-السامري الخانس -
لا أعرف كيف ومتى سنخرج من تلك السخافات التي تجعل سورة من سور قرآن الله تدور حول شخص يسب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وامرأة تحمل شوك وترميه في الطريق ، ما فائدة تلك القصة بالنسبة لي كمسلم اليوم لو كانت صحيحة ، هل همُّ القرآن هو الحديث عن امرأة سخيفة تحمل شوك و شخص يتلفظ بلفظة بذيئة لكي أجعل الآيات مجرد كلام يقرأ ويجود فقط ، القرآن أعلى شأنا من أن يتحدث في ذلك ، هم جعلوا ذلك التأويل والقصة الكاذبة للإساءة إلى شخص الرسول (ص) ،حيث جعلوا المسلم يقرأ آية المسد وهو يتذكر شخص يسبه وامراة تضع له الشوك في الطريق ، وهي في الأصل قصة لاوجود لها إلا في كتب عملاء وشيوخ العثمانيين والصفويين الذين اكتسحوا المنطقة قبل ثلاث قرون برعاية الأنجليز والفرنسيين .
"تبّت يدا أبي لهب وتب (1) ما أغنى عنه ماله وماكسب (2) سيصلى نارا ذات لهب (3)"
الآية الأولى تذمّ يدا أبي لهب ، فلو كانت القصة مثلما تقول التفسيرات حول سب أبي لهب للرسول(ص) لكانت الآية تقول (تبّ لسان ابي لهب وتب) لكن الآية تتحدث عن ذمّ يدين وليس لسان ، وبالتالي تفسيرهم مدسوس و كاذب..دعونا نتابع ماذا فعلت اليدين من خلال القرآن الذي نثق به وحده لأنّه محفوظ بإذن الله تعالى ، ومحفوظ في صدور المسلمين شفويا وابا عن جد ، عكس باقي الكتب التي هي مؤلفات كتابية نجهل فصلها وأصلها سوى أنها شهّروا بها و ألصقوها بالإسلام.
دعونا نبحث عن فعلة يدين داخل القرآن :
[قال فما خطبك يا سامري (95) قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي (96)] طه .
القرآن لم يذكر لك خطب السّامري هكذا دون سبب ، إنّما يذكر لك أقواله وحادثته وكل نبوءة موسى كي يرشدك لكيفية تفسير مايحويه القرآن من شفرات معقدّة ...السّامري قال أنّه قبض قبضة من آثر الرّسول ، والآثار هي مايتركه الإنسان وراءه من ميراث ككتابات أو منجزات خلّفها بعد موته ..إذا السّامري كان يملك قبضة من آثر أحد الرّسل ، هذا الشيئ الذي كان يملكه على شكل قبضة ..من خلال تدبري وجدت أن القبضة هي أوراق كانت تلف كما تلف اوراق البردي ، فهي كتابات تكتب داخل ورق كبير ثم تلف بنفس قبضة يديك عندما تقبض عليها ، حيث تلاحظ شكل إبهام إصبعك ملفوف على سبابتك عند القبض عليها بشكل ورقة ملفوفة ...لذلك سميت الورقة التي تطوى وتلف بذلك الشكل بإسم القبضة قديما .
ثمّ لاحظ بعدها تصريح السامري فهو يقول "نبذتها" ،ونبذتها حسب التدبر في القرآن تجدها تعني "خبّأتها" إستنادا إلى عدّة آيات ..نذكر منها :
فحملته فانتبذت به مكانا قصيا = فحملته فاختبأت به مكانا قصيّا .
فإمّا تخافنّ من قوم خيانه فانبذ إليهم على سواءا = فإما تخافنّ من قوم خيانة فخبّأ إليهم على سواء .
فنبذوه وراء ظهورهم = فخبّأوه وراء ظهورهم .
انتبذت = اختبأت ؛ انبذ = خبّأ ؛ نبذوه = خبّأوه ؛
نبذتها = خبّأتها .
وبالتالي السامري خبأ قبضة أحد الرسل ، و هو نفسه أبي لهب ... حيث امتلك آثار كتابة (قبضة) من إحدى الرسل عليهم السلام ، وقام بأخذها (قبضها) لأنها تقبض باليدين لذلك ذمّت يداه في سورة المسد ،وقام بتخبأتها ..فمن هو الرسول الذي تحصّل على آثار كتاباته وخبّأها دون تبيانها ؟ سنعرف من خلال الآية الثانية من سورة المسد .
[ما أغنى عنه ماله وما كسب(2)] المسد .
دعونا نبحث في داخل القرآن عن شخص يملك مال :
-[ويل لكل همزة لمزة (1) الذي جمع مالا وعدده (2) يحسب أنّ ماله أخلده (3)] الهمزة .
الآية تنبّه وتنذر بالويل لكل همزة لمزة ، ثم تتطرق لموضوع شخص يملك مال ويعدده ، البعض يقرأ السّورة بأنّ تطرقها للمال وتعديده هو تعريف للناس الهمازين اللمازين ، لكن لاعلاقة لناس تهمز وتلمز بتعريف جمع المال ...هل معنى الهمز واللمز هو جمع المال ؟ لا .
الآية صحيح ذكرت الويل لكل همزة لمزة ، ثم تطرقت بعدها لشخص آخر ربما يملك ايضا صفات اللمز و الهمز ، لكنه شخص واحد يراد به الوصف مع تلك الناس التي تلمز وتهمز .. ولو كان القصد بجمع المال كتعريف لجموع الناس لكانت الآية بهذا النحو :(الذين يجمعون المال ويعددونه • ايحسبون أن مالهم أخلدهم ) ، لاحظت ؟ الآية تقصد شخص واحد ، و تريد الإشارة إلى شخص بجمع المال وعدده ، ويحسب أنّ المال الذي كسبه هو من يخلده ، بمعنى انه يظن أن الثروة التي يملكها هي من أخلدته كونه يحتمي وراء ماله وسلطته و تساعده في الخلود.
هذا الشخص من خلال الآية يظهر بأنّه يملك طريقة تجعله خالد ، الآية قالت "يحسب انّ ماله "أخلده" ، ولم تقل (يحسب أنّ ماله "سيخلده") ، هناك فرق بين " أخلده" الذي هو فعل ماضي ومحقق ، وبين "سيخلده" الذي هو فعل لم يحقق ، وبالتالي هنا الشخص هذا يملك صفة الخلد بطريقة ما و يظن ان الأموال ستكمل له خلوده ...هو نفسه إبي لهب ، وهو نفسه السامري حسب إتباعنا لإشارات صفات القرآن له .
دعونا الآن نفتّش أكثر في شخص يملك المال أو الخلد ،لعلّنا نجد إشارة لقبضة الكتابات التي قبضها السامري وخبّأها :
"و اتلوا عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاويين • ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكّرون " 125-126 الأعراف .
هنا ذكر لشخص أخلد إلى الأرض ، هذا الشخص ذكر أنّه آتاه اللّه آياته فانسلخ منها ..أي بسبب مايملك من تلك الآيات انسلخ وتغيّر طبعه ، فأصبح من الغاويين لاتباعه خطوات الشيطان ...دعونا نستمر لنبحث عن شخص تراجع بعد أن أعطي شيئا وتغيّر طبعه ليتبع هواه .
"أفرأيت الذي تولى (33) وأعطى قليلا وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35) ام لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفّى (37)ألاّ تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن للإنسان إلا ماسعى(38) وان سعيه سوف يرى(39) " النجم .
القرآن واضح وصريح في عباراته ،يذكر لك بلهجة شديدة الصراحة بما في صحف موسى وإبراهيم من عبارات ، ويدقق لك وراءها بالشخص الذي تراجع وأصبح يعطي القليل ويكدي ، وبما أنّه القرآن يخبرك أنه يعطي القليل فأكيد أنّه يملك أمور كثيرة وكبيرة ويخبأها ..ثم يفضحه بسبيل السؤال "أم لم ينبأ بما في صحف موسى و إبراهيم الذي وفّى"...بما يعني أنّه يعرف صحف موسى وإبراهيم ونبّأ بما فيهما.
نرجع الآن إلى قبضة السامري التي خبأها ، فهي نفسها صحف إبراهيم ، بل لم يكتفي بها وتحصّل حتّى على صحف موسى بعد موته ، والآية الأخيرة تتحدث عنه .
.
.
.يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق