-مقام إبراهيم الذي جعله اللّه إماما للناس جميعا-
عندما تجد في مصر مئات آلاف من الكتابات التي تعتمد على الصور و الترميز في تبيان منطوقها ، فتأكد بأن الناس وقتها إعتمدت الكتابة الفطرية و الأصلية التي سينتهجها أي شخص يريد التواصل كتابيا مع جميع شرائح الناس في جميع العالم وفي جميع الأزمنة .
أنت لما تريد أن تكتب إسم "شجرة" ليفهمها الياباني و الصيني و الإفريقي و الرومي و اليوناني و حتى الحيوانات و جميع الخلق ، فسترسم لهم بديهيا صورة شجرة ، و سيفهمها جميع الناس بمختلف جنسياتهم وبما فيهم الصم و البكم حتى الطائر الذي يطير بجناحية لو ترسم له صورة شجرة فسيفهم أنك كتبت له إسم شجرة ، حتى الشخص الذي عاش قبل عشر آلاف سنة و الشخص الذي سيعيش بعد عشرات آلاف السنين كلهم سيفهمون بأنك كتبت لهم إسم شجرة عندما ترسمها لهم .... لكن لو تكتب إسم شجرة بنظام الكتابة الحالي (ش ج ر ة) ، فهل سيفهمون ماكتبت لهم من وسيلة تواصل لتوصل لهم مفهوم الشجرة ؟ أكيد لا لأنهم لايعرفون نظام الكتابة الحالي إلا إذا تمكنت من تعليمهم ابجديات هذا الخط ولن يفهمه إلا الإنسان الذي يملك قوة عقلية مبتذلة .
الآن انت لما تجد تمثال صمّمه الناس القدماء أمام بيت ضخم وقديم جدا مازال يحافظ على قوته و صلابته إلى اليوم وفي بلد يحوي آثار تفوق الستة ملايين ومازال الإكتشاف إلى اليوم يزداد وتجد أن مجتمع يقدر ب100 مليون مصري مسلم و يتحدث بالعربية وتجد مجتمع يحيط بمصر يقدر ب450 مليون مسلم ويتحدث العربية و يؤمن بكلام يسميه "القرآن الكريم" يحافظ عليه ويقدسه كي لايضيع و لايحرف ، وتجد ذلك الكلام يذكر لك ويصف لك بلد مصر 5 مرات و أنها كانت بلد الأنبياء موسى و يوسف وهارون و يعقوب ، وتجد أن القرآن يشدد لك بالذكر على أن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة وامامه مقام إبراهيم ..فكيف سنفهم ذلك ؟
[إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ فِیهِ ءَایَـٰتُ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَاهِیمَ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ](سورة آل عمران 96 - 97)
أكيد أن التسميات الجغرافية للأماكن في القرآن لم تُذكر بشكل إعتباطي بل إنّ لكل إسم مدلوله العربي ، فعندما تبحث عن إسم بكة لسانيا وعربيا فهو يدل على البكاء (بكة = بكاء = يبكي..) ، وعندما تبحث في آثار مصر تجد كمية كبيرة من الصور تركز على رسم و تصوير صور عين باكية فتأكد بأنها البلد المقصود ببكة بشكل واضح ...لماذا سمّاها القرآن بالعين الباكية ؟ طبعا يمكنك التأكد من ذلك بشكل سريع و لن تحتاج إلى أي مصدر من غير بصيرتك و عقلك اللذان وهبهما لك اللّه ، ستبصر بأن جغرافيا مصر هي جغرافيا تشكل تضاريس عين باكية كما في الصورة أسفله بحيث أن جل سكان مصر يقيمون في الشمال في منطقة دلتا النيل التي تشكل صورة عين أما باقي السكان فهم يقطنون بشكل منكمش حول نهر النيل المتفرع كالدمعة التي تسيل من العين حتى شكل مصر من الشرق يملك أيضا خليج سيناء للبحر الأحمر ويشكل ايضا شكل دمعة تسيل من حواف العين ...لذلك وصفها اللّه ببكة كإسم وصفي محكم لايمكن أن يحرف و لايغير إلا إذا تغير خلق جغرافيا مصر ، خصوصا عندما نرى تلك المؤلفات الضخمة التي تصدرها المكاتب و مراكز البحث التاريخي الغربية ، و التي تحاول نفي إسم مصر الحالية من كونها مصر القرآن وتحرف تسمية إسم رمز العين الباكية إلى تسمية محرّفة "أوجات" و أقنعوا الناس بأن المصريين كانوا يتحدثون بمثل تلك اللغة و أن مصر كانت تسمى "إيجبت" و "كميت".
كل هذا حدث عندما اتت البعثات الغربية مع الحملة النابليونية و التي ادعت تفكيكها لرموز و كتابات مصر وخرجت عليهم بترجمات لغوية لاعلاقة لها بلسان من سكن مصر قديما ، اقترانا مع إقناع الناس بنظرية تطور اللغات و أن العربية انتشرت من قبيلة سعودية في أرجاء المعمورة العربية عن طريق ماأسموه الفتوحات و أن قبلة المسلمين هي السعودية و ان الإسلام ظهر في القرن السادس للميلاد في قبيلة سعودية .
عندما ترجع للآية التي تصف اليت الحرام تجد مباشرة ذكر "مقام إبراهيم و من دخله كان آمنا" ، فبالتالي فإن إبراهيم مقامه موجود بجانب البيت الحرام .. بحيث أننا نلاحظ بشكل واضح تواجد بيت كبير و قديم جدا لم يعرفوا حتى كيفية بناءه ، هذا البيت يقع عند نقطة بداية خروج نهر النيل من منطقة مصر الشمالية التي التي تشبه العين ،بحيث أن مكان الهرم الأكبر يقع مباشرة عند بداية سيلان دمعة نهر النيل من مصر الشمالية .
تجد بشكل واضح أمام الهرم الأكبر تمثال كبير حارس ، و التمثال يشكل بشكل واضح تمثيلا لصورة أسد .. فما هو الترميز المقصود الذي اراد أن يمثله ذلك التمثال ؟
أنت لما تعيش قبل قرون ساحقة وتريد إيصال رسالة للأجيال اللاحقة بأن بيت معيّن هو بيت يخص مقام إبراهيم ، فمنطقيا ستلجئ إلى تمثال من الواقع الحي تمثّل به صورة إبراهيم وتعتمد على شكل هندسي واضح يرمز إلى صفة خاصة تخص إبراهيم عليه السلام يفهمه كل الأجيال بجميع شرائحهم و اختلاف السنتهم و ألوانهم .
الجميع يعلم بأن إبراهيم اعطاه الله صفة إمام الناس ، و الإمام هي صفة تخص القائد الذي يقتدي به جميع النّاس ...
[ وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتࣲ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّی جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامࣰا قَالَ وَمِن ذُرِّیَّتِی قَالَ لَا یَنَالُ عَهۡدِی الظَّالِمِینَ ](سورة البقرة 124)
اللّه هنا بنص واضح وصريح يعطي إبراهيم صفة إمامة كافة النّاس ، و بالتالي فإن إبراهيم هو النّبي الذي اعطاه الناس صفة "إمام الناس" بما فيهم الأنبياء و المرسلين .
الآن نحن عندما نريد إيصال تمثال ( تمثال أي شيئ تمثيلي) يوصل رسالة مفادها أن هذا المبنى او القبر هو مقام إبراهيم و الذي هو الشخص الذي يملك صفة إمامة كافة الناس بجميع أممهم و على طول جميع الأزمنة ، فإنه منطقيا نجعل من شكل المبنى يمثل صورة كيان أو مخلوق يوحي بالقيادة و الزعامة و الجميع يعرف بإن الأسد صفته هي القيادة و الزعامة بحيث أنه يلقب بـ"ملك و زعيم الغابة" .... وبالتالي فإن رمزية جعل ذلك المبنى بتمثال الأسد هدفه إيضاح أن صاحب هذا التمثال يملك صفة الأسد لجميع الناس بحيث أنه قائد و زعيم الناس جميعا فهو إمام الناس بحكم قطعي من اللّه .
إبراهيم عليه السلام بنص القرآن هو إمام كل الناس بجميع اصنافهم ،وحتى الرسول محمد إمامه هو إبراهيم لأن اللّه امره بآيات واضحة أن يتبع ملة إبراهيم بمثل ما امرنا ان نتبع ملة إبراهيم ، لذلك لا داعي لأن تأتيني بالروايات التي تقول أن محمد هو إمام الأنبياء فهدف تلك الروايات جعل الإسلام محصورا بالقصة التي برمجو فيها بأن الإسلام ظهر مع محمد قبل 14 قرن و لكي يبرمج المسلمين و جميع من يطلع على فقه الدين بأن الإسلام لاعلاقة له بإبراهيم...ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل و كذلك فقد طالبه اللّه بمثل ما طالبنا بأن نتخذ إبراهيم قدوة في اتباع ملته فهو إمام الناس جميعا و الانبياء و المرسلين هم كذلك من الناس .
[إِنَّ أَوۡلَى النَّاسِ بِإِبرَاهِیمَ لَلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَذَا ٱلنَّبِیُّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا وَاللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ](سورة آل عمران 68) .
[ثُمَّ أَوۡحَیۡنَا إِلَیۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَاهِیمَ حَنِیفࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ](سورة النحل 123) .
[قُلۡ صَدَقَ اللَّهُ فَٱتَّبِعُوا۟ مِلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡر اهِیمَ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰا وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ العَالَمِینَ]
[سورة آل عمران 95 - 97)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق