[ إن عدة الشهور عند الله إثنتى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و الأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم و قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين • إنما النسيئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما و يحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرّم الله زيّن لهم سوء أعمالهم و الله لا يهدي القوم الكافرين ] التوبة .
ما معنى النسيئ ؟
إسم النسيئ من نفس الحقل الدلالي لإسم "المنسأة" الوارد في ذكر حادثة موت سليمان .
[ فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبيّنت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ] سبأ
التفاسير تقول أن المنسأة هي عصى كان يتكئ عليها سليمان ، و أنه بعد أن أكلتها دابة الأرض (الأرضة) وقع سليمان فعرفت الجن أنه مات ، لكن هل من منطقي أن شخص ميت يبقى متكئ على عصى مدة طويلة لغاية أن يأكل خشب العصى و يسقط صاحبها ؟
المفروض أي واحد يموت يفقد السيطرة على الإتكاء و يسقط .
ما نتفق عليه أن القرآن يقول بأن سليمان "خرّ" و بالتالي هو كان مرتكز على شيئ ، و هذا الشيئ هو المنسئة التي حافظت على استناده عليها لغاية أكلها من دابة الأرض ... فماهو هذا الشيئ الذي يبقي الإنسان مرتكز كل هذه المدة دون يسقط و ماهي الوضعية التي كان عليها هذا الشخص حتى حافظ على ارتكازه ؟
من المنطقي أن وضعية الوفاة التي لاننتبه لها تكون وقت مايكون الإنسان نائم ، فلا نعرف أنه ميت إلا بعد طول نومه الزائد عن المتوقع .. فهو يكون في وضعية إتكاء و استلقاء بمثل الميت .
أما عن الشي الذي يستند عليه الإنسان أثناء النوم فإنه لا يستند إلا وسادة .
و بالتالي فإن وضعية سليمان كانت في وضعية نوم لاتدل على موته ، و الشيئ الذي دل على موته هو المسند الذي كان يستند عليه و هو مستلقي أي الوسادة ... فماهي هذه الوسادة ؟
الوسادة حسب الوصف أكلتها دابة الأريض فواضح أنها خشبية ... فهل في القدم كانت هناك وسائد خشبية ؟؟
في الصورة المرفقة صور من الأثار المصرية القديمة للبشرية الأولى ، و يظهر في الصورة أن شكل الوسادة غريب و يشبه في شكله شكل الهلال ، بحيث كانت تصنع من الخشب أو العاج أو من المعادن النفيسة للفخر ، و هي تشبه بشكلها نفس شكل اليد عندما نضعها وراء أسفل الرأس ، و لربما أن النوم على هذه الوضعية له فوائد.. و بالتالي منطقيا أن وسادة سليمان كانت من الخشب و كانت بنفس الشكل الموجود في الأثر القديم و التي أرفقناها بالصورة ... و تسمى "المنسأة" حسب لسان القرآن .
لو تلاحظ معي أن شكل الحشرة الأرضة (النمل الأبيض) التي تأكل الخشب يشبه شكل مقصاتها شكل الوسادة الخشبية ، حيث تتخذ شكل هلالي (انظر الصورة مرفقة تحت المنشور) .
لماذا سميت المنسأة ؟
الإنسان عندما ينام فإنه يكون في وضعية نسيان ، فلو نبحث عن طريقة تجعل الإنسان ينسى كل شيئ حوله فإنه لا يلجئ إلا للنوم .. فالنوم راحة للعقل و الجسم و راحة العقل هي النسيان ... و بالتالي فإن مسند الرأس هذا هو بمثابة منسي للعقل ، خصوصا أن الإتكاء عليه يكوت ناحية مؤخرة الرأس و هي الجهة المسؤولة على التذكر أو فقدان الذاكرة .
ما علاقة المنسأة بالنسيئ ؟
النسيئ الوارد في القرآن له علاقة بالتقويم ، فهو مرتبط بعملية تجعل الناس تضل عن موقع عدة الأشهر الحرم و باقي الأشهر التي عددها كاملة إثنى عشر شهرا ... و بالتالي فمركز هذا الإسم متعلق بتضليل الناس عن تحديد بداية الأشهر و نهايتها .
الشيئ الذي يمكننا من معرفة عدة الشهور هو القمر ، و القمر خلق أول مرة و جعل له منازل ثابتة .. فهل يمكن أن يكون النسيئ هو مرحلة من مراحل القمر يتم استخدامها لإضلال الناس عن ميعاد بداية الشهور ؟
لو نلاحظ أن شكل الهلال في النقوش المصرية القديمة بنفس شكل الوسادة الخشبية التي ذكرنا أنها المنسأة ( و لكم وافر الإطلاع على التمثال الأثري المرفق تحت والذي يجسد شكل القمر و تحته الهلال كأنه وسادة له ) ... و كما هو معروف اليوم فإن الهلال هو الوضعية القمرية المعتمد عليها لتحديد بداية الأشهر ، فهل هذا غلط و تضليل ؟
الشكل المبين لصورة القمر في الكتابات الأثرية المصرية يظهر تحته الهلال و كأنه نائم على الوسادة الخشبية التي ذكرنا أنها المنسأة ، فهو يمثل مرحلة نومه بمثل ما ينام الإنسان على المنسأة ... و يمكننا التدبر كذلك في أن الليالي التي يغيب فيها القمر و يكون هناك هلال ضئيل نجدها ليالي مظلمة أي ليالي نوم ، عكس الليالي التي يكتمل فيها القمر و يكون ضوء القمر بارز و منير .
بغض النظر عن هذا هناك شبه واضح بين شكل الوسادة الخشبية (النسيئ) و بين شكل الهلال ... و لذلك وصفه القرآن لمن يتدبر بأنه النسيئ .
... إذا كان النسيئ هو الهلال فهل التقويم الذي يعتمد على تحديد بداية الأشهر عن طريق رؤيته هو تقويم مضلل ؟ نعم ، لأنه ببساطة هناك قمر واحد يعتمد على دورة زمنية واحدة و من غير المعقول أن نجد الشهر كل مرة تتغير عدته .
قمر واحد مدة منازله ثلاثين يوم ، إذا أردنا التلاعب بمنازله الزمنية فسنأتي للناس و نحدد بدايته بالشك (ليلة الشك) .. كيف ؟
طبعا عن طريق دس حديث يحدد بداية شهر مقدس للناس (رمضان) برؤية الهلال "صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته" ... فتارة يتم تحديد الشهر القمري بثلاثين و تارة بتسعة و عشرين ، و كل ذلك عن طريق ما يسمى ليلة الشك التي تنتظر حلول الهلال النسيئ .
معنى "أنما النسيئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما و يحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ما حرم الله " عن طريق تحليل رؤية الهلال عاما و تحريم رؤيته عاما آخر من خلال التلاعب ببداية الأشهر الإثنى عشر ، و بالتالي هذا الشيئ يسبب عدم توازي الأشهر الإثنى عشر و ثبوتها على فصول السنة في ميعادها المحدد ، و هذا مايسبب اختلالا في تحديد الأشهر الحرم و بالتالي تحليل ماحرم فيها .
ماهي الطريقة الصحيحة لتحديد بداية الشهر بطريقة واضحة و ناصعة و لايوجد فيها ليلة شك ؟
واضحة ، و هي مايسمى البدر ... تسمية اكتمال القمر بالبدر هي تسمية فصيحة و لها مدلولها .. فكلمة البدر تعني البداية ( أبادر = أبدأ) ، مثلا نقول "بادر الشخص بالعمل" يعني هو أول من بدأ بالعمل .. فلفظة البدر تعني البدر تعني البداية و مصدرها المبادرة (بدر ، يبادر، مبادرة) .
بداية الشهر تقاس باكتمال القمر و بداية تناقصه ، أي أن اكتمال القمر بدرا يعني بدايته وبداية العد التنازلي للشهر الذي يمثله لغاية آخر يوم يكتمل فيه القمر قرصا .
ليلة إكتمال القمر بدرا = ليلة بداية الشهر و نهاية الشهر الذي قبله ، أي أنها الليلة الفاصلة بين شهرين .
أي أننا في شهر رمضان يجب أن نقول "صوموا لإكتماله و افطروا لإكتماله" ، أو نقول "صوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته" نسبة للقمر البدر .
المنطق القرآني يقول أن الله أول مرة خلق القمر ، أي أنه خلقه مكتملا و من ثمة القمر يتنازل (قدره منازل) .. و بالتالي فإن منطق بداية الأشهر دون شك و ريب هو اكتمال القمر بدرا و ليس في فترة نومه .
البدر بادرة بداية الأشهر .. أما الهلال النسيئ و ليلة مايسمى ليلة الشك هي تضليل هدفه إبعاد الناس عن تحديد بداية الأشهر الثابتة ليضل الناس عن تحديد شهر رمضان و الأشهر الحرم و باقي المناسبات .
[ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج و ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقى و اتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون ] البقرة .
الأهلة هنا معناها بيوت مخصصة في اوقات لعمرة الناس و في أوقات لحج الحجيج ، و سنتكلم عنها في منسور لاحق ... أي معنى الاية :
(يسألونك عن البيوت قل هي مواقيت للناس و الحج و ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها .... ) .
.
.
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق