الاثنين، 5 أكتوبر 2020

السامري -ج2-

-حكمة "أنا أتذكّر إذا أنا موجود" حُرِّفت لِـ "أنا أفكر  أنا موجود" -

لو سألت أي واحد فيكم حاليا ، ماهو أغلى شيئ بالنسبة لك في حياتك ؟ حقيقة هو سؤال ربّما أجوبته ستكون مختلفة ، و السبب في الإختلاف هو أن المتجاوب مع السؤال لم يركّز مع السؤال ... لأنّه عقلانيا المفروض الجميع يتفق حول جواب واحد ، ذلك الجواب يمثّل أغلى شيئ بالنسبة للإنسان و لكل النّاس .

لن أجيب إجابة كلاسيكية ، لأن الجميع ربما سيجيب بالمال ، الأولاد ، الأب ، الأم  أو حتّى الحياة الخالدة ...ربّما الخلود سيكون  أغلى شيئ من ضمن الإجابات السّابقة لكنّه ليس أغلى شيئ بالنسبة للإنسان ... أغلى شيئ بالنسبة للإنسان هو التذكّر أو بالأحرى الذاكرة ...نعم الذاكرة ، لو كنت تملك كل أموال الدنيا و لاتتذكّر من هو أنت ستجعل المال آخر اهتماماتك ، لو كنت تملك أب و أم و زوجة و أولاد وفقدت الذاكرة فأكيد أنّك لن تعرفهم وستنساهم و لاتصبح تحس بأي شعور اتجاههم ، وسيصبحون بالنسبة لك كعامة الناس وليس أغلى شيئ .. لو كنت خالد في الحياة بمقابل فقدك لذاكرتك ومن تكون وكيف كنت ستصبح تحس حياتك جحيم .

اعتقد أن ديكارت و علمه طغى على علوم الفلسفة  أو علوم الحكمة ، و مقولته التي تقول "أنا أفكّر أنا موجود " هي مقولة محرّفة ألف بالمئة عن مقولة صحيحة "أنا أتذكّر أنا موجود" ... أنت موجود في الحياة و لن تموت إذا حافظت على ذاكرتك ، ستبقى عايش عيش الخلد ولن تموت إذا بقيت محافظ على جزء واحد في جسمك وهو الذاكرة فقط ، سأشرح أكثر .

تخيل نفسك أقول لك ستموت و سيتوقّف جسمك عن الحركة ، سيتوقف قلبك و تتوقف عن التنفّس ، لكن بالمقابل ذاكرتك التي تقع في جزء من أعضاء جسمك سأقوم بنقلها منك بعد موتك إلى شخص آخر ، وسيصبح الشخص الآخر الذي أنقل له ذاكرتك يملك نفس ذاكرتك أنت ، يعني يملك نفس ما تتذكره الآن عن حياتك كلها أبوك أمك أنت اولادك زوجتك علمك ..كل شيئ خزّنته في ذاكرتك سينتقل لشخص آخر يصبح يملك نفس ذاكرتك ..ربما العملية تتقارب إلى حد ما من نقل شخصية إلى شخصية أخرى بجسد و بشرة جديدة ، أو اشبه بشخص يملك نفس الذاكرة و عمل عملية تجميل فقط .

أنا حاليا لو ضربتك إلى قفاك ضربة قوية ، ستفقد ذاكرتك وتصبح لاتعرف أي شيئ في هذه الحياة ، تصبح ولد صغير بجسم رجل بالغ ولد للتّو ، لأنك فقدت إحدى اعصابك الشوكية أو احدثت خلل في جمجمتك التي تصبح بحاجة لإصلاح كي تعود إلى شخصيتك الأولى ...تصبح تحس نفسك كأنك ولدت الآن ، كأنك شخص مت وأحييت من جديد لكن بدون ذاكرة ، تصبح كجهاز هاتف أعمل له إعادة تهيئة و أمسح له كل ذاكرته ...لكن تخيّل يكون لي علم كبير اتوصّل فيه إلى العضو المتحكم بذاكرتك وأقوم بنقل ذلك العضو إلى شخص آخر ... ستصبح أنت بجسمك الأول مجرد جثّة وستنتقل شخصيتك وذاتك إلى الشخص الذي وضعت له الذاكرة .

هو في العلم الطبي الذي نملكه حاليا ، لكي تزرع الأعضاء من جسم إلى جسم آخر تحتاج إلى شخص متبرع أو مستقبل يملك تطابق في الجينات الوراثية ، أو بالأحرى يكون قريب لك من ناحية الحمض النووي ، ومع تطور عمليات القص الجيني في التلقيح الإصطناعي يمكن ان يعمل تعديل للمني او البويضة لجعل الشخص يتقارب جينيا مع الشخص الذي يراد أن يكون متقارب في الحمض النووي ... وبالتالي أن فكرة موت بشرتك و جسدك هي مناص لامفر منه ، لكن لو تصل لعلم نقل الذاكرة ستتمكن من نقل ذاتك (ذاكرتك) إلى جسم جديد ..فتموت جثتك لكنك تبقى موجود ..."أنا أتذكّر أنا موجود" .

أنت بهذه الطريقة كبشر ستموت لأنّ بشرتك و سيمات وجهك ستفقدها ... أنت كنفس ستفقد جميع جسدك الأول الذي كان يتنفّس و يدبّ في الحياة ....لكن ذاكرتك و علمك و كل ماتعرفه سيبقى مع جسد جديد وبشر جديد و نفس جديدة .
(واتل عليهم نبأ الذي آتيناه  آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاويين۝  ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ،ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا ، فاقصص القصص لعلهم يتفكّرون )[سورة الأعراف 175 - 176]
الآية هنا تذكر ان هذا الشخص اخلد إلى الأرض؟
لعلنّا نتفكّر في هذا كيفية خلود هذا الشخص إلى الأرض ، وماهي الآيات التي يملكها و العلم الذي يملكه ، لعلكم تتفكّرون في شخص يملك علم الأسماء ..شخص يعرف أسماء كل ذرّة وجزيئ و دابة تدب على الأرض ،شخص يعرف يسمي كل شيئ في هذه الحياة .

ببساطة سأشرح لك بمثال :
إذا واحد ضُرب على مؤخرة رأسه ممكن يفقد ذاكرته وينسى من هو ... وبعد مدة ممكن يسترجع ذاكرته بعد شفاء العضو المسؤول عن حفظ ذاكرته .

تخيل معي شخص لديه علم كبير و يعرف جيدا المنطقة المسؤولة عن حفظ الذاكرة في الرأس ولديه الخبرة العلمية التامة التي تمكنه من نقل وزرع هذا العضو من جسم إلى جسم جديد .... يعني بالمختصر إذا تمكن من هذا فهو قد طبق فكرة خلوده ، جسمه وبشرته ستموت في الجسد القديم ، لكن شخصيته بذاكرتها ستنتقل إلى جسم جديد ببشرة جديدة .

هذا هو أساس عبارة "انا أتذكر أنا موجود" التي حرفت إلى "أنا أفكر أنا موجود " .

أظن أنّه وصلت فكرة خلود السّامري فيليب بعض الشيئ ، سنتابع اكثر مع الموضوع بمشيئة الله .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق