- من هو ذلك الكتاب (الجزء5) -
(التوراة)
بسبب كتب التفاسير و مشتقاتها و بسبب البرمجة التي جعلتنا نظن بأن التوراة هو كتاب أنزل على اليهود .. أصبحنا نعتقد أن التوراة هو كتاب العهد القديم العبري ،وبأنه كتاب أنزل على موسى الذي أصبحنا نراه رجلا يتحدث العبرية .. وهذا عار من الصّحة تماما .
▪︎[ وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلمّا حضروه قالوا انصتوا فلما قضي ولّو إلى قومهم منذرين - قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم ] الأحقاف .
بحسب الوعي المترسخ فإن الكتاب الذي نزل قبل محمد هو كتاب أنزل على عيسى (الإنجيل) ، و من ثم نزل قبله كتاب أنزل على موسى (التوراة) ... لكن هذا لا يتطابق مع الآية السالفة الذّكر فهي تقول أن الكتاب الذي أنزل قبل الرسول هو كتاب أنزل على موسى وليس عيسى ... فهي تذكر بصحيح العبارة أن الكتاب الذي أنزل على الرسول هو كتاب أنزل بعد كتاب موسى و ليس بعد كتاب عيسى .
▪︎[ ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن و تفصيلا لكل شيئ و هدى و رحمة لعلّهم بلقاء ربّهم يؤمنون - و هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتّبعوه و اتقوا لعلكم ترحمون - أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا و إنّا كنّا عن دراستهم لغافلين - أو تقولو لو أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى منهم فقد جاءكم بيّنة من ربّكم و هدى و رحمة فمن أظلم مّمن كذّب بآيات اللّه و صدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ] الأنعام .
لو تستمع للآيات ستجدها تقول أنّه أنزل كتاب واحد على الطائفتين التي قبلنا .. و هو ما ينفي بالمطلق ما برمجنا عليه حول أنّ هناك كتابين مستقلّين أنزلا قبل الرسول .
ثمّ إنّ الآية تبرر أنّه لا يمكننا الإحتجاج حول نزول كتاب على طائفتين قبلنا أو أننا كنا غافلين عن دراسته .. بل هي تحاول إيصال فكرة أنّ الكتاب الذي أنزل على الذين من قبلنا و علينا هو كتاب واحد ... و المقصود بالكتاب هو شيئ مكتوب ، أي أن الآيات تتحدث عن كتابة تحتاج دراسة لمعرفة قراءتها .
▪︎[ يا أيها الذين آمَنوا ، آمِنوا بالله و رسوله و الكتاب الذي أنزل على رسوله و الكتاب الذي أنزل من قبل ، و من يكفر باللّه و ملائكته و كتبه ورسله و اليوم الآخر فقد ضلّ ظلالا بعيدا ] النساء .
لو نتّبع منطق التفاسير لوجدنا أنها مخالفة لقول القرآن ، فالآية السالفة الذكر تذكر كتابا واحدا أنزل من قبل بخلاف التفاسير التي تذكر نزول عدة كتب سماوية .
▪︎التوراة هي آيات الكتاب :
بالأوّل دعونا نتطرق لما ذكره حول خصائصها ..
[إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور يحكم بها النّبيون الذين أسلموا للذين هادوا و الربّانيون و الأحبار بما استحفظوا من كتاب الله و كانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس و اخشون و لأتم نعمتي عليكم و لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون ] المائدة .
[مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله و الله لا يهدي القوم الظّالمين] الجمعة .
لاحظ من خلال كلام القرآن وجود علاقة مترابطة بين التوراة و آيات الله :
أنزلنا التوراة فيها هدى و نور يحكم بها النّبيّون = لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا .
حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها = بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله .
الشيئ الثاني هو وجود علاقة بين الكتاب و التوراة :
إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور يحكم بها النبيّون الذين أسلموا للذين هادوا و الرّبانيون و الأحبار = بما استحفظوا من كتاب الله و كانوا عليه شهداء .
و بالتالي فإنه حسب كلام القرآن ، تعتبر التوراة آداة للتحكيم يستخدمها الذين اسلموا للذين هادو و الربانيون و الأحبار ، و يتم استعمالها استنادا لما تم إستحفاظه أو استشهاده من كتاب الله ... و عليه فإن هذا يدل على أن التوراة هي نفسها مااستحفظ من كتاب الله و تم مشاهدته (استشهاده) .
▪︎ما معنى التوراة لسانيا ؟
القرآن في قلب خطابه يتحدث عن كونه بلسان عربي ، لكن لا نعرف بأي منطق يتعامل المفسرون و المؤرخون حول تأويل كلمة "توراة" بأنها كلمة عبرية .. إذا كان القرآن يقول بأنه نزل بلسان عربي فمعناه ان كل كلماته هي عربية الأصل ..و أي شخص يقول أن في القرآن كلمات غير عربية فهو مخالف لكلام القرآن و كلامه مردود عليه ...كلمة "التوراة" الواردة في القرآن هي كلمة عربية على غرار كل كلام القرآن ، ولاوجود لخرافة أن القرآن يحوي كلمات غير عريبة ، لأن القرآن بحد ذاته يعرف نفسه بأن كلامه كلام عربي .
عندما نسمع كلمة "التوراة" فإن الكلمة الأقرب لها لسانيا مشتقة من كلمة "التورية" .. و حتى في اللسان العربي الذي يتداول لدى الشعوب العربية تجد مشتق الكلمة حاضرة في قاموسهم اللساني ، و من الكلمات : "ورّي" أو "توّري" "ورّي لي" .. و كلها تنصب في معنى الإظهار و التبيان .
ورِّي = أظهر و بيِّن .
التورية = الإظهار و التبيان .
التوراة = المظهرة و المبيّنة .
▪︎ماهي آيات الكتاب الموصوفة بالتوراة :
الجميع يلاحظ في كلام القرآن وجود مايسمى الحروف المقطعة ، وهي عبارة عن مقاطع صوتية تجدها دائما مرتبطة بالكتاب و توصف بأنها آيات الكتاب ..
[الر تلك آيات الكتاب الحكيم] يونس
[الر تلك آيات الكتاب المبين] يوسف .
[المر تلك آيات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لايؤمنون] الحجر
[الر تلك آيات القرآن وكتاب مبين] الرعد
[الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين] الحجر
[طسم تلك آيات الكتاب المبين] الشعراء
[طسم تلك آيات الكتاب المبين] القصص
[الم • تلك آيات الكتاب الحكيم] لقمان
وكما ذكرنا في مقالتنا السابقة فإن هذه الحروف المقطعة هي آيات كتب بها كتاب يحوي صور ، مهمة هذه الآيات عندما يتم قراءتها هو شرح مدلول تعبير تلك الصور ، و هي ما يسمى بالرموز الهيروغليفية .
المغزى أنه إذا كانت تلك الآيات هي الرموز الهيروغليفية التي تم تحريف ترجمتها ، و إذا كانت التوراة هي آيات الكتاب .. فإن ما يسمى الرموز الهيروغليفية هي التوراة المقصودة التي فصلت بقراءة عربية و تم تحريف منطوقها .
.
.
.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق