الاثنين، 5 أكتوبر 2020

من هو ذلك الكتاب الذي لاريب فيه -الجزء الثاني-

من هو ذلك الكتاب ؟ -الجزء الثاني- 


إن تعامل المسلمين مع المقاطع الصوتية أو مايسمى الحروف المقطّعة التي ترد في بداية العديد من سور القرآن هو تعامل مبني على ضبابية نشأت من جراء التفسيرات ، بحيث أنّ جل التفسيرات نجدها تتنصل من ذكر معنى ورود  تلك الحروف و اسبابها و معانيها ، فنجد هناك فرقة تعطيها معنى مبهم لتجعلها دون فائدة يستخلصها المسلم فيقولون له العبارة المشهورة في التفسيرات بأنّ علمها عند اللّه ، و هناك تفاسير تجعل منها ذات بعد روحي او تبرّك أو شيئ من هذا القبيل وأن الله انزلها لنقرأها وفقط .


 كلها تفسيرات لا تمت بأي صلة للمعنى الحقيقي الذي يظهره القرآن بوضوح ... سترى معنى تلك الحروف المقطعة إن مسحت من فكرك كل تلك التفاسير التي أعطت هذه المقاطع الصوتية معنى فارغ و بعيد كل البعد عن حقيقته ...ببساطة وسهولة لمن يسمع للقرآن دون أن يضع في باله أي تشويشات خارجية .


▪︎ نجد في ذكر القرآن أنها مقاطع صوتية كتب بها كتاب : 


لاحظ  :


[الم • ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين] (البقرة 1-2)

الآية تذكر ثلاث مقاطع صوتية "ألف لام ميم" ثم تذكر لك مباشرة ذلك الكتاب الذي لاريب فيه ، لاحظ جيدا الآية تشير لك إلى كتاب و ليس قرآن يقرأ ، و بالتالي فإنّها عبارة عن مقاطع كتابية كتب بها كتاب يشير إليه القرآن بإسم إشارة "ذلك" .


لاحظ أيضا الآيات التالية :


[الر تلك آيات الكتاب الحكيم] (يونس-1-) .


[الر تلك آيات الكتاب المبين] (يوسف-1-)


[المر تلك آيات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لايؤمنون] (الحجر -1-)


[الر تلك آيات القرآن وكتاب مبين] (الرعد-1-)


[الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين] (الحجر-1-) 


[طسم تلك آيات الكتاب المبين](الشعراء-1-)


[طسم تلك آيات الكتاب المبين] (القصص-1-)


[الم • تلك آيات الكتاب الحكيم] (لقمان-1-2)


كل المقاطع التي ذكرت هنا ( ألف و لام و راء و ميم و كاف وهاء و عين و صاد و طاء و سين و ميم) كلها مقاطع صوتية يأتي بعدها ذكر أنها آيات الكتاب المُبين بعبارة واضحة و صريحة "تلك آيات الكتاب المبين" .


و بالتالي فإنّ هذه المقاطع الصوتية هي عبارة عن مقاطع كتابية كتب بها كتابات معيّنة وكل مقطع منها يساوي نطقه قراءة معيّنة ... فمثلا مقطع  صوتي نطقه "عين " يكتب في ذلك الكتاب برسم رمز العين (👁) و ينطق عين ..وهكذا .


 بشكل مبسط هناك عدّة آيات واضحة تشير و تلحّ على أنّ تلك الحروف المقطعة هي كتابات منطوقها مقاطع صوتية كتب بها كتاب يتم تدليلك إليه .... لاحظ :


[الم • تنزيل "الكتاب" لاريب فيه من رب العالمين](غافر 1-2)

[حم • و "الكتاب" المبين] (الزخرف 1-2)

[حم • و "الكتاب" المبين] (الدخان1-2)

[حم تنزيل "الكتاب" من الله العزيز الحكيم] (الجاثية 1-2)

[حم • تنزيل "الكتاب" من الله العزيز الحكيم] (الأحقاف 1-2)


كلها آيات تذكر المقاطع الصوتية ثم تشير بعدها للكتاب (شيئ مكتوب) .


من جهة ثانية هناك آيات أخرى تحاول الإشارة إلى الكتاب بشكل عكسي لتدلك على أنّه كتاب يمكن أن يقرأ و أن قراءته تسمى "قرآن" ..

[ق والقرآن المجيد] ق .

[يس • والقرآن الحكيم] يس.

[ص• والقرآن ذي الذكر] ص.


و بالتالي فإن هذه المقاطع الصوتية هي كتابات أو بالأحرى رموز كتابية و كل رمز له مقروءه الخاص .


▪︎كلمة كتاب معناها كتابة ، و كلمة قرآن معناها قراءة :


  ينبغي الإشارة إلى نقطة مهمة ستزيل الكثير من الغموض و الضبابية و تجعلك ترى رسالة القرآن .. هذه الضبابية نشأت من خلال الفكر الذي جعلنا نظن بأن كلمة "قرآن" هي كلمة توقيفية اختص بها وصف عنوان القرآن الكريم الذي بين أيدينا ، لكن الحقيقة أنّ كلمة قرآن هي كلمة المقصود بها هو كلمة "قراءة" حسب اللسان العربي القديم ... وكذلك نفس الأمر مع كلمة كتاب التي أصبحنا نطلقها بشكل توقيفي على كل مجموعة ورق داخل سجل و بين دفّتين ، مع أن معنى كتاب هو "كتابة" .


 قرآن = قراءة .

كتاب = كتابة . 


 لو تأتي لشخص قديما بورقة مكتوبة باللغة الفرنسية و تقول له مانوع اللغة التي كتبت بها هذه الكتابات التي هي داخل الورقة فسيجيبك لسانيا بعبارة "هذا الكتاب قرآنه فرنسي" ... هو يقرأ من ورقة واحدة و ليس من مجموعة أوراق بين دفتين كما هي السجلات الكتابية اليوم ، لكنه سيسمي لك تلك الكتابة التي داخل الورقة بإسم "كتاب" لأنه وقتها لم تكن هناك سجلات كتابية كالتي نستعملها اليوم و أطلقنا عليها اصطللحا اسم "كتاب" ... بمعنى أن الناس قديما كانت تطلق على أي شيئ مكتوب إسم "كتاب" .


من جهة ثانية نفس الشخص معك سيستعمل معك بدل كلمة "قراءة" كلمة "قرآن" .. بحيث إذا أتيته بورقة مكتوبة بكلمات عربية وقلت له -بأي لسان تُقرأ هذه الكلمات ؟ سيجيبك بعبارة "هذه الورقة قرآنها عربي" و لن يجيبك بعبارة "هذه الورقة قراءتها عربية" ... 


الموضوع يبدوا غريب لكن السبب هو أن اللسان العربي الأصلي يعترف بكلمة "قراءة" بصيغة مذكرة فيسميها "قرآن" ، وكذلك يعترف بكلمة "كتابة" بصيغة مذكرة و يسميها "كتاب" .


يوجد عدّة أدلة في القرآن تثبت أن كلمة "قرآن" تعني لفظة "قراءة"  فلاحظ معي :


[لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِ -  إِنَّ عَلَیۡنَا جَمۡعَهُ وَقُرۡءَانَه -  فَإِذَا قَرَأۡنَاهُ فَٱتَّبِع قُرۡءَانَه -  ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا بَیَانَهُ ] القيامة .

الآية هنا تتحدث عن قراءة الرسول للكتابة التي يدعوا لها القرآن ...فالمقصود بكلمة "قرءانه" هو "قراءته" ، و معنى الآية بالشكل الوعي الذي يجب أن نفهمه اليوم هو :

(  إن علينا جمعها و قراءتها • فإذا قرءناها فاتبع قراءتها • ثم إنّ علينا بيانها ) وهي تتحدث عن الكتابة التي ستجمع ليقرأ الرسول قراءتها ويبيّنها ... فهذه الكتابة هي مفروقة لذلك خاطب القرإن الرسول بأنها ستم جمعها .


[حم • تنزيل من الرحمان الرحيم • كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون] فصلت .

المقصود هو (كتابة فصلّت آياتها قراءةً عربية) .


السر في هذا أنّ القرآن يعترف بكلمة "قراءة" بصيغة مذكّرة و يسمّيها "قرآن" .

 

 الخلاصة :


 ا كلمات "قرآن" و "كتاب" هي كلمات بصيغة مذكرة و نحن ننطقها اليوم بصيغة مؤنثة فنقول بدل كتاب كتابة و بدل قرآن قراءة .

وبالتالي :

قراءة (مؤنّثة)= قرآن (مذّكر) .

قراءته (مؤنث) = قرآنه (مذكّر) .


الآن ستتضح لنا الأمور بشكل أكبر ، و ستتضح لنا عدة عبارات و آيات قرآنية كنا نقرأها لكننا لم نكن نفهم مقصودها فقط ..


[ق والقرآن المجيد] ق .

المقصود هو (قاف والقراءة المجيدة ) إذا  فهمناها بلغتنا اليوم  ، و هي تشير لنا بالمقطع الصوتي "قاف" إلى انّه مقطع صوتي كتب بنظام رسم كتابي معيّن في كتاب معيّن ويقرأ قاف ، و قراءة ذلك الكتاب تحوي قراءة مجيدة أي ممجّدة عند اللّه .


[يس • والقرآن الحكيم] يس .

المقصود هو (يا سين و القراءة الحكيمة) ، وهي تشير لنا إلى مقطعين صوتيين من عدّة مقاطع صوتية أخرى كتبت بهما كتابة بنظام كتابي معيّن ، و تلك الكتابة تحوي قراءة حكيمة أي فيها حكم كثيرة .


[ص• والقرآن ذي الذكر] ص .

المقصود بالآية هو (صاد و القراءة ذات الذكر ) و "صاد" هو مقطع صوتي يكتب  بنظام كتابة معيّن وينطق صاد من مجموع عدة مقاطع اخرى تستخدم في نظام تلك الكتابة .


[الر تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ وَقُرۡءَانࣲ مُّبِینࣲ] الحجر .

ركّز مع الآية جيدا فهي تذكر لك الحروف ثم تشير لك بإسم إشارة بعيد "تلك" لتدلك على انها آيات الكتاب ، فالآية لم تقل عبارة ( هذه آيات الكتاب ) بل قالت "تلك آيات الكتاب" أي هي تشير لك إلى كيان مكتوب فيه نطق مقاطع الصوتية بشكل ألف و لام و راء .

.

.

.

.

يتبع ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق