.
التسميات التي تطلق على المدن و الأراضي التي يسكنها كل فرد هي أسماء تجعلك تحس أنك تسكن بلدك أو بلد أجنبي غريب عنك ... فإذا كنت أنت كمصري لا تعرف في تاريخ أجدادك إسم رمسيس و كليوباترا ثم يأتي شخص يسمي شارع من شوارع مدنك بهذه الأسماء فطبعا ستحس أنك غريب عن هذا البلد حتى لو كنت تملك جنسية مصرية تثبت أنك جدك العاشر سكن مصر ... أنت ولد صغير ولد في منطقة إسمك الرباعي فيها "علي محمد سعيد رمضان" ثم في وسط بلدك تجد يافطة تسمي المنطقة بإسم رمسيس أو كليوباترا فطبعا ستحس بعدم الامان و ستحس أنك في بلد تسميات مناطقه غريبة عن حقيقة مسقط رأسك ، لكن بالمقابل عندما تسافر لمنطقة إسمها الإسماعيلية أو الإبراهيمية ستشعر أنك في بلدك الذي يحمل إسم من أسماء أجدادك الطبيعيين .
الإحتلال لايكون بالبندقية و البارود لكن يمكن أن يكون بالإسم و الكلمة كذلك ، و هو الأسلوب الأخطر الذي يواجه بلداننا عندما يتم إلصاق تسميات غريبة جاءت من تاريخ كتبه شخص لم يسكن هذه الأرض و أطلقه على جغرافيا لا تخصه ... فأحدث شرخا بين الواقع و التاريخ .. تاريخ مدسوس على حقيقة تاريخية مغيبة تم طمسها عنوة .
في الجزائر لدينا مدينة إسمها في الكتب و اللافتات "قسنطينة" لكن جدي و أبي و أمي و كبار السن يسمونها "قسمطينة" .. الحقيقة عندما سافرت لهذه المدينة السياحية كنت مغيبا بأن استمتع بمناظرها كونها بلدة من بلدان بلدي أم أبقى حائرا في إسمها الغريب المسجل على لافتاتها و تاريخها المورّق ... و أي إسمٍ أتّبع الإسم الذي يطلقه عليها شعبها العامي أم إسم الورق و اللافتات ؟!
قسنطينة إسم غريب تم إلصاقه على المدينة فقط لإثبات أنّ تمثال الرأس الرخامي الموجود أسفله هو شخص إسمه قسطنطين الأول كان له الحق في إطلاق هذه التسمية قبل 2000 سنة ؟!
هل اتبع تاريخ غريب جاء من شخص يملك إسم غريب عن لساني و تاريخي الواقعي أم أتبع الورق الذي جاء به المحتل الفرنسي ؟!
قسمطينة و قسنطينة .. حرّف الميم حُرّف لحرف النون ليكسب ليكسب قسطنطين الأوّل ... و يخيل للناس أنها كلمة غريبة جاءت من هذه الشخصية اليونانية .
عندما تسافر للمدينة ستلاحظ أنّها مبنية فوق طين صخرة كبيرة و فيها شق مقسوم ، جعلها تتمتع بجسور زادت من جمالها ... فهل هذا هو سبب إطلاق الناس القديمة عليها إسم "قسمطينة" بالميم بدل "قسنطينة" ؟
الحقيقة أن إسم "قسمطينة" تحسه إسم مركب من "قسم طينة" أي طينة مقسومة ، و هو بالضبط الشكل الجغرافي الذي يمثل المنطقة في مبنية فوق نلة كبيرة تشبه الصخرة المقسومة ، و وسط هذا الشق المقسوم يوجد نهر يجري من تحت كالفج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق