قبل الدخول في الموضوع أريد أن أنوه إلى نقطة يغفل عليها البعض ، هذه النقطة متعلقة بالأوبئة و الأمراض التي نعاني منها حاليا ، حيث يصنفها البعض بأنها مجرد أمراض عابرة ويحاول أن يجعل نفسه في وضعية الشخص اللامبالي جاعلا من مايعاني منه قدر محتم من اللّه ، لا ياصديقي الأمراض و الاوبئة و المشاكل الصحية او حتى النفسية التي تلاشت في مجتمعاتنا ليست شيئ طبيعي ومحتم ، الله ليس بظلام للعبيد ، الناس اليوم هم من يظلمون أنفسهم بانفسهم و نحن نجزم ومتأكدين بأن التغيير في الميزان الطبيعي وصل أقصى مستوياته في عصرنا ، وحقيقة نحن هم من أحدثنا هذا خلل في الميزان الطبيعي وهذا ماسيرجع علينا بالسلب طبقا لقاعدة معروفة وهي ان جزاء سيئة هو سيئة مثلها ..فإذا كنت ترى بأننا غير مسؤولين عن مايحدث لنا جراء إتباع هذل النظام الصناعي المدمر للبشرية و الطبيعة وتضع نفسك في موضع المفتون ، فأنت لست محتم و مطالب أن تتبع المنظومة العالمية التي تفتنك ، انت لست مطالب بأن تتبع خطوات الشيطان ..العذاب الذي نذوقه هو من ضمن العذاب الأدنى ، أما العذاب الاكبر هو الهلاك ، سواءا عن طريق إهلاك أنفسنا بأنفسنا أو بإرسال الله العذاب لنا .
[ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون] الآية 21 -السجدة- .
عندما تبحث داخل خطاب القرآن تجد فيه نبرة قوية تدعوا للإصلاح في الأرض وعدم اتباع طرق الفساد ، ربما التفسيرات الكلاسيكية تجعل معنى الفساد ملاصق للأخلاق مثل الكذب و الصدق و باقي الأبعاد الروحية التي يتاجر بها شيوخ السلاطين لكسب الجمهور و المتابعين ، فهذا التفسير الوهمي المقصود هدفه التغطية على الخطاب الواضح والصريح الذي يخاطب كل الإنسانية المفتونة بالثورة الصناعية، الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هو فطرة في الإنسان ولايحتاج دروس ، الجميع منذ ولادته يعلم ان الصدق جيد و الكذب ليس جيد ، لذلك لا داعي أن يدخل هؤلاء الشيوخ تلك التفسيرات التي تحاول اغتيال فكرة خطاب القرآن الذي يدعوا فيها لمحاربة الفساد في الأرض .
[ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون] الروم -الآية 41- .
الآية واضحة وصريحة ، وهي تتحدث عن الفساد في البر و البحر ، وهي مشكلة العصر حقيقة ، عصر تلويث كل ماهو طبيعي و تحدي لكل ماهو طبيعي ، اليوم نحن نتجه لإحداث خلل يكاد يصل 100٪ من التحول و تحوير جميع خلق الله ، أصبحنا نرى العجب العجاب في تغيير الخلق الطبيعي و التوجه نحو الخلق الصناعي غير آبهين بما سيحدث لنا وغير ناظرين ما حلّ بنا ...كل التكنولوجيا والصناعات توهم الإنسان بأنها توفر له الرفاهية لكن في حقيقتها تترك له 99٪ من الفساد و1٪ من النفع الذي لايغني شيئا من المضار التي أحدثها .
عند البحث في قصص الأقوام من قبلنا نجد ارتباط وثيق بين هلاكهم ودعوة الرسل لهم بأن لايعيثوا في الأرض فسادا ويعبدوا اللّه ، لأن فكرة عبادة الله مرتبطة ارتباط وثيق بإتباع الميزان و الخلق الطبيعي الذي جعله لعباده ، فاتخاذ عباد الله غير سبيل الله الذي جعله لنا للعيش في الأرض من دون شك سيحدث خلل في التركيبة المسخرة لنا ، و اي خلل في التركيية التي أحكم الله ميزانها ستعود دون شك سلبيا علينا ، وهذا مانشهده يوم بعد يوم من كثرة للأوبئة و الأمراض و تغير تركيبة الجو و المناخ وتحول الأرض يوم بعد يوم إلى أرض ستنعدم فيها الحياة يوما ما ، فكما انقرضت عشرات الحيوانات بسببنا سننقرض نحن مثلهم ، هذا إن لم نعاني العذاب بدل الموت .
دعونا نوضح الآن مثال قوم صالح الذي كان فسادهم متعلق بالتحوير الجيني و الطبيعي للأنعام .
[وَإِلَى ثَمودَ أَخَاهُمۡ صَالحا قَالَ یَاقَومِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ هَـٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَایَةࣰ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِی أَرۡضِ ٱللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوۤءࣲ فَیَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ وَٱذۡكُرُوۤا۟ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَاۤءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادࣲ وَبَوَّأَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورࣰا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُیُوتࣰاۖ فَٱذۡكُرُوۤا۟ ءَالَاۤءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِینَ قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَـٰلِحࣰا مُّرۡسَلࣱ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوۤا۟ إِنَّا بِمَاۤ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ قَالَ ٱلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوۤا۟ إِنَّا بِٱلَّذِیۤ ءَامَنتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ فَعَقَرُوا۟ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡا۟ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُوا۟ یَـٰصَـٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَاۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ][سورة الأعراف 73 - 77]
التفسير المتوارث الذي يتداول لدى الجميع ، هو أن ثمود كانو لايؤمنون بالله ثم أرسل لهم رسول إسمه "صالح" ، ودعاهم للإيمان بالله و جعل لهم آية لوجود الله وهي ناقة فذبوحا ، ثم اخذهم العذاب وهذا تفسير غير صحيح .
سأطرح عليكم سؤال هنا وادعكم تجيبون عنه او تبحثون عن إجابته ..لماذا دعى صالح قومه لعبادة الله ولم يدعهم للإيمان بالله ..لماذا قال لهم (ياقوم اعبدوا الله ) ولم يقل لهم (ياقومي آمنوا بالله ) ...اتركم تبحثون عن الإجابة .
قوم ثمود اتبعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولايصلحون ، وتركو ما رزقهم الله من جنات وعيون ومساكن ينحتونها من الجبال وزروع وطلع هضيم صحي وطبيعي...جاءتهم اية من آيات الله وهي الناقة التي لها شرب طبيعي وتسقيهم من حليبها ، فأعطوها العقاقير (عقروها) كما نفعل اليوم مع المواد الكيميائية التي تعطى للدجاج و البقر والبهائم من أجل المردودية السريعة صناعيا دون الغذاء الطبيعي .... أعطوها العقاقير وكذبو أخاهم صالحا الذي دعاهم لذكر آلاء الله (خلق الله) ، فأهلكهم الله لأنهم اعتدوا على الخلق الطبيعي .
البعض يضن أن كلمة "عقروها" معناها "ذبحوها" وهذا خطأ ، هم لم يذبحوها والتفسير الذي يفسر كلمة العقر بأنه الذبح هو غلطان ، وأحثكم بالبحث في كل الآيات القرآن في قصة ثمود لن تجدوا أي كلمة تذكر أنهم ذبحوها ، كل الألفاظ التي تتحدث عن مافعلوه بالناقة هو انهم عقروها ...فمصدر كلمة "عقروها" هو كلمة "العقّار" او ما نطلق عليها العقاقير ، وهي الأدوية و المواد التي لها علاقة بالطب .
حيث طلب صالح من القوم كان عدم مساسهم بالناقة و تركها تأكل من الأرض ،وعلينا طرح سؤال حول سبب هاذين الطلبين ، عدم المساس بالناقة وتركها تأكل من الأرض ، السبب في هاذين الطلبين هو أن القوم كانو يتحصلون على سقياهم من النوق عن طريق استعمال العقاقير التي تسرع تحصيل الحليب دون حاجة الناقة لجلب الحليب طبيعيا و أكلها من الأرض ، وهذا مما لاشك فيه هو فساد لأنه له آثار جانبية سواءا على الناقة أو حتى على الحليب الذي يشربوه ، لأنه غير طبيعي ولم يأتي بالطريقة الطبيعية التي جعلها الله ، فالله قدر كل شيئ تقديرا بميزان.
وضعيتنا اليوم هي بمثل مافعله قوم صالح بل أكثر من مافعلوه ، يمكنك رؤية ان جل الدجاج المتداول في الأسواق كله إصطناعي منتج صناعيا بالكهرباء ، وفيه حتى من يتم تسمينه عن طريق عقاقير منع الحمل من اجل المردودية السريعة ، يمكنك رؤية لحوم الأغنام التي جلها تأخذ عقاقير ولقاحات من اجل التسمين و من أجل مااسموه مناعة ، يمكنك رؤية البقر الذي يتم جعله عقيم من أجل تكون مردوديته في انتاج الحليب سريعة ..الأمر وصل حتى لدرجة استعمال خاصية الإستنساخ الحيواني لإنتاج الثروة الحيوانية بطريقة غير طبيعية ... وبطبيعة الحال هذا كله يؤثر علينا نحن كبشر قبل تلك الأنعام لتلاعبنا بتركيبتها الطبيعية ، اصبحنا نأخذ غذاءنا من اللحوم وحليب الانعام بطريقة غير صحية ، وهو مانراه اليوم من مناعة ضعيفة و بنية ضعيفة تتراجع يوم من بعد يوم ومن أمراض مستعصية وسرطانات ، وعندما تصيبنا المصيبة نقول كيف حدث هذا ؟ نحن من نعذب انفسنا بأنفسنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق