • ألا تزر وازرة وزر أخرى • و أن ليس للإنسان إلاّ ماسعى • و أنّ سعيه سوف يرى • ثم يجزاه الجزاء الأوفى • وأنّه إلى ربّك المنتهى • و أنّه أضحك و أبكى • وأنّه هو أمات و أحيى • وأنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى • من نطفة إذ تمنى • و أنّ عليه النشأة الأخرى • وأنّه أهلك عادا الأولى • وثمودا فما أبقى • و قوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم و أطغى • والمؤتفكة أهوى • فغشّاها ما غشى ](سورة النجم 33 - 54) .
الآية تذكر شخص تولى بمعنى تراجع واعطى القليل و أخفى الكثير ، هذا الشخص يفضحه القرآن بصيغة التساؤل ، كمثال شخص تعطيه أمانة معينة ثم ينكرها و ينفيها و أنت تذكره "ألم أعطك حقيبتي التي فيها نقودي و جواز سفري و صوري التي انا متصور فيها على البحر ووو" .
فهكذا هذا الشخص هو يملك صحف موسى و إبراهيم والقرآن يذكره بما هو مكتوب فيها من كلام كتبه إبراهيم وموسى في تلك الصحف ،بالقول "ألم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى " ، فالقرآن يذكر أن إبراهيم و موسى عليهما السلام كان مكتوبا في صحفهما أن لا تزر وازرة وزر أخرى و أن ليس للإنسان إلا ماسعى و أن سعي الإنسان سوف يرى و أن إلى الله المنتهى وأنه خلق الزوجين و أنه اهلك القرون الاولى اقوام نوح و عاد و المؤتفكة ...وبالتالي فصحفهما كانت تملك معلومات تشير أنهما مسلمان .
التفسيرات المتوارثة تذكر بأن صحف إبراهيم هي كتاب سماوي ، و أن صحف موسى هي الألواح وأنها هي التوراة ؟ وهذا تناقض صارخ وواضح في تلك التفاسير فالصحف التي ذكرت هنا هي صحف لموسى و إبراهيم بنص واضح لايجوز الخروج عليه ، بغض النظر عن ما أنزل على إبراهيم وموسى من اللّه فالآية التي لدينا تذكر صحف أخرى هي صحف ملك لإبراهيم وموسى ، الآية تقول "صحف موسى و إبراهيم الذي وفّى" بمعنى أنها صحف تخص إبراهيم وموسى ذكرا فيها دليلا يثبت أنهما كانا يؤمنان بالله ويعبدانه وهو ماسبق وذكرناه في الآية الفارطة ...
وبالتالي فأكيد أن سيدنا إبراهيم وموسى عليهما السلام كانا قد كتبا شيئا يخص حياتهما، فمستحيل أن لا يكتبا أي شيئ طوال حياتهما ، و الوثائق التي تركاها فيها ذكر على أنّهما كانا يعبدان اللّه وهي عبارة عن صحف كالمذكّرات ، و من دون شك فإنّها صحف مايسمى البردي التي كانت تستعمل قديما للكتابة .
أكيد أن القرآن عندما يلح في وصفه و تذكيره بصحف إبراهيم وموسى و يذكر لنا الكلام الذي كان مكتوبا فيها فهو يشير لنا إلى آثار ووثائق للنبيين و رسولين كانا مسلمين ، بمعنى أن الوثائق تؤكد و تثبت أنهما كانا مسلمان موحدان للّه ، و بالتالي هو يشير لنا إلى دليل واضح نثبت به أنهما كانا مسلمان و لم يكونا لا يهوديان و لانصرانيان ..
[ سبّح اسم ربّك الأعلى • الذي خلق فسوّى • و الذي قدّر فهدى •والذي أخرج المرعى • فجعله غثاءا أحوى • سنقرئك فلا تنسى • إلا ماشاء الله إنّه يعلم الجهر ومايخفى • ونيسّرك لليسرى • فذكّر إن نّفعت الذكرى • سيذكّر من يخشى و يتجنّبها الأشقى • الذي يصلى النّار الكبرى • ثمّ لايموت فيها و لايحيى • قد أفلح من تزكّى • وذكر اسم ربّه فصلّى بل تؤثرون الحياة الدنيا • و الآخرة خير و أبقى • إنّ هذا لفي الصّحف الأولى • صحف إبراهيم وموسى] سورة الأعلى .
السورة هنا تذكر أنّ صحف إبراهيم و موسى هي من الصّحف الأولى ، و قد ذكر فيها نفس المعلومات التي وردت في السورة بأن الله هو الذي خلق وسوّى و أن الآخرة خير من الحياة الدنيا ، بمعنى عام فإنّ كل ماذكرته السورة من معلومات هي نفسها ذكرت في صحف إبراهيم وموسى لتثبت بشكل واضح أن موسى و إبراهيم كانا مسلمان .
الآن عندما نرى إلحاح القرآن على ذكر هذه الصحف ، فإن إيجاد هذه الصحف الأولى و القديمة من شأنه أن يثبت للجميع أنّ إبراهيم وموسى كانا مسلمان و لم يكونا يهوديان ، و أنه لايوجد أديان إبراهيمية إنما يوجد دين واحد آمن به إبراهيم وهو الإسلام ، و أن كتاب العهد القديم و الجديد اللذان يصفان ان ابراهيم وموسى كانا يهوديان و مسيحيان هي رواية كاذبة لأن ابراهيم كان مسلم ، بالتالي لا توجد ثلاثة أديان سماوية بل يوجد دين سماوي واحد هو الإسلام .
القرآن عندما يلح على ذكر هذه الصحف فأكيد أن هذه الصحف موجودة إلى اليوم ، فهي وثائق مهمة للغاية و ليس محرد كلام ينطق به القرآن عبثا ، و أكيد ان مثل هذه الوثائق ليست في يد أيٍّ ما كان إنّما هي في يد شخص يملك قوة و نفوذ بحجم و قدر الحقيقة القوية القابعة داخل تلك الوثائق .
أين هي هذه الوثائق و من يمتلكها ، و هل يشير القرآن إلى إمكانية الوصول إليها ..تابع المقالات السابقة للسامري سارقها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق