الاثنين، 5 أكتوبر 2020

-الجن -الجزء الثالث- 

-الجن -الجزء الثالث- 

عند البحث في مجال العلم الواقعي المحيط بنا ، نجد أن العلم الحديث خصوصا ماتعلق بعلوم الفيزياء و الكيمياء هو علم يكاد يختفي من الميراث الشعبي المتوارث لدى المنطقة ، تحس و أن عالم منطقتنا هو عالم جاهل لايملك أي زاد علمي مترسخ عن الإلكترونات و الذرات و الجزيئات و المغناطيس وكل العلوم التي أصبحت فجأة تمثل زخر كل التطور الذي نشهده اليوم  ، الشيئ الملفت أن جل ما عُلم من علوم الطاقة و الفيزياء و الكيمياء و قواعد التكنولوجيا الحاضرة ظهر بشكل مفاجئ وضخم قبل 300 سنة ، ظهر مباشرة مع مايسمى النهضة الأوروبية أو الثورة الصناعية ...فهل كانت الناس طول مدة عيشها طوال قرون ساحقة لا تعرف كل هذه العلوم حتى انفجرت لديها بشكل مفاجئ وضخم قبل  300 سنة ؟؟

عندما تلاحظ الهواتف عن طريق ذبذبات ترسل صوتك وصورتك و وكتاباتك وبياناتك إلى مسافة ملايين الكيلومترات في صفر ثانية   ولاتجد أي إشارة لترويض هذه الذبذبات في ميراثك الشعبي ، فإنّه  شيى يدعوك للتساءل عن فحوى عدم التعرف على هذا العلم قبل قرون من اكتشافه ...لماذا عجز الإنسان طوال مرحلة عيشه قبل القرن الثامن عر من اكتشاف قواعد الطفرة الصناعية ؟ وهل كان يملك زاد علمي عنها ؟

كما ذكرنا في المقالات السابقة ، فإن علم الجن كان هو العلم المعلوم و المقصود بدراسة كل هذه الكائنات الجزيئية و الضوئية و النووية و الحركية وكل العلم المتعلق بالميكروسكوب ، فالجن أنواع عديدة جدا ومنه مايتم إستخدامه اليوم في حياتنا لكن المشكلة أننا لانستصيغه بسبب إدخاله في مجال العلوم الحديثة لكن بمصطلحات و صيغ مختلفة عن ماكانت الناس تعرفه عن هذه الكائنات ،  فالفيزياء و الكيمياء و باقي العلوم الترويضية التي تروض عوالم الذرة و الطاقة و الأشعة والصوت و مالا يعد و لايحصى من الكائنات هي علوم الجن التي نحن عنها غافلون .

سنواصل البحث أكثر في الكائنات التي ذكرت انها من الجن داخل القرآن ، مستدلين بالواقع العلمي والعملي الذي امامنا ...

[و ألْقِ عصاك فلَمّا رءَاها تهْتزُّ كأنَّها جان ولَّى مُدبرا ولم يعقّب یا مُوسى لا تخَف إنِّي لايَخاف لديَّ المُرسَلون ] [سورة النمل 10] .

البعض وبسبب التفاسير التي إحتكرت المشهد التدبري للقرآن ، يظن بأن العصى في لقاء موسى مع اللّه تحولت إلى أفعى او ثعبان وهذا شيئ لاوجود له في آيات القرآن إطلاقا ،الآيات التي تذكر إلقاء موسى عليه السلام للعصى في مشهد اللقاء مع اللّه تفيد بأن العصى اهتزت أو أصبحت حية ، فيما أنّها تحولت إلى ثعبان عندما ألقاها موسى في لقاءه مع فرعون ،فالعصى اتخذت وضعيتين مختلفتين   ، الوضعية الأولى في لقاء موسى مع الله و هي أنها أصبحت تهتز وتتحرك فانتقلت من وضعية الجمود والسكون إلى وضعية التحرك و الإهتزاز فاصبحت حية ، أما الوضعية الثانية فهي عندما لاقى موسى فرعون وملإه و في ذلك اللقاء تحولت بشكل حقيقي وصحيح إلى ثعبان .

لاحظ جيدا ...

[فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِیَ مِن شَاطِىِٕ الوَادِ ٱلۡأَیۡمَنِ فِی ٱلۡبُقۡعَةِ المُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن یَـٰمُوسَىٰۤ إِنِّیۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝  وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَاۤنࣱّ وَلَّىٰ مُدۡبِرࣰا وَلَمۡ یُعَقِّب یَـٰمُوسَى أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَف إِنَّكَ مِنَ الآمِنِینَ](سورة القصص 30 - 31)

...هنا العصى أصبحت تهتز و إهتزازها شبّه باهتزاز الجان ولم تتحول الى ثعبان ، و الحادثة هنا هي الحادثة التي لاقى فيها موسى عليه السلام اللّه .

[قَالَ هِیَ عَصَایَ أَتَوَكَّؤُا۟ عَلَیۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِی وَلِیَ فِیهَا مَئارِبُ أخرَى ۝  قَالَ أَلۡقِهَا یَـٰمُوسَىٰ ۝  فَأَلۡقَاهَا فَإِذَا هِیَ حَیَّةࣱ تَسۡعَىٰ ۝  قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡ سَنُعِیدُهَا سِیرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ](سورة طه 18 - 21)

.... هنا العصى أصبحت حية ، و المقصود بأنها أصبحت حية لايعني انها أصبحت ثعبان او افعى إنّما المقصود بكلمة "حية" هي تحولها من الوضعية الساكنة و الجامدة إلى وضعية تحرك واهتزاز وبالتالي اصبحت حية بعدما كانت ميتة ، والحادثة هنا وقعت في لقاء موسى مع الله .

فيما تحول العصى إلى ثعبان فكانت عند لقاء موسى مع فرعون كما في الآيات التالية :

[قَالَ أَوَلَوۡ جِئۡتُكَ بِشَیۡءࣲ مُّبِینࣲ ۝  قَالَ فَأۡتِ بِهِۦۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ ۝  فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ ثُعۡبَانࣱ مُّبِینࣱ ۝  وَنَزَعَ یَدَهُۥ فَإِذَا هِیَ بَیۡضَاۤءُ لِلنَّـٰظِرِینَ ۝  قَالَ لِلۡمَلَإِ حَوۡلَهُۥۤ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِیمࣱ](سورة الشعراء 30 - 34).

[قَالَ إِن كُنتَ جِئۡتَ بِـَٔایَةࣲ فَأۡتِ بِهَاۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ ۝  فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ ثُعۡبَانࣱ مُّبِینࣱ ۝  وَنَزَعَ یَدَهُۥ فَإِذَا هِیَ بَیۡضَاۤءُ لِلنَّـٰظِرِینَ ۝  قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِیمࣱ](سورة الأعراف 106 - 109).

• الآن نعود للآية التي وصف بها الله إهتزاز العصى بالجان :

[وألْقِ عصاك فلَمّا رءَاها تهْتزُّ كأنَّها جان ولَّى مُدبرا ولم يعقّب یا مُوسى لا تخَف إنِّي لايَخاف لديَّ المُرسَلون ] (سورة النمل 10)

فالمقصود بالتشبيه بالجان هو اهتزاز العصى وليس العصى نفسها ، فع ملاحظة التشبيه نجد أن الله قال (فلما رءاها تهتز كأنها جان ) ولم يقل (فلما رءاها كأنها جان) ، فإضافة كلمة الإهتزاز تشير إلى أن التشبيه المقصود علينا استخلاصه هو تشبيه الإهتزاز بالجان وليس تشبيع العصى بالجان .

عند البحث في مجال الكائنات الفيزيائية و الكيميائية نجد أن الجزيئ و الذرة و الإلكترون والذبذبات والعديد من الكيانات التي نستعملها في صناعة وتكنولوجيا اليوم ، هي كائنات لهم حركة فيزيائية يطلق عليها فيزيائيا "الإهتزاز"  (vibration) ، فالجزيئ مثلا يتكون من ذرات و الذرات تتكون من إلكترونات ، وفي نفس الوقت فالذرة لها حركة اهتزازية و الجزيئ له حركة اهتزازية و الإلكترون له حركة اهتزازية ، وتتخذ انواع الإهتزاز إهتزازات دائرية بالنسبة للإلكترون و إهتزازات انسحابية و اهتزازات شاقولية بالنسبة للجزيئات و الذرات ، ويمكنك مشاهدة ذلك من خلال عينات الوثائق مع مرفق صورة المقال أسفله .

وكما ذكرنا سابقا فإن الجن هو مجموعة كبيرة ومتنوعة من الكائنات التي لايمكن حصرها في نوع واحد ، و لو تلاحظ معي أن تشبيه اهتزاز العصى في الآية مع الجان ذكر بصيغة نكرة ولم يذكر معرفا ، فالله قال (فلما رءاها تهتز كأنها جان ) ولم يقل (رءاها وكأنها جن) أو ( رءاها كأنها الجان) ، فذكر مفردة "جان" نكرة وعدم ذكرها معرفة ب" ال" التعريف ولا بصفة الجمع أيضا يدل على أن صفة تحديد نوعية الحركة الاهتزازية للعصى ترك مفتوحا في توقعه ، وهويته من باقي أنواعه اركت مفتوحة... وهذا  مايتوافق مع ذكرنا في أنه هناك عدة كائنات فيزيائية لها حركات اهتزازية متنوعة سواءا في المجال الجزيئي أو الذري او الكهرومغناطيسي او حتى الصوتي ، فالصوت مثلا بحد ذاته له ترددات وموجات تنشأ عن طريق اهتزازات معينة لتولد الصوت ، فالصرت الذي تسمعه من مخرجات صوت هاتفك او مخرجات الصوت لايأتي هكذا وفقط إنما هناك جزيئات و موجات تتخذ اهتزازات معينة لتوليد الصوت .

اما بالنسبة لمنطق هذه الكائنات ، فعندما نقول فهم منطق هذه الكائنات فهي دراسة سلوكها لمعرفة إمكانية ترويضها واستخدامها ، فعلم الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء هو المخول بكشف مكنونات هذه الكائنات عن طريق العلم الحالي ، وهو بالفعل ماتم حاليا فالموجات الكهرومغناطيسية مثلا جعلوها  تصدؤ الصوت في الهواتف و التلفزيونات و مكبرات الصوت ، ونفس الشيئ فالذبذبات جعلوها تنقل صوتنا و صورنا إلى ملايين الكلومترات في اقل من جزيئ في الثانية و بجهاز يساوي كف اليد .

نتابع أكثر لدراسة وفهم تنبيه القرآن لقدرات هذه الكائنات ...

• [قال عُفريت منَ الجنِّ أنَا آتِيك بِهِ قَبل أَن تقُوم من مَقامِك هذا وَ إنّي علَيهِ لقوٌي أمِين ۝  قَال الذِي عِندَه عِلمٌ مِن الكِتاب أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قبلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیكَ طَرۡفُكَ فَلَمَّا رَءاه مُسۡتَقِرّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِی ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیࣱّ كَرِیمࣱ]

[سورة النمل 39 - 40]

قبل أن ندخل في تحليل هذه الآية نريد الإشارة إلى أن كلمة عفريت هي صفة مصدرها "المعافرة" والفعل التأصيلي لها هو عافر - يعافر ، و المقصود بكلمة يعافر هو التحدي و المصارعة ، فنقول للشخصان المتعاركان او اللّذان يتحدّان بعضهما البعض "يتعافران" ، فكلمة عفريت هي صفة معناها المتحدي أو المصارع الذي يريد التحدي ، وهو مايتطابق مع أمر سليمان لمُلكه المسخر له ، حيث طلب منه الإتيان بعرش سبأ وليزرع بينهم روح التحدي و ليعلم القوي منهم .

عند العودة للآية سيطرح البعض سؤال مفاده أنّه كيف لسليمان ان يسمع اقتراح الجن بأن يأتي بالعرش ،وجوابي لهذا السؤال سيكون على شكل سؤال أخر لكي أترك لك المجال على أن العلم الذي نملكه اليوم ودرجة وعينا هي درجة وعي أقل مايقال عنها أنها أدنى الدرجات ، فمرتبة الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم نحن نفقدها اليوم إلى مرتبة أسفل السافلين والأسباب عديدة ومتعددة ، كيف لا والإنسان اليوم لايستنشق حتى الأكسيجين النقي وكل هواءه عبادة عن تلوث كربوني هذا دون ان نذكر الأكل و الكيمياء التي يتعطاها يوميا كغذاء والأسباب عديدة ومتعددة فحتى الدواء اليوم هو كيمياء مصنعة .

بالإضافة لذلك فأنت عندما يكون وعيك منصب إلى كل ماهو مادي و آلي و ظاهر وتصبح إنسان يستهلك وفقط ، فأكيد أنك لن تسبح و لن تفكر في تسخير خلق الله الطبيعي ، ولن تصدق بأن خلق الله له نطقه ،وسيتعامل مع الآية التالية باستهتار وسيقول أن الله مؤجلها ليوم القيامة ، نعم هو مؤجلها ليوم القيامة لأن يوم القيامة ستعود لقوامتك و ستعود إنسانا في احسن تقويم و ستعرف أن كل شيئ انطقه الله وله منطقه الخاص :

(وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ قَالُوۤا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ ۝  وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ)[سورة فصلت 21 - 22]...لاحظ جيدا أن الله لم يذكر لك هذه الآية اعتباطا في القرآن بل ليثبت لك أن كل شيئ خلقه الله له منطقه الخاص من الذرة و الالكترون و الجزيئ إلى آخر مخلوق كبير تراه في هذه الأرض ، المشكلة فيك أنت اليوم بحيث أصبحت مستهلك لعلم الآلات التي تأتيك من الشركات المصنعة و أنت تستهلك وفقط .

إذا عند تعاملك مع عفريت من الجن يتحدى ويقول بأنه سيأتي بالعرش ويقول أنه عليه قوي و أمين ، فأكيد أنت تتعامل مع كيان موجود يملك سرعة قوية جدا و يعرف كي يتجسد في جزيىات و ذرات الأشياء لينقلها ، عندما ترى سرعة الضوء و سرعة الصوت الناتجة عن تسخير تلك النويويات التي هي اقل من الجزيئ وقتها ستتأكد من أنّ الجن الذي تحدى بالإتيان بالعرش هو كائن يملك سرعة الصوت ، فالعلم الذي نملكه اليوم حول الذبذبات و الموجات بالكاد هو ينقل الصوت و الصورة و لا محال في أنه يمكن تسخيره حتى في نقل الأشياء برمشة عين ...وكل ذلك يتلخص في الشخص الذي علم مكنون العلوم و أوتي علم من الكتاب الذي قال أنه يمكنه أن يأتي بعرش سبأ في وقت قياسي أقل من ما اقترحه عفريت الجن .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق