إذا اردنا فهم القرآن فعلينا أن نفهم معنى الأسماء ... فأي كلمة مذكورة سواءا كانت فعلا أو ظاهرة أو شيئا هي في حقيقتها تحمل معناها من خلال منطوقها ... فالإسم يجب أن يكون مطابقا للمسمّى .
الآن ، لدينا كلمة عرفات في القرآن .. فمن هي عرفات ؟
[ فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ] البقرة .
أولا ، الإسم ورد وراءه كلمة "الإفاضة" ؟
كلمة الإفاضة مشتقة من حقل لساني واحد يخص :
فاض _ فيض _ فيضان _ مفاوض .. و هي تختلف بمعناها باختلاق العبارة المستعملة فيها .
لكن ، من خلال اللسان الذي نتحدث به نستعمل الكلمة كثيرا للدلالة على صعود شيئ على شيئ آخر ، أو زيادة عن حدّه الطبيعي .. فنقول مثلا :
فاض الحليب ... و هي عملية تحدث بعد غليانه فيزيد ارتفاعه عن الارتفاع الطبيعي ويصعد .
فاض الواد ... و هي من فيضان ، فالواد يزداد منسوب مياهه بصعودها عن الحجم المطلوب .
عموما الكلمة من خلال الكلمتين السابقتين ، تعني الصعود أو الزيادة و الارتفاع عن الحجم الطبيعي .. و هو ما يتلائم مع عبارة صعيد عرفات .
و بالتالي فإن عرفات هي منطقة صاعدة .. و صعودها يسمى إفاضة ...
فإذا أفضتم من عرفات = فإذا صعدتم من عرفات .
بمعنى اصبحتم صاعدين فوق عرفة .. و يمكنك تخيل هذا بالنسبة لأناس صعدوا إلى شيئ و ظهر اكتمال صعودهم .
وهذا ما يدل على أن عرفات منطقة مرتفعة عن منطقة أخرى متاخمة لها و منخفضة .
ثانيا ، و هو لب الموضوع "عرفات" ؟
فكلمة عرفات .. هي كلمة مشتقة من التعارف ..
فعلات = فعلة = تفاعل.
بركات = بركة = تبارك .
عرفات = عرفة = تعارف .
بمعنى أن منطقة عرفة سميت كذلك لأنها منطقة تعارف ... و هي بالضبط تذكرنا بآية قرآنية أخرى :
[ يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ]
الحجرات .
و بالتالي فإن هذه المنطقة هي منطقة حج تسمى عرفات و تقع في منطقة صاعدة .. و قد سميت عرفات لأنها مكان يلتقي في الناس التي تحج من كل أنحاء العالم ليتعارفوا .. فالإسلام في رسالته يدعوا للخلاف و التفرق و يدعوا إلى اتحاد الشعوب و الثقافات و التعارف فيما بينها .
منطقة هضبة الجيزة التي يقع فيها الهرم الأكبر هي عرفات .. فهي هضبة صاعدة و الناس إذا ارادت الوصول الى تلك المنطقة فهي تصعد بشكل سلس .. و قد وضع فيها بيت الله الحرام لأنها منطقة عالية عن باقي الارض المحيطة بها نظرا لأن المسجد في أصله يجب أن يكون في منطقة عالية تقديرا لجلالة الله و بيته .
و نستنتج أيضا أن من حكمة الحج هي تلاقي ثقافات الناس و تعارفهم و تمازجهم لكي ينبذ الخلاف .. فإنطواء الشعوب يولد ما يسمى مرض الشعوبية و العداوة كما هو ضاحل الآن .
أما المشعر الحرام .. فهو المسجد الحرام .. و قد سمي بالمشعر لأنه يستشعر فيه الله بذكره (مشعر = من الشعور) ... فالمسجد الحرام المفروض يكون اكثر الأماكن استشعارا بالله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق