الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

‐ اليونان و اليهود .. كيف يعطي الغرب شرعية تاريخية له على ارضنا ‐

‐ اليونان و اليهود .. كيف يعطي الغرب شرعية تاريخية له على ارضنا ‐

 أقدم رواية يعتمد عليها اليونان في اثبات تواجدهم على هذه الأرض هي كتاب هيرودتس الذي قالو أنه كتب أربع قرون قبل الميلاد .

اقدم رواية يعتمد عليها اليهود في اثبات تواجدهم كشعب في هذه الأرض هو العهد القديم الذي قالوا أنه كتب  قرونا قبل الميلاد .

تلتقي رواية اليونان و اليهود في نقطة القرن الثالث قبل الميلاد ، عندما قالوا معا أن هناك حاكم يوناني كان يحكم مصر اسمه بطليموس الثاني قد قام بالتفتح حول اليهود و اصدر قرار بترجمة كتابهم من لغته العبرية إلى اللغة اليونانية و هو مايسمى "الترجمة السبعينية" ... ما معنى هذا بشرح مبسّط ؟

هذا يعني أنّه يجب على خَلف اليونان الذين هم دول أوروبا و الغرب و كذلك علماء اليهود إثبات شيئ مركزي .. وهو أنّه يجب أن تكون هناك أثار تثبت تواجد بطليموس الثاني الذي تعايش مع اليهود و وجدهم داخل منطقتنا في الشرق الأوسط ..لماذا ؟ طبعا لأنه حسب الرواية هو الشخص الذي أمر بترجمة كتابهم من العبرية إلى اللغة اليونانية ..

..................................................................................

سنشرح أكثر ...

الغرب عندما فكك النقوش سعى الى اثبات ان كل التاريخ الذي قبل الميلاد يتوافق مع كتاب هيردوت و العهد القديم  .. نظرية تواجد اليونان يتبناها كتاب هيردوتس ، و نظرية تواجد شعب اليهود يتبناها كتاب العهد القديم  .. بمعنى ان قدسية كتاب هيرودت هو اثبات وجود اليونان على هذه الأرض قرونا قبل الميلاد  بمثل مايسعى كتاب العهد للقديم لاثبات وجود اليهود قرونا قبل الميلاد على هذه الأرض.. 

اثبات هذا الوجود و اسقاطه على ارض الواقع تم عندما تم ترجم و فكّك علماء الغرب نقوش المنطقة اتباعا لأهواء نظرية كتاب العهد القديم و الرواية اليونانية .. و اسقطوا الاحداث و المسميات و الجغرافيا التي يتحدث عنها الكتابان  على كل أثار المنطقة ... فأصبح ساكن المنطقة اليوم يرى نفسه كائنا غريبا غائبا عن تاريخ هذه الأرض .

- كيف ؟

لإثبات تواجد اليونان على مسرح المنطقة يجب على اليونان إثبات تواجد إسكندر الأكبر الذي أدخل اليونان إلى تاريخ المنطقة ... فهو حسب رواية كتاب هيرودتس قد دخل غازيا في القرن الرابع قبل الميلاد و تمكن أوّل شيئ من هزيمة الدولة الأخمينية التي كانت منتشرة في منطقة الشرق الأوسط ....إذا على علماء الغرب إثبات وجود دولة تسمى الدولة الأخمينية لكي يصدق الناس أن هناك ملكا يونانيا قد ألحق بها الهزيمة .

نفس الشيئ لدى اليهود و كتاب العهد القديم ، فهم كذلك عليهم إثبات وجود الدولة الأخمينية لأن كتاب العهد القديم يذكر أن هناك ملك فارسي من هذه الدولة قد حرر اليهود من بطش حضارة أخرى كانت قائمة في أرض المنطقة و هي دولة بابل ... و بالتالي على علماء اليهود إثبات وجود دولة بابلية يهزمها ملك أخميني يسمى قورش .

الآن .. إذا أتفق علماء الغرب و علماء اليهود على وجود دولة بابلية و ملك أخميني يسمى قورش على أثار منطقتنا ، فإنه منطقيا سيستفيد اليهود من  إثبات صحة كتابهم الدبني و شرعيتهم على هذه الأرض .. وكذلك سيستفيد علماء اليونان من صحة نظرية تواجدهم على هذه الأرض نظرا لصحة وجود دولة تسمى الدولة الأخمينية التي سيهزمها الإسكندر المقدوني .

...................................................................................

ماذا فعلو لإثبات تواجد اليونان و دولة اليهود على مسرحهم التاريخي في المنطقة ؟

▪︎اثبات وجود إسمي بطليموس في تاريخ الأثار المصرية :

اخرجوا من الكتابات الأثري المصرية اسمي "بطليموس" و "كليوباترا" اللذان هما إسمين لهما باع طويل في الرواية اليونانية التي تحكي عن فترة ما يسمى "مصر اليونانية" ... و كما يعتبر اسم بطليموس الثاني الذي يظهر في القرن الثالث قبل الميلاد عنصر مهم عند اليهود ، فهو يثبت أنه كانت هناك ترجمة لكتابهم المقدس إلى اللغة اليونانية في تلك الفترة و أن ما قبلها كان كتابهم الديني متواجد باللغة العبرية .

الراعي الرسمي لإخراج تسميتي كليوباترا و بطليموس هو "حجر رشيد" و "مسلة فيلة" بحيث تم اكتشاف هاذين الأثرين  بشكل متسلسل و بنفس الخصائص .. خصائصهما أنهما يمتلكان كتابة اثرية منقوشة باللغة اليونانية و اللغة المصرية القديمة ، هذا الشيئ ووعن طريق مظاهاة الخطين الكتابيين مكنهم من اثبات تواجد الإسمين باللغة المصرية القديمة ..و بالتالي أن اي قارئ يطلع على الأثرين ويراهما محفورين بكتابة مصرية قديمة جنبا إلى جنب مع اللغة اليونانية سيشعر و يتيقن بأن المصريين قديما عرفوا هاذين الملكينوو عرفوا تواجد اليونان داهل نسرح تاريخهم .

▪︎إثبات وجود إسم قورش مع دولته الأخمينية يحطم دولة أخرى تسمى بابل :

إثبات وجود إسم قورش يثبت وجود الدولة الأخمينية و بالتالي فإن رواية اليونان حول وجود ملكهم الإسكندر المقدوني الذي حارب هذه الدولة ستصبح منطقية و مقبولة لدى الرأي العام ... و هو ما تحقق بالفعل عندما اخرجوا للناس إسطوانة طينية مكتوبة برموز أسموها الكتابة المسمارية ، بحيث ترجموها للناس على أنها تتحدث عن ملك إسمه قورش يتغلب على مملكة أخرى تسمى بابل في العراق .

القصة لم تتوقف هنا ، بل إن إسم قورش أكثر من مهم لدى الكتاب الديني لليهود فهو يذكر إسم هذه الشخصية على أنها حررت مملكتهم المسماة يهودا من احتلال دولة بابل ... و بالتالي اثبات تواجد هذه الحادثة يجعل من كتابهم يحمل معلومات صحيحة و يعطيهم شرعية تاريخية على حقهم في هذه الأرض .

على كل التاريخ الأكاديمي الذي يدرس في مناهجنا أن يتوقف ... لأننا نسير وفق خطة و مشروع يسعى لإحتلال هذه الأرض .. نحن أبناء هذه لم نكتب التاريخ القديم الذي يدرس حاليا و لم نقرأ و ندرس أثارنا بأنفسنا ..من درسها هو عدو يمارس مشروعه الإحتلالي و يضحك علينا .

- إسطوانة قورش أم قنبلة يهودية -

- إسطوانة قورش أم قنبلة يهودية -

" أنا كورش،‏ ملك العالم،‏ الملك العظيم،‏ الملك القدير،‏ ملك بابل،‏ وسومر وأكّاد،‏ ملك الأطراف الأربعة للأرض،‏ ابن قمبيز قمبوجيا‏ ،‏ الملك العظيم،‏ ملك أنْشان،‏ حفيد كورش الأول...سليل تيسبيس، الملك العظيم،‏ ملك أنْشان...سليل أسرة تربعت على العرش دومًا، والذى يحبه بيل مردوخ ونبو، ذاك العرش الذى يهتمان لأمره ويفرحان له"

هذه العبارات عندما يقرأها علماء انجليز و فرنسيس من أثر وجدوه داخل أرضك فهي ليست افتخارا بتاريخك و لا انبهارا بعتاقة تاريخك ...هذه العبارات هي عبارة عن ديناميت محشي داخل القطعة الطينية التي تسميها إسطوانة قورش .

تعتبر الترجمات التي استخرجها الغرب من إسطوانة قورش في العراق دليلا تأسيسيا جديدا لعلماء اليهود و المدارس التاريخية العالمية .. و يستدل بهذا الدليل على وجود الشعب اليهودي في أرض الشرق الأوسط قديما نظرا لأن إسم قورش ورد ضمن كتاب العهد القديم كشخصية محررة لليهود من الحكم البابلي الذي اخرجهم من ارضهم و حطم مملكتهم .. حيث يرِد في كتاب العهد القديم على أنه ملك عايش وجود اليهود ودولتهم "يهودا" في منطقة الشرق الأوسط .. وقد ورد ذكر كلام قورش في كتاب اليهود كالآتي " جَمِيعُ مَمَالِكِ الأَرْضِ دَفَعَهَا لِى الرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ، وَهُوَ أَوْصَانِى أَنْ أَبْنى لَهُ بَيْتًا فِى أُورُشَلِيمَ الَّتِى فِى يَهُوذَا. مَنْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ شَعْبِهِ، لِيَكُنْ إِلهُهُ مَعَهُ، وَيَصْعَدْ إِلَى أُورُشَلِيمَ الَّتِى فِى يَهُوذَا فَيَبْنِى بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. " .

تعتبر إسطوانة قورش الإكتشاف الأثري المبهر لعلماء الغرب في العراق بعد تمكنهم من ترويج خبر تمكنهم من قراءة الكتابات المصرية القديمة ، و تم اكتشاف الحجر في عام 1879 عندما عثر  شخص يدعى هارمزد الرسّام "Hormuzd Rassam"  على اسطوانة طينية بطول 22سم×8سم ، هارمزد حسب الرواية هو عراقي ينتمي لديانة الكنيسة الكاثوليكية فوالده يعتبر أسقف الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية .. أصبح هارمزد تلميذا للسياسي و العالم الأثري البريطاني هنري لايارد الذي اكتشف اولى الآثار العراقية "ملحمة جلجامش" و التي نقلها رفقة أثار تماثيل الثيران المجنحة إلى بريطانيا .

دعونا نناقش هذا الموضوع و نطرح أسئلة منطقية ..

هل من العفوية شخص كاثوليكي كتابه الديني(العهد الجديد) يعترف بكتاب العهد القديم ، يلتقي بعالم و سياسي بريطاني مشهور مثل هنري لايارد الذي يعتبر ذو انجاز كبير باكتشافه الواح ملحمة جلجامش ؟  .. حيث أن اكتشاف هنري لالواح ملحمة جلجامش مكنه من إثبات وجود تشابه كبير بين أحداث الطوفان العظيم المسرودة في الترجمات المخرجة من تلك الالواح الطينية و بين احداث الطوفان الذي يتحدث عنه كتاب العهد القديم اليهودي .. و بالتالي يكون هنري لايارد صاحب اكتشاف عظيم لعلماء اليهود مكنهم من اثبات صحة كتابهم الديني الذي أصبح يعاصر أقدم أثار الأرض بعمر يصل الى الاف السنين قبل الميلاد .

هل من التلقائية أن يكون هارمزد الرسام تلميذا لهنري لايارد مكتشف ثاني أثر مؤيد و مطابق لكلام العهد القديم ؟ و هل من الصدفة أن يكون الإثنان يؤمنان بكتاب اليهود على أنه جزء من كتابهم الديني المقدس ... ألا يصور لك المشهد أننا أمام شخصيتان تتعامل وفق البحث عن أثرين يؤيدان معلومات كتابهما الديني .

 كيف تمكن علماء الغرب من قراءة هذه الرموز الصغيرة التي سماها الكتابة المسمارية و التي يعود عمرها إلى 5000 سنة حسب تقديرهم ؟

قبل كل هذا أرى أنه من اللامنطقي أن يكتب إنسان بدائي بحروف هجاءية يتفق عليها بتلك السرعة الرهيبة .. فبحسبهم أن هذه الكتابة الاثرية قد عاصرت بداية تاريخ الأرض و مايسمى الطوفان العظيم .. فالعلم الكتابي الذي من المفروض أن يكتب به إنسان بدا للتو في اكتشاف الموجودات حوله هو لجوءه للرسم الكتابي ، بمعنى يرسم و يصور ما يرى أمامه و ليس اعتماد كتابة ذات رموز مثل تلك .

الشيئ الثاني هو أن تلك الكتابة المعقدة قد استمرت مئات السنين ، فقد ذكروا أن الواح جلجامش قد كتبت 18قرن قبل الميلاد .. فيما أن حادثة قورش التي يشهد عليها حسبهم تلك الإسطوانة الطينية قد كتبت في القرن الخامس قبل الميلاد ؟! ..فكيف استمر الناس في الكتابة بتلك الطلاسم المعقدة  كل تلك المدة .. عندما تشاهد الرواية اليونانية فإنك تجدها تعتمد على كتاب هيردوتس بالكتابة اليونانية الذي ظهر حسبهم في القرن الرابع قبل الميلاد و هو زمن قريب جدا لحادثة قورش و بابل ... فكيف لأناس مثل اليونان وصلوا إلى تلك الكتابة البسيطة المستمرة إلى اليوم فيما تجد شعب يملك مثل تلك الحضارة الموصوفة يكتب على الطين وبذاك الخط المعقد .

لنفرض أن قراءة علماء الغرب لتلك الكتابات هي قراءة صحيحة .. هل من الممكن أن يعطونا الطريقة التي تمكنو من خلالها قراءة تلك الحروف الكتابية و أخرجوا تلك اللغة الغريبة التي سموها بابلية .

بالإضافة إلى هذا .. ربما هذا يدعو للسخرية و الضحك .. ما مغزى هذه الإسطوانة التي اخرجوا منها اسم قورش و انجازه ..مامعنى صناعتها بذلك الشكل ؟ لم نعرف أهي بشكل سنبلة ذُرة أم شكل اسطواني لقنبلة ام ماذا ؟!! حقيقة شكلها مضحك و لايدل على أي رمزية .. يدل على إنّ في الموضوع .

علينا جميعا أن نعرف بأن كل الاثار قد تم دراستها من طرف أناس أتو إلى هذه الأرض و هم يحملون مشروع صنع حضارات غريبة عنا ..حضارات تتحدث لغات غريبة عن لساننا و تؤمن بأديان و الهات غريب نطقها .. و الوحيد الذي يخرجونه منطقيا من تلك الأثار هي التسميات التي وردت في كتابهم العهد القديم و وفق ما تقتضيه الرواية اليونانية .. فمثلا إخراج إسم قورش كملك من ملوك الدولة المسماة "الدولة الأخمينية" سيوثق كذلك دخول اليونان إلى مسرح تاريخ المنطقة لأن الرواية اليونانية تقول أن الاسكندر المقدوني قد تمكن من دخوله و اليونان إلى المنطقة عن طريق القضاء على دولة كانت تحكم المنطقة تسمى الدولة الأخمينية .

- ذاكرة التيه ج 3 (لماذا واقعنا اليوم غائب عن تاريخنا ؟)

- ذاكرة التيه ج 3 (لماذا واقعنا اليوم غائب عن تاريخنا ؟) -

كل من يسكن هذه الأرض يحس نفسه تائها فيها و هو يقرأ تاريخها .. تيهانه يكمن في أنه يجد شعوب لا تسكن هذه الأرض لكن تاريخها مذكور في أثارها .. و بالأخص فترة ماقبل الميلاد ....مالسبب ؟

 السبب الأوّل هو أن ذاكرتنا تواجه حاجز فاصل بين الزمن الذي ذكر تواجد آثارنا خلاله ، و بين تاريخ الزمن الذي نرى أننا خرجنا بواقعنا منه اليوم ... وضّح ، كيف؟

 بمعنى أنّ أي شخص منا لا يمكنه أن يرى أناس تتحدث العربية و تؤمن بالإسلام خلال التواريخ التي هي من زمن ماقبل الميلاد و ما بعده  إلى غاية رواية ظهور الإسلام في مكة .. فنحن نرى أنفسنا مختفين و لاوجود لنا قبل تاريخ رواية مكة ، لكننا فجأة و مع ظهور رواية مكة في القرن السادس نجد أنفسنا مسلمين و نتحدث العربية و ننتشر بثقافتنا على طول مساحة كبيرة .

السبب الثاني هو مشكلة دراسة الأثار ، بحيث أننا لا نجد أي ذكر لمقومات واقعنا اليوم داخل الدراسات و الترجمات الكتابية لكل الأثار المتواجدة على منطقتنا ... فما الخلل ؟

أّول شيئ علينا أن نعلم أن الأثار تعتبر هي الشواهد الوحيدة التي يمكن الإرتكاز عليها في وصف التاريخ القديم ، بمعنى أن الكتابات النظرية التي تكتب في الكتب هي مجرد حبر  على ورق إذا لم تساندها أثار تشهد على ذلك الزمن .

فإذا ما تم دراسة الأثار و تفكيكها وفق ما تتحدث عنه النظريات الكتابية و بشكل مطابق فإن ذاك التاريخ النظري يصبح حقيقي ومرسّم على الواقع ... فهل تم القيام بهذه الخطوة من أجل نفي تاريخنا من على أثارنا و إسقاط نظريات تاريخ وهمية ؟

نعم ... بالضبط ، لأن من قام بفك و دراسة كل أثارنا هو عدو دخل هذه الأرض من أجل غزوها ... لذلك فإن سياسة الطمس الثقافي و القضاء على هوية شعوب ساكني الأرض المحتلة تعتبر من أولى الخطوات التي يقوم بها أي مستعمر يريد كسب مفاتيح الأرض . 

▪︎لصالح مَنْ اختفى تاريخنا مِن أثارنا ؟
 
 مع ازدياد تأثر مؤرخي المنطقة و المولعين بالدراسات الأكاديمية الغربية نلاحظ توسع مصطلح "جغرافيا التوراة" ، فالمؤرخين الأكاديميين لدينا يرون بأن كتاب العهد القديم هو الكتاب المقدس المقصود بالتوراة التي نزلت و نشأت في هذه الأرض قديما و التي حسبهم هي نفسها التوراة التي يعترف بها القرآن ، وأن تسميات الشخصيات و الجغرافيا و الأحداث الموجودة في كتاب العهد القديم هي  حقيقة وقعت في تاريخ هذه الأرض  . 

أكثر شيئ ساهم في تبني هذه النظرة حول مصداقية الكتاب اليهودي على هذه الأرض هو نقطتين :

• النقطة الأولى هي متعلقة بالجانب الثقافي الديني المقدس و بالضبط مايسمى الترتيب الديني ، بحيث أن المسلم أو عموم العقل البشري ترسخ لديه بسبب كتب التاريخ مصطلح الأديان الثلاثة التي نزلت بالترتيب ... يهودية ثم مسيحية ثم إسلام ... و بالتالي فإنّ أي شخص قارئ للتاريخ سيعتبر أن اليهودية هي أقدم ديانة وجدت في التاريخ القديم لهذه الأرض و أن شعبها قد عاصر ما يسمى الحضارات القديمة التي كتبوا عن تواجدها على طول الأثار الموجودة في المنطقة .

• النقطة الثانية هي أن تاريخ أثارنا تم دراسته وفق الدراسات الغربية على أنه تاريخ حضارات نشأت قديما وفق الرواية اليونانية و رواية كتاب العهد  القديم ، بحيث أنك عندما تقرأ وصف ودراسات الأثار  تجدها مطابقة لنفس أو جزء من ماكتب عن الشخصيات و التسميات التي تذكرها كتب الرواية اليونانية و اليهودية .

▪︎ دراسة الغرب للأثار المصرية و العراقية هي أوّل من أنشأت هذا الفكر ... لاحظ :

قبل كل هذا على الجميع أن يعلم بأن نظرة شعوبنا لكل الحضارات التي نشأت قديما لم تكن موجودة قبل قرن أو قرنين بالكثير ، لأن أوّل من اكتشف و ذكر تلك الحضارات داخل أثارنا كان مع بداية الإحتلال الفرنساوي و البريطاني قبل قرنين .

حسب التاريخ القريب فإن البعثات الغربية قد دخلت مع حملة نابليون بونابرت إلى مصر ، و مباشرة بدأت الإكتشافات تتسلسل بطريقة مطابقة لما تذكره الرواية اليونانية و ما يذكره كتاب العهد القديم .... تسلسل غير بريئ بالمطلق ..

• توماس يونغ حسب ما أُّرِّخ عنه أنه عالم بريطاني عاش في القرن الثامن عشر ، أوّل ماقام به هذا البريطاني من اكتشاف هو عندما أوصل له صديقه المهندس النحّات جون بانكس أثر مصري لمسلة حملت و نقلت من مصر إلى انجلترا ... قام توماس يونغ بعدها بإخبار العالم أجمع و عن طريق تأثير الصحافة الأوروبية أن المسلة التي أحضرها له صديقه بانكس تحوي إسمي شخصيتين يونانيتين  حكما مصر قديما و هما "كيليوباترا" و "بطليموس" .

• بعد حادثة توماس يونغ يخرج فرنسي آخر يدعى حسب المؤرخين "جاك شامبليون" ، أوّل ما قام به شامبليون بالتنسيق مع ما اكتشفه صديقه الإنجليزي يونغ هو قراءته لنقوش كتبت على حجر يسمى "حجر رشيد" قالو أنه عثر عليه الجنود البريطانيبن و الفرنسيين في مصر ، و هو عبارة عن حجر يحوي على كتابة يونانية مع كتابات اثرية مصرية قديمة ... فأكمل شامبليون ما قام به توماس يونغ و أخرج أول كلمة من الكتابات المصرية قال أنها تنطق "راعمسيس" و هي حسبهم إسم شخصية ملكية مصرية قديمة حكمت مصر .

• بعدها مباشرة يتم الإنتقال للعراق أين يتم إخراج حجرة بحجم قارورة مياه يقال أنه اكتشفها عراقي عاش في انجلترا يدعى 'هرمز رسام' و هو مسيحي كاثوليكي ، الإسطوانة قالو أن الخط المكتوب فيها هو خط مسماري قديم كان يكتب به شعب يسمى بابل ، و قد تم ترجمة تلك الكتابات على أنها تتحدث عن إلاه يسمى مردوخ يبارك للملك الفارسي قورش تحرير أرض بابل من حاكمها المستبد و تحرير كل الديانات ... وتعتبر هذه القطعة الأثرية لدى اليهود الشاهد الأثري على عودتهم إلى ارضهم التي هجرتهم منها الحقبة البابلية عند صعودها مع نبوخذنصر .

▪︎ هل هذه الإكتشافات الأثرية الثلاثة التي بدأ بها علماء الغرب تصوير حقبة العالم القديم هي أثار ذات معلومات بريئة ؟

ليست بالبراءة بالمطلق أن يبدأ الإكتشاف الأثري بقراءة أربع أسماء مهمة بالنسبة لمن اكتشفهم و غريبة عن من أكتشف في أرضهم ... نحن كمسلمين و عرب لا نعرف إطلاقا لا إسم قورش و لا إسم كليوباترا و لا إسم بطليموس و لا راعمسيس .. من يعرف هذه الأسماء هو كتب الرواية اليونانية و كتاب العهد القديم .

.. قراءة إسم كليوباترا و بطليموس من أثر مصر يعني أنه تم إثبات أن مصر قديما قد شهدت حقا حقبة ما اسمته الرواية اليونانية "مصر اليونانية" ، و بالتالي سيترسخ للجميع أن كتاب هيردوت الذي يتحدث عن ملك يوناني قديم احتل مصر هي رواية صحيحة و سيتم البرهنة للجميع أن هناك فترة حكم يونانية كانت في مصر .

.. قراءة إسمي بطليموس و كليوباترا اللذان تتحدث الرواية الغربية على أنهما ملكان يونانيان حكما مصر امتدادا لسيطرة اسكندر المقدوني هو دليل جديد  ...دليل يضاف لليهود  الذين هم ضمن الرواية اليونانية التي تتحدث عن كونهم شعب قد شهد فترة حكم اليونان لمصر ، و أنّ الرواية التي تقول أن الملك اليوناني بطليموس الثاني قد أمر بترجمة كتابهم العهد القديم من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية ثلاث قرون قبل الميلاد هي رواية صحيحة ... و بالتالي سيترسخ للقارئ حقيقة وجود شعب يهودي يمتلك كتاب ديني عبري ماقبل ثلاث قرون قبل الميلاد و داخل هذه الأرض .

..قراءة اسم الملك الذي أسموه راعمسيس و الذي ورد في كتاب العهد القديم على أنه إسم مدينة مصرية تنقل اليها اليهود قديما ، و بالتالي هذا الاسم المشابه سيجعل من تشابه التسمية سندا يثبت أنه هناك مدينة مصرية كانت تسمى قديما راعمسيس نسبة للملك المصري القديم المكتشف نطقه في الكتابات الاثرية  .

.. قراءة اسم قورش و بابل من تلك القطعة الحجرية الصغيرة التي أظهروها في العراق و سمّوها اسطوانة قورش ، هو دليل جديد بالنسبة لليهود و صحّة كتابهم الديني فهو يثبت  أنّ كتاب العهد القديم الذي يتحدث عن ملك فارسي يسمى قورش حررهم من السبي البابلي و أعادهم إلى أرض فلسطين الحالية هي معلومات صحيحة .. ودليلهم أنها موثقة بشواهد أثرية قديمة استخرجوا منها هذه التسميات .

 سأطرح السؤال بشكل مباشر ... هل هذه الثلاث أثار التي بنى عليها علماء الغرب كل ابحاثهم العلمية كمفتاح لقراءة التاريخ القديم هي أثار حقيقية ؟ أم أن هناك لعبة وراء ظهور حجر رشيد و من ثمّ إيفاد مهندس معماري إلى مصر من أجل نقل مسلة كاملة إلى انجلترا ادعى أنه لم يكتشفها أحد قبله ...وبعدها مباشرة بووم تنفجر علينا من العراق اسطوانة بحجم قطعة ذرة مكتوب فيها إسم ملك اعاد اليهود إلى أرضهم التي ذكرها كتابهم و كتب المؤرخين اليونان ... غير منطقي ، هناك لعب هنا ..

▪︎كيف تم صناعة هذا الزيف الأثري ؟

قصة اكتشاف الحجر الذي أُرِّخ حوله استخراج  العالم الفرنسي شامبليون كلمة "راعمسيس" هي قصة غريبة للغاية ، فقد ذُكر أنه تم اكتشافه من قبل جندي فرنسي في مدينة رشيد شمال مصر و من ثمة وقعت ضجة في الصحافة الأوروبية حول حق امتلاك ذلك الحجر من قبل بريطانيا أو فرنسا ... و هو مايدفعنا للتساؤل حول هذا الإلتفات الكبير لهذا الحجر ، و كذلك تساؤلنا حول وجود هذا الحجر الوحيد الذي نقشت فيه الكتابة المصرية جنبا إلى جنب مع الكتابة اليونانية في تلك المنطقة التي هي عبارة عن قصر عثماني خالي من أي أثار قديمة ؟

مالقصة !! ... أكيد أنه لو اكتشف هذا الحجر في منطقة تعج بالأثار المصرية التي من طابعها وجود نمط كتابة واحدة ستنطلي كذبتهم ، لأن الجميع سيطرح سؤال أين الكتابة اليونانية المكتوبة جنبا إلى جنب مع المصرية القديمة في باقي الآثار  !! .. أما قصة التنازع حول من يظفر بملكية ذلك الحجر دون التفكير في أهمية قراءة مافيه أوّلاً ، هو أسلوب يجعل الرأي العام بشكل غير مباشر يسمع بخبره ، و ستتداول في الأوساط الإجتماعية سيرته مما يجعل معدلات فضول الناس الأوروبيين حول قراءة تاريخهم اليوناني داخله أكبر من المتوقع ، بالخصوص عندما يكون هذا الحجر يحوي كتابة يونانية .

الشيئ اللامنطقي الثاني و الذي لا ينبع من منبع الصدفة أبدا ، هو أنّه بعد فترة وجيزة من اكتشاف حجر رشيد ، يصل هذا الحجر إلى عالم انجليزي آخر يدعى توماس يونغ و إلى هنا كل شي على مايرام ... إلى مايرام إلى غاية ما يظهر الإنجليزي الآخر المدعو جون بانكس و هو سياسي برلماني بريطاني و يقال أنه مستكشف أثري ، ينتقل هذا بانكس إلى مصر و يلتقي مع نحّات و مهندس معماري إنجليزي يسمى تشارلز باري ، وجده في المنطقة التي عثر فيها على المسلة ..
 هذه المسلة هي عبارة عن نصب وجد أمام أحد البنايات الأثرية المصرية القديمة التي يسميها المؤرخون معابد ، بحيث أن المسلة كانت تحوي كذلك على كتابة ثنائية اللغة ... يونانية جنبا إلى جنب مع الكتابات المصرية القديمة ؟ ..و بالضبط تحوي نفس الإسمين الملكيان الذان كتبا في حجر رشيد بطليموس و كليوباترا ..

هذا التشابه في كتابة الملكين كليوباترا و بطليموس في حجر رشيد و مسلة فيلة باليونانية ،  مكّن توماس يونغ من معرفة أن هناك إسمين بالكتابة المصرية داخل إطارين وردا بشكل متشابه في حجر رشيد و في مسلة فيلة ، و بالتالي أخرج للناس أنهما اطاران ملكيان يخصان الملك بطلموس وكليوباترا ، لكن بفكرة أنهما لايملكان نطق صوتي .... ليكمل المهمة الفرنسي جاك شامبليون و يقرأ الكتابة التي داخل الإطارين بنطق حرفي و يروج للعالم انه تمكن من قراءة أول الرموز المصرية .. ليقرأ بعدها من خلال تلك الرموز التي استنتجها من اسمي بطليموس و كليوباترا إسم آخر و هو إسمم "راعمسيس" الذي روجو عنه بانه ملك مصري قديم حكم مصر .
  
القصة واضحة عندما يتواجد مهندس معماري في منطقة اكتشاف المسلة التي ستنقل الى انجلترا لتساهم بعملية ترابطية في تمكين إثبات قراءة ما كتب على حجر الرشيد و تخرج أسماء الملوك اليونانية .. و إلا فمالداعي أن تتواجد قطعة اثرية وحيدة تحوي كتابة يونانية مع مصرية قديمة في منطقة اثرية كبيرة مثل منطقة ابوسمبل .. كل الاثار التي في معبد ابو سمبل تحوي كتابات مصرية الا هذه المسلة التي يظهر من خلال وصفها ان قاعدتها المسقول عليها الكتابات اليونانية حديثة الإنشاء .... لعبة واضحة من أجل اخراج التسميات التي تتلائم مع مخططهم في طمس مقروء باقي الأثار المصرية و مطابقة تسميات شخصيات و جغرافيا روايتهم اليونانية و اليهودية على أثار المنطقة .
.
.
.
.
يتبع

برمجة المسلم على تقبل دينين قبله

لاحظ البرمجة التي يعيشها العالم ..

- اليهودية :
•تملك كتاب ديني يدعي بأنه سماوي بإسم التوراة .
•تملك كتاب ديني يحوي نبؤات 
•تملك كتاب ديني يتحدث عن شخصيات أنبياء و مرسلين .

- المسيحية :
•تملك كتاب ديني يدعي بأنه سماوي بإسم الإنجيل
•تملك كتاب ديني يحوي نبؤات 
•تملك كتاب ديني يتحدث عن شخصيات أنبياء و مرسلين

 
- الإسلام :
•يملك كتاب ديني سماوي بإسم القرآن
•يملك كتاب ديني يحوي نبؤات 
•يملك كتاب ديني يتحدث عن شخصيات أنبياء و مرسلين

 
 
مِن كُلِّ هذا ....

 اليهودية لا تؤمن بكتاب العهد الجديد المسيحي ، أما المسيحية فتؤمن بكتاب العهد القديم و تعتبره جزءا من كتابها المقدس ....تتفق  المسيحية واليهودية على عدم الإيمان بكتاب المسلمين .

 أما المسلم فيعتقد بأن كتابي اليهودية و المسيحية هما التوراة و الإنجيل على أساس أنهما كتابان سماويان وتعرضا لتحريف فقط .

▪︎ هل هذا طبيعي ؟
ليس طبيعي أبدا ، العقل و المنطق يفرض وجود ديانة سماوية واحدة استمرت على طول مسار الزمن .

▪︎ مالخلل إذا ؟
 الخلل هو أن هناك ديانتين وهميتان و ديانة واحدة صحيحة .

▪︎ كيف نشخص الخلل ؟
 إذا أخذنا برأي الكتب التاريخية و الدينية فإن هناك ديانتان تدّعيان أنهما كان لهم قائمة داخل تاريخ الأرض التي ينتشر فيها الإسلام حاليا .. لكن إذا أخذنا بالواقع و العقل فإنه اليوم هناك ديانة واحد هي الإسلام و لسان واحد هو العربية ينتشران في كل المنطقة التي تدعي المسيحية و اليهوظية أنها أرضهما في التاريخ القديم .

▪︎من هو الذي يكذب الواقع أم الكتب ؟
  الكتب يمكن تحريفها لكن الواقع هو ثابت و امام عينيك .

▪︎ كيف كذبت الكتب حتى صنعت مخيلة أن الديانة اليهوديةو المسيحية كانتا منتشرتين في هذه الأرض ؟
 صنعت مخيلة تاريخية على أساس أن تاريخ هذه الأرض كان يسكنها قديما يهود يدينون بديانة يهودية بقرون قبل الميلاد ، ثم انتشرت بعدهم ديانة مسيحية في القرن الأول للميلاد ، ثم ظهر الإسلام متأخرا في القرن السادس بعد ميلاد عيسى مع رسول يدعو لدين إسلامي لم يكن موجودا قبل ذلك التاريخ .

ترسيخ هذا الفكر جعل المسلمين يظنون بأن الإسلام هو دين متأخر سبقه ديانتين سعى الإسلام إلى تصحيحهما .. و بمقابل هذا يصبح اليهودي و المسيحي يرى أن دينهما سبقا تاريخ هذه الأرض و أن الإسلام هو ديانة منحرفة ظهرت بعدهم .

▪︎مالوسائل التي استعملت لترسيخ هذه المخيلة التاريخية التي جعلت الإسلام متأخرا ؟

- تحريف منطوق أثار هذه الأرض و ترجمتها وفق التاريخ الذي جاءت به الرواية اليونانية ، مع فترة القرن الثامن عشر عندمت توافد على المنطقة الاثريون و المؤرخون الأوروبيون .

- صناعة و انتاج كتب لوقت قريب مع فترة الإحتلال و ترويجها على أساس أنها كتب إسلامية تتحدث وفق صياغ زمني يجعلها ظهرت مع قرون قريبة للقرن السادس الذي رسخوه أنه زمن ظهور الرسول محمد خاتم النبيين ( سيرة ابن اسحاق ، كتب الأحاديث ، كتب التفاسير ، روايات الأئمة ..الخ)  .

- تأليف كتب تاريخية توهم الناس على أنها عاصرت فترة انتشار اليهودية و حضارات تتحدث بلغات و ثقافات  غير موجودة اليوم ..على أساس أن حياة الناس  في القرون الساحقة ( كتاب هيردوت مثلا) .

- تفسير القرآن بشكل مغلوط و مظلل يجعل الناس يسقطون تسمية التوراة على أنه كتاب العهد القديم اليهودي ، و أن الإنجيل هو كتاب العهد الجديد المسيحي .. مع أن التوراة و الإنجيل لا علاقة لهم بتلك الكتب التي كتبت بلغات وهمية (عبرية ، سريانية ، ارامية.. الخ) و التي هدفها صنع ذاكرة مزيفة و جعل الناس يؤمنون بأنهم كانو يتحدثون في هذه الأرض بتلك اللغات و أن العربية لسان القرآن تطور عن تلك اللغة .

- صناعة كتابي العهد الجديد و القديم و حشوه بكلام يتحدث عن أنبياء و مرسلين يحملون تسميات قريبة و مشابهة لكتاب المسلمين كي يظن المسلمين أن القرآن قد ظهر بعدهم و تطور لسانه العربي من تلك اللغات ... مثلا تسمية إبراهيم بإسم أبراهم ، و تسمية سلام باسم شالوم و تسمية عيسى باسم يسوع ..و هكذا فقط من أجل ان يبلع المسلم طعم أنهم كتب نشأت قبله و تعرضت للتحريف فقط ، مع أنه لم يكن لهم وجود قبل القرآن والإسلام أبدا .

▪︎هل أحداث القرآن وقعت في القرآن السادس للميلاد ؟
لا .

▪︎ لماذا ؟
لأنها نبؤات (أحداث مستقبلية) ستحدث مستقبلا أو قرييا جدا ..
[قل هو نبأ عظيم - أنتم عنه معرضون] ص .

▪︎ لماءا نحن عنه معرضون ؟
لأننا نضن احداثه وقعت في القرن السادس بمثل ما تقول سيرة ابن هشام و الكتب التي صنعت المخيلة الزمنية الحالية .

[إن هو إلا ذكر للعالمين - و لتعلمن نبأه بعد حين ] ص .

كتب التراث الإسلامي و الثلاث قرون بعد الميلاد

عندما ترى بداية التأليف لكتب الإسلام التي تعتمد كمرجعية اليوم ؛ تجدا جلها ولدت بعد قرنين إلى ثلاث قرون بعد تاريخ ميلاد الرسول  ...

بالمقابل عندما تقرأ عن مايسمى تاريخ الفتوحات تجد أن الدولة الأموية منتشرة في ثلث العالم وتصل حتى اوروبا في القرن الأول بعد ظهور الإسلام... و ستتساءل صراحة كيف للإسلام الذي وصل إلى تلك المرحلة أن لايملك كتب أحاديث و تفاسير و ينتظر قرنين حتى يبدأ مرحلة الكتابة .

أول كتاب أحاديث عند السنة بعد حوالي ثلاث قرون من ظهور الإسلام ، و كذلك عند الشيعة نفس الشي ...

السبب هو أن حقيقة هذه الكتب لا تملك أي مرجعية تاريخية .. هي كتب حديثة تم تأليفها في فترة انتشار الجهل و الامية و الاستعمار و تم تأريخها على أنها ظهرت في ساحق القدم كي ترسخ الزمن الوهمي الذي يعيشه المسلم اليوم .

 تم ترويجها و نشرها عن طريق مؤسسات و شيوخ الدين الذي كانو تحت حكم الدولة العثمانية المسيطرة على زمان المنطقة .

سؤال فقط ....

لماذا الناس عندنا في التراث الشعبي تتداول أحاديث و أمثال و حكم تحس أنها ضاربة في التاريخ و تجدها يتم المحافظة عليها في التراث الشعبي بشكل يدل على عراقتها و تاريخها  ...و بالمقابل لا تجد لها أي ذكر في الكتب القديمة التي تدعي تمثيل تاريخ هذه الأمة .

الناس لم تكن تعرف إلاّ القرآن ... هناك كيان قام بإدخال ثقافة تاريخية و ذاكرة غريبة و بعيدة كل البعد عن المسار الطبيعي الذي كان يعيشه الناس مع الإسلام .

كتب خارجة عن ثقافة الناس أنتجت كي تصنع ذاكرة جديدة  ..

-ذاكرة التيه ج2-

-ذاكرة التيه ج2-

الذاكرة لدينا مبرمجة على زمنين لايمكن أن تراهم ممتزجين ... ذاكرة الزمن الأوّل و هو التاريخ الديني فهي متعلقة بجانب ظهور الدين الإسلامي في المنطقة وهي تبدأ حسب قارئي كتب التاريخ منذ القرن السادس بظهور الرسول محمد في مكة سنة 600 م و بعدها انتشار ذلك الدين بسرعة في كل ارجاء المعمورة ...أما ذاكرة الزمن الثاني فهي تكتسي طابع الصبغة اللادينية و هي لدى عامة المسلمين غير ضرورية الإطلاع و الفهم بحيث أنها حسبهم تمثل فترة حضارات كفر و ظلامية نظرا لأنها وقعت قبل التاريخ الذي يبدأ فترة بداية الإسلام ...

هذا الإنفصال جعل لدى المسلمين حد فاصل بين مسار الزمن الطبيعي الذي يرونه يكتمل إلى اليوم وهو منذ بداية ظهور الإسلام ، و بين الزمن ماقبل ظهور الإسلام الذي يرون انفسهم غائبين عنه و أنه لايعنيهم مع أن أحداثه وقعت داخل هذه الأرض.. فهو مبهم في و عيهم و يحمل أسماء حضارات غريبة و أناس يتحدثون  بلغات  عجيبة و ثقافات دينية تؤمن بآلهات لا تعد و لاتحصى .

حتى و إن أخذنا بمعيار أن التاريخ الذي يبرر واقع اليوم  بثقافته الدينية و اللغوية المشتركة هو تحصيل لما حصل مع فترة ظهور و انتشار الإسلام إلاّ أنّ هذه الفترة التي تبلغ 1400 سنة (600م - 2021م) هي الأخرى فترة غير مستقرة فهي تتحدث عن دول تخلف دول ودول تنتشر هنا و تختفي هناك  بصياغ يجعل القارئ لايرتب حول زمن مستقر و مستمر .

 دعونا نناقش هذه الفترتين لعلنا نصل لأدلة منطقية يمكن من خلالها تشخيص هذا المرض الذي جعل تاريخنا ممزق و غير مستقر .

• هل هناك خيوط لدى وعي شعوبنا تربط زمن ظهور الإسلام بالفترة التي قبله ؟

الحقيقة أنّ التاريخ يجعل هناك شبه رابطة ، فالمسلم الذي يرى دينه ظهر في القرن السادس و برغم الضبابية التي تكسي ما قبل هذا القرن فقد جعلوه يرى القليل من الخيوط .. هذه الخيوط متعلقة بأن فكره يرى أن هناك أديان ظهرت قبل الإسلام و لها علاقة به ..أو بالضبط جعلوا تاريخ ارض منطقة المسلم متعلق بالمسيحية و اليهودية على أساس أن ظهور الإسلام له علاقة بتصحيح هذه العقائد .

لمناقشة هذه العلاقة علينا أن نبدأ بسرد موجز للأحداث التاريخية التي تذكر بداية المعتقد اليهودي و من ثم المعتقد المسيحي و من ثم الإسلام .. ومن ثمة سنناقش مخرجات هذه الرابطة ، لكن علينا أن نكون و نحن نقرأ هذه الأحداث بوضع المشاهد و الملاحظ و نسير بمنهجية أننا نستمع لشخص يسرد لنا أحداث و لا نعرف أهو كاذب أم هو صادق ...نحن الآن في منصب القارئ للتاريخ وليس الهاضم للتاريخ .

عند سردنا لما دار في زمن هذه الديانات سنسرد أهم الاحداث المتعلقة بذاكرة كل ديانة .

○ اليهودية :

نشوء هذا المعتقد مرتبط بالدرجة الأولى بالكتاب الديني الذي يمثله و هو كتاب العهد القديم ، و الرابط الثاني لديهم هو الهيكل الذي حسبهم بناه الملك سليمان وهو البناء المقدس الذي يمثل ركيزة دينهم ، أما اهم حدث لديهم فهو تحريرهم من السبي البابلي عن طريق الملك قورش الفارسي .

بداية السبي البابلي بدأت حسبهم بتدمير الهيكل من قبل الملك البابلي نبوخذنصر و الذي سبى اليهود وشتتهم من ارض فلسطين إلى الشتات و حدث ذلك تقريبا في القرن السادس قبل الميلاد (587ق.م) .

 بعدها يظهر ملك فارسي يتغلب على مملكة بابل و يحرر اليهود من السبي البابلي ويعيدهم لفلسطين (538ق.م) .

لاتوجد معلومات تؤكد تاريخ نشوء كتاب العهد القديم ككتاب كامل ، لكن مايتم الإتفاق عليه أنّه أصبح كتابا معترفا به عندما تم ترجمته عن طريق مايسمى الترجمة السبعينية في عهد دخول اليونان و سيطرة الاسكندر المقدوني على مصر و عموم المنطقة ، بحيث يؤرخون أن الترجمة السبعينية حدثت من قبل 72 يهودي قامو بمباركة بطليموس الثاني بجمع العهد القديم في الإسكندرية و ترجمته إلى اللغة اليونانية وحدث هذا حوالي ثلاث قرون قبل الميلاد (260ق.م) ...

تذكر الرواية أنه بعد ترجمة العهد القديم تم وقوع خلاف بين الاعتماد على الترجمة اليونانية ام الترجمة العبرية بسبب اختلاف النبؤات و تغير الكلام .

○ المسيحية :

هناك من يظن أن تاريخ 1 للميلاد هو ميلاد عيسى ، لكن هذا غير صحيح بالمطلق  فكتاباتهم التاريخية مختلفة حول سنة ميلاد المسيح .. وهذا ما يجعلنا نطرح سؤال كيفية اختراع التقويم الميلادي و يجعلنا نفتح باب كبير حول مصداقيته .. موضوع التقويم هو موضوع خطير و يمكن من خلال اختراع هذا التقويم أن تصنع تاريخ العالم بأسره .

المسيحية مرتبطة بثلاثة أحداث مهمة .. وهي ظهور عيسى و حادثة صلبه و احراق الهيكل من طرف دولة روما التي ظهرت بعد اليونان ..

 و الحادثة الثانية بعد تولي قنسطين الأول الامبراطورية اليونانية (306م) ، بحيث كان له الدور في تنظيم مؤتمر ميلانو و مجمع نقية (320م) حيث ارتبطت هاذين الحادثتين باعتماد المسيحية كدين لروما ، و ظهور  حادثة النزاع بين اريوس و اسكندروس حول طبيعة المسيح أهو مخلوق كالبشر و ابن للرب ام طبيعته الهية ... كما أن عصر التأليف حول هذه الديانة بدأ بشكل رسمي و موثق منذ تأسيس مجمع نيقيا أي حوالي ثلاث قرون منذ ظهور المسيح.

○ الإسلام :

 الإسلام في وعي المسلم يبدأ في القرن السادس للميلاد أي حوالي سنة 600 للميلاد ، و قصة ظهور الإسلام مرتبطة بميلاد الرسول محمد داخل قبيلة صحراوية تسمى قريش تقع في أرض السعودية الحالية سنة 570م ، نزل القرآن هلى محمد في مكة و من ثمة انتشر الإسلام و العربية في كل البقاع .

تعتبر فترة البداية الرسمية للتدوين في الإسلام وليدة ثلاث قرون بعد  ميلاد الرسول محمد ، فالكتب الرسمية للأحاديث و التفاسير و  السيرة و الفقه هي وليدة القرن الثامن ، و تعتبر الفترة مابين ميلاد الرسول و القرن الثامن فترة ما يسميها كُتَّاب التاريخ زمن الشبح حيث لم تظهر أي اثار لمدونات كتابية تؤسس لمراجع الإسلام عادا القرآن .

 تعتبر سنة 833 تاريخ مبايعة المعتصم ابن هارون الرشيد الذي عن طريقه أثار موضوع مايسمى محنة خلق القرآن ، وهي اختلاف المسلمين حول اعتبار القرآن مخلوق أم هو غير مخلوق باعتباره كلام الخالق ، بحيث قاد هاتين المسألتين كل من فرقة المعتزلة عن طريق جهيم بن صفوان و بين احمد بن حنبل و انتهت الفتنة الى غاية 860 م .

الآن عندما نناقش و نغربل التاريخ الذي يوصف هذه الثلاث الديانات ، سنتوصل لعدة نتائج غريبة ، لاحظ ..

- التشابه في الأحداث المهمة المرتبطة بالبداية الرسمية لكل ديانة :

• اليهود ارتبطوا بتهديم الهيكل من قبل مملكة بابل وتهجيرهم .
• المسيحية كذلك ارتبطوا بتهديم الهيكل و صلب المسيح وتهجيرهم .
• الإسلام كذلك ارتبطوا بمحاولة هدم بيت مكة من طرف ابرهة الحبشي و ببداية الدعوة هاجر من اسلم من مكة .

- التشابه في التسميات :

•قصة اليهود و قورش = قصة الإسلام و قريش .
قورش = قريش .
•بابل مملكة حطمت هيكل اليهود وهجرتهم = أبابيل الطيور التي هاجمت ابرهة و حررت مكة .
بابل = ابابيل (اسم مشابه) .
•أبرهة حاول هدم بيت مكة = إبراهيم بنى الكعبة حسب تفسير التراث .
أبرهة = إبراهيم نفس الإسم .

-التشابه في احداث مؤتمرات :

• خلاف حول الترجمة بين الإعتماد على الترجمة اليونانية او العبرية بعد مؤتمر الترجمة السبعينية اليهودي لكتاب العهد القديم.

• خلاف حول المسيح هل يملك صفة المخلوق ام لايملكها في مؤتمر نقيا المسيخي لمناقشة طبيعة المسيح ، تبني الخلاف بين اسكندروس و ايريس .

• خلاف حول طبيعة القرآن هل يملك صفة المخلوق أم لايملكها باعتباره كلام الله ، تبني الخلاف بين المعتزلة و احمد بن حنبل .

- التشابه في فوارق المدة (550 سنة تقريبا) :

• بين التحرير من السبي البابلي (538ق.م) و ميلاد المسيح = 538 سنة (-12سنة على 550) 

• بين ميلاد المسيح و ميلاد محمد (570م) = 570 سنة (+ 20سنة على 550)

- التشابه في الفوارق (300 سنة تقريبا) :

• تحرير اليهود من السبي البابلي (538ق.م) - مؤتمر الترجمة السبعينية (260ق.م) = 278سنة (-22سنوات على 300 )

• ميلاد المسيح - مؤتمر نيقية (320 م) = 320سنة (+20 سنوات على 300)

• ميلاد الرسول محمد (570م) - نهاية حادثة القرآن(860م) = 290 سنة (-10 سنوات على 300) .

 تدرك هنا أنه كان هناك مسطرة و قلم سعت لتصميم هذه الأحداث بهذا الشكل كي يملئ فراغات الزمن .

كل شيئ سهل ، عندما تشاهد الأفلام و المسلسلات اليوم يتم تأليفها بمئات الحلقات و بسيناريوهات خيالية فتأكد بأنه نفس التركيبة العقلية ساهمت قبل قرون في إنشاء هذه الذاكرة من اجل سحق دين واحد ... عندما تشاهد الإسلام دين متأخر زمنيا بالمقابل تشاهد ديانتين يسبقانه بقرون و تدور احداثهما داخل هذه الأرض فتأكد أن هناك من يريد أن يلغي واقع اليوم عن طريق غطاء التاريخ الوهمي .

 ركز معي لتعرف مغزى هذه البرمجة الهندسية للتاريخ ..

- أولا يتم ربط تاريخ اليهودية بالحضارات القديمة :

ارتباط بطليموس الثاني كحاكم يوناني احتل مصر ليأمر بترجة كتاب العهد القديم .
 
ارتباط اليهودية ببابل وقورش الذي حرر اليهود من السبي البابلي .

- ثانيا يتم ربط المسيحية باليهودية عن طريق ضم كتاب العهد الجديد الى العهد القديم و تسمية النسختين بالكتاب المقدس .

و بالتالي هنا تصبح اليهودية دين لها وطئة في التاريخ القديم و الحضارات القديمة .. بالخصوص عندما يحمل تاريخها طابع سنوات ما قبل الميلاد .. فالجميع مسحور بعبارة ماقبل الميلاد على انها تعني ماقبل التاريخ .

القصة لم تتوقف هنا ... الغرب عندما جاء قبل قرون ليستكشف الأثار و ليدعي انه سيفككها لم يأتي بنية الولد الظريف المستكشف كما تصوره وسائل الإعلام و ميديا الوثائقيات .. المستكشفون أتو فقط من أجل اثبات النظري على التطبيقي ، بمعنى أتو كي يرسخوا تاريخ اليهود و كتابهم على الاثار الواقعية ... و بالتالي هم عندما يقرأوا اسم شخصية او اسم جغرافيا من كتابات نقوش اثرية يذكرها كتاب اليهود فالجميع يصبح يرى الخيال حقيقة و يصبح يؤمن بالكلام النظري التي تقرأه الكتب على انه حقيقة و السبب هو ان النقوش الاثرية واقع يبين حقيقة حدثت ووثقها ناس عايشو تلك الحقب .

علماء الأثار عندما اتو الى المنطقة ركزوا أول شيئ على مصر ..ليستخرجوا أول كلمة من اثار الكتابات المصرية قالو انها تنطق "رعمسيس" ، ثم يستخرجوا بعدها كلمة "كيليوباترا" و "بطليموس" .... هل هذا تصرف و حركة بريئة ؟ لا طبعا و سأقول لك لماذا ..

رعمسيس هي كلمة مذكورة في كتاب العهد القديم اليهودي على انها اسم مدينة مصرية قديمة استوطنها اليهود .. و بالتالي عندما اخرجت فرنسا و بريطانيا هذه اللفظة من الكتابات المصرية سيصبح الجميع يرى ان الكلمة التي يذكرها الكتاب العبري هي كلمة صحيحة و لها اشتقاق تاريخي.و موثقة في الاثار .

كيليوباترا و بطليموس هما شخصيتان من الشخصيات التي قالوا انها حكمت مصر في الفترة المسماة حسبهم "مصر الفرعونية" ، أما بطليموس الثاني فهو الشخصية التي امرت بترجمة كتاب العهد القديم من العبرية لليونانية ..... و بالتالي هم عندما استخرجوا هاذين التسميتان من الكتابات المصرية الاثرية سيصبح الجميع يرى من النظري تطبيقي و من الخيال واقع .. طبعا لأن الشخصيتان اذا وجدا في الكتابات المصرية الأثرية سيصبح تواجدهم قديما حقيقي و موثق .. و بالتالي من قام بهذه الخطوة و استخرج المنطوقان بأي طريقة كانت سيضرب عصفوران بحجر واحد و هو اثبات تواجد اليونان و روايتهم و اثبات وجود كتاب العهد القديم و ترجمته السبعينية .

المسلم من كل تلك الاثار غائب تاريخه الديني و اللساني ..منطقة مصر ب100 مليون مصري يتحدث عربي و ممن حولهم من كل الشعوب العربية التي تتحدث العربية و تدين الإسلام غائب وجودها من تلك الاثار و السبب هو ترجمة انسان جاء محتل لهذه الأرض و قال لأصحاب الأرض سأقرأ لكم كتابتكم الموجودة داخل أرضكم فأنتم لا تجيدون قرءاتها .

هل تساءلت يوما بأن تاريخك ليس حديث و ان اسلامك ليس حديث و ان اثارك الكتابية يمكن ان تكون عربية و اسلامية وقد تم تحريف منطوقها ؟ طبعا لم تتساءل لأنك داخل سجن جعل تاريخك يبدأ و يخرج من قبيلة صحراوية قبل 1400 سنة دون ان تمتلك شقفة اثر ..
.
.
.
.

يتبع

الجمعة، 24 سبتمبر 2021

ذاكرة التيه

ذاكرة التّيه -

درجة الوعي التاريخي أو تذكر تاريخ شعب و أرض منطقتنا يواجه مشكلة بين الواقع الشعبي و بين الواقع الذي أسميه الإفتراضي ... فالواقع الشعبي تجده في فكره التاريخي الواعي و الحي بعيد كل البعد من أن  يحوي داخله فكر لايعتمد على مرجعية الكتب التاريخية... بمعنى أنك لو تقرأ الكتب التاريخية التي تتحدث عن تاريخ حضارات المنطقة و تسأل أشخاص من أوساط الشعب حول تلك الحضارات تجدهم لن يفهموك حتى عن ماذا تقصد ، أو حتى عندما تسألهم عن التاريخ المتعلق بالجانب الديني فإنك بدايةً تجدهم يرحبون بذلك نظرا لارتباط معلومات هذا التاريخ بقدسية دينهم ، لكن ستجد لديهم في النهاية صعوبة في تذكره فهم لن يعرفو ماذا حدث في زمنهم الديني إلا إذا رجعوا للكتب التاريخية التي تتحدث عن الإسلام ..

بمثال أنك لو تسأل شخص من أوساط الشعب أو حتى عموم المثقفين عن الدول الإسلامية أو مايسمى الخلافات الراشدة المذكورين في الكتب فإنه سيواجه صعوبة حتى في عدّ تسميتهم عليك و حتى وإن أجابك فإنه سيستجلب ذلك من خلال تذكره لحبر صفحات الاوراق البيضاء في الكتب ، بمعنى أنك لاتجد الشعب يستورد تاريخه من ذاكرته الحية التي تعتمد على حكايات أجداده أو أباءه او كلام المجتمع في أوساط الحياة العادية بل تجده خزين المصنفات الكتابية ...وهنا ستطرح السؤال المنطقي حول كيفية مرور أكثر من أربعة عشر قرنا وهذا التاريخ المقدس ناشئ داخل صلب الشعب في خين أن ذاكرتهم المتوارثة خالية من ذلك الإنطباع الذي يحفظه ؟! ..لقد ضحكت ذات مرة عندما سألت أحد مقربي عن تاريخ سنتنا الهجري اليوم و عجز عن إعطاءي الجواب ؟! .

 المشكلة هذه ليست مشكلة عادية لأنها تدل على أن فكر الشعب الحي يصارع من أجل تقبل فكر يملى عليه في الكتب ، أو بالأحرى هناك انقسام واقع بين الذاكرة الحية و بين ذاكرة كتب غائبة في الوجدان الحي لشعوب المنطقة و تريد بالغصب فرض نفسها ... حتى و إن أخذنا بمعيار الناس التي لها اعتكاف بالكتب التاريخية فإنك تجد هؤلاء القوم يعانون من صعوبة في قراءته ، هذه الصعوبة تكمن في أن مسار الزمن في القدم غير مستقر و يحوي تاريخا يتحدث عن حضارات تحمل تسميات غريبة و تتحدث لغات غير موجودة على الواقع  و ثقافة دينية غريبة تعتمد على الإيمان بأساطير و ميثيولوجيا لايتقبلها العقل الواقعي ، تشعر و انت داخل تلك الكتب بأن تاريخ هذه الأرض لايملك وحدة أو اشتراك لا في الثقافة ولا في اللسان و لا في اللغة ... التاريخ الذي من المفروض أن تجده تاريخا يمثل كونها خرجت من ثقافة و بقعة أرض واحدة بلسان واحد ودين واحد ... لكن العكس تماما ، تلك الكتب تذكر تاريخا لايذكر لا الاشتراك و لا الوحدة التي من المفروض أن تمثل تاريخ البداية الأولى ..

  تجد أن هذا الإشتراك الذي نشهده اليوم قد انفجر فجأة لوقت متأخر مع ظهور الفترة الإسلامية التي أصبحت النقطة الزمنية المتأخرة  التي حصرها التاريخ في القرن السادس للميلاد .... أصبحنا نحس انفسنا اقناء قراءة تلك الكتب بأننا ولدنا او انفجرنا فجأة في سنة 600 للميلاد .

هل يمكن أن تكون الكتب التي نقرأ منها تاريخنا هي كتب تسعى لصنع ذاكرة جديدة للمسلمين متأخرة و غائبة عن التاريخ الأول ؟ أين ذكر واقعنا المشترك اليوم من الأثار و الكتابات الأثرية الكبيرة المتواجدة على أرضنا ؟ 

 كل شيئ وارد خصوصا إذا عرفنا أن التاريخ تكتبه القوة المسيطرة و عندما نعلم أن تاريخ أرضنا خلال القرون الأخيرة قد عانى من ويلات الإحتلال التقليدي و ماقبله كانت كل المنطقة تحت سيطرة العثمانيين... عندما نعلم أن كل كتابتنا الأثرية المصقولة على الحجر و تمثل أقدم أثار العالم قد قام بفك ترجمتها محتل يسعى للسطو على هذه الأرض ..فهل نحن نواجه ذاكرة تاريخية تسعى لتتييهنا و نفينا من التاريخ لصالح شعب آخر يريد السيطرة على هذه الأرض ؟

 نعم...بكل وضوح عندما تشاهد معلومات كتاب العهد القديم اليهودي يطابقها علماء التاريخ و الاثار  كل يوم مع اثارنا و كتاباتنا الاثرية ، في حين يتم نفي أي كلمة عربية او إسم لله ورسله من أي شقفة أثر .
.
.
.
.
يتبع

الاثنين، 13 سبتمبر 2021

لماذا مصر هي أم القرى

- فكّر بجهر عن معنى أم القرى واقعيا  -

منطقيا فإننا عندما نطلق وصف أم القرى على منطقة معينة مثل مكة السعودية ، فيجب أن نجد في هذه المنطقة من الأدلة مايثبت ذلك ؟ دعنا نفكر بجهر خارج علبة كتب الطاغوت ..

ماهي الأدلة :

- لو كان السعودية هي أم القرى فلكنا وجدنا فيها من الأثار مايمثل على الأقل ثلاث أرباع أثار العالم ، لأنه منطقيا تكون تلك الأرض زاخرة بكم كبير من الأثار التي تركها الناس الأولون الذين استوطنوا تلك الأرض ... لكن هذا غير موجود في أرض مكة السعودية .

- العقل ينطق بأن أقدم منطقة استوطنها الناس و خرجوا منها هي منطقة ستكون تحوي أثار كتاباتهم و حياتهم الأولى ، وهذا نجده غائبا في أرض السعودية فهي لا تملك أثار لكتابات البشرية الأولى .

- المنطق العقلي يقول بأن أرض السعودية التي تمثل ام القرى المفروض تكون تحوي على الأقل 100 مليون نسمة في تلك الأرض الشاسعة ..لكن هذا غائب .

بالمقابل :

- مصر تجد فيها من الأثار مايمثل ثلاث أرباع العالم ، لدرجة أن الكثير من المصريين إلى اليوم عندما يحفرون في بيوت مناطق ساحل النيل يجدون الأثار تخرج من تحت الأرض ،و هي عبارة عن أثار تمثل تعابير حياة الناس الأولى التي قطنت  تلك الأرض ( أثار كتابات على الجدران و الألواح الحجرية ، تماثيل تمثل الحياة اليومية ، أواني فخارية  ، تحنيط حتى لحيونات كانت تعيش هناك ، حتى الثمار التي كانت لدى الناس الأولين موجودة وحفظت داخل مايسميه الغرب معابد  ) .

- بعيدا عن كل الكتب التي تزرع عقدة الشعوبية في شعوب المنطقة و تعطيهم لذة خرافة أن أثار كتاباتهم هي الكتابة الأولى التي كتب بها البشر ، فإن تحكيم العقل يعطيك نتيجة أن فطرة الناس الأولين كانت قد تعلمت الكتابة و كتبت بخط التصوير ولو تعطي ولدا صغير زرقة و قلم و تقول له أكتب فإنه سيستعمل الرسم كوسيلة للتعبير عن افكاره ، أي أن الأولين فطريا كانو يكتبون و يقرأون عن طريق تصوير الرسومات و الموجودات ( أبجدية تعتمد على الرموز التصويرية ) بحيث يكتبون بها كلامهم عن طريق رسمها و إعطاءها منطوقات معينة فيرسمون الشجر و الحيوانات و أعضاء الإنسان ، النباتات ، الشمس ، القمر ، النجوم ، الحشرات ، الطيور ، أدواتهم الأولى ..الخ .
وهذا ماتجده في الكتابات المصرية حيث أن نظام كتابتها يعتمد على الرموز التصويرية ( مئات من الرموز التصويرية ) و الصور ، و هو ما أطلقه الغرب عليها باسم نظام الكتابة الهيروغليفي و قاموا بتحريف منطوقه ليتلائم مع بضاعة التاريخ التي يتلائم مع مشاريعهم الإحتلالية .

- الكثير يظن بأن المصريين يقطنون في مساحة مليون كلومتر على أساس أن حدود خريطة مصر الحالية التي انشأها سايكس بيكو تبلغ  1001450 كلم² ، لكن هذا خطأ بل إن المصريين لايشغلون من تلك المساحة إلا 10% ..فجل المصريين يقطنون على طول شريط نهر النيل و مايسمى دلتا النيل شمال مصر .. أي أن أكثر من 100 مليون مصري يسكنون في مساحة تقل عن 100 ألف كلم٢ ... و هذا دليل على أن تاريخ تلك المنطقة يتناسب مع نسبة سكان تزيد عن 100 مليون في مساحة أرض تقل عن مية ألف كلم ، هذا إذ لم نأخذ بعين الإعتبار الحروب و الأمراض التي حدثت في القرون السابقة و دون احتساب عدد المهجرين منها .

في الأوساط الشعبية يتم وصف و تلقيب مصر بعبارة "أم الدنيا" و هو وصف دقيق و ثقافة شعبية كانت تعرف أن كل تاريخ الدنيا خرج من مصر ، و أن المقصود بأم الدنيا هو أم القرى .

[إن أوّل بيت وضع للناس للذي #ببكة مباركا و هدى للعالمين ] ال عمران .
بكة هي أم القرى و ليس مكة السعودية التي سيظفرنا الله على الظالمين الذين جعلوها قبلة مكاءٍ و تصدية عن المسجد للحرام ببكة .

- علاقة آية الحوت و الصخرة في القرآن بالقدس -

 من الغريب أن يتطرق القرآن لذكر المسجد الأقصى مرة واحدة فقط و بصفة مباشرة و يربطها بحادثة الإسراء المفاجئة ... دون وجود أي ذكر لهذا المسجد في موضع آخر من القرآن ؟
 [ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ] الإسراء . 
 سبب ذكر هذه الجزئية التي تخص المسجد الأقصى في آية واحدة فقط جعلت المسلمين يضنون أنه لاوجود لذكر المسجد الأقصى مع الرسل و الأنبياء السابقين... و هذا ما جعل بعض المؤرخين يلجئون لكتاب العهد القديم و الجديد لدى المعتقد اليهودي و النصراني و يتعاملون معهم على أنهم المصدر الوحيد الذي ذكر تاريخ منطقة المسجد الأقصى مع الرسل و الأنبياء السابقين .

 كتاب العهد الجديد للمسيحيين يمشي على نهج كتاب العهد القديم لليهود ، و يربطون أن بداية تاريخ منطقة القدس و المسجد الأقصى قد بدأ مع النبي سليمان و قصة بناءه للهيكل المزعوم الذي لحد الآن لاوجود لأي أثر يثبته ... لكن ماذا لو كان القرآن يملك وصف بدليل حقيقي على أن موسى هو أول من دخل تلك المنطقة و لديه تاريخ معها .. و هذا الدليل سينفي بداية تاريخ ذلك البيت مع سليمان لأن موسى يسبق النبي سليمان ، بدليل آية طالوت و جالوت و أن النبي داوود أبو سليمان ظهر بعد موسى : [ ألم ترى إلى الملئ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ........ فهزموهم بإذن الله و قتل داوود جالوت وءاتاه الله الملك و الحكمة ] الآيات 243 إلى 251 البقرة . 

 سنطرح السؤال مرة ثانية لكن بشكل أدق .. هل وصف القرآن أيات تدلنا على تاريخ القدس في ذاكرة أنبياء و رسل سابقين يسبقون النبي سليمان الذي تبناه كتاب العهد القديم لصنع كذبة الهيكل المزعوم ؟ 
الإجابة نعم و هي موجودة في قصة موسى في القرآن ..لكن تحتاج أن تقرأ كلام القرآن الآتي و تركز معي .

 [ و إذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ▪︎ فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ▪︎فلما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ▪︎ قال أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره و اتخذ سبيله في البحر عجبا ] الكهف . 

 ▪︎من هو الحوت :
 تلاحظ أن الآيات مركزة على قصة الحوت ( نسيا حوتهما ..فإني نسيت الحوت) .. فهل لهذه الدرجة القصة مهمة لو أخذناها بمنطق تلك التفاسير التي تتحدث عن قصة حوت مملح يحمله موسى و فتاه من اجل أن يأكلاه ثم يستيقظ ذلك الحوت و يحيى من جديد و لا يجد موسى و فتاه ما يتغدياته ؟ 
 مافائدة هذه القصة لي لو كان القصة تتحدث عن أكلة حوت مملحة هو تفسير هذه الآيات ، أكيد أن هذه الآيات لا تتحدث عن قصص أطفال بل تملك تفسير آخر يخص شيئ متعلق بآية أخرى تخص الحوت و لها و قع تاريخي مهم .
 الآية عندما تقول "نسيا حوتهما" فكلمة حوتهما لا تعود على موسى و فتاه بل تعود على البحرين : [وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضي حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما] بمثل ماتعود عبارة "بلغا مجمع بينهما" على البحرين ، فكذلك عبارة "حوتهما" تعود على البحرين .. وهذا الطرح سيجعلك تنتقل لسؤال مهم جدا ، فإذا كانت القصة تقصد حوت البحرين فمن هو حوت البحرين ؟
 الحوت ليس حوت حقيقي الذي يعيش في البحر و نأكله .. بل هو آية تسمي تضاريس بحر يقع في يابسة مجمع البحرين بإسم الحوت .. كيف ؟ 
 يمكنك التأكد من هذا مباشرة عندما تكمل الآيات : [ فلما بلغ مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ▪︎ فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا ] 
 فلماذا ذكرت الآية مباشرة بعد نسيان الحوت عبارة "فاتخذ سبيله في البحر سربا" و السرب هو من السراب التي تعني التيه في تحديد موقع معين ...بمعنى أن موسى و فتاه كانا يقصدان سبيل التعرف على بحر معين (رحلة استكشاف) هذا البحر يقع في منطقة مجمع بحرين ، و نسيان هذا الحوت له علاقة بتحديد البحر الذي كان موسى و فتاه يشقان سبيلهما له . 
 فهل هذا البحر الذي اتخذ موسى سبيله (طريقه) من أجل استكشافه هو نفسه الحوت .. و يسميه القرآن بالحوت ؟
 لو أكملت سرد الآيات ستجد قول القرآن "فلما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " .. ماذا تجاوزا ؟ ، و لماذا نصب عليها السفر ؟ 
 الإجابة هي تجاوزا الحوت الذي كانا يتخذان سبيلهما للوصول له و نسياه ... و سفرهما قد نصب عليهما لأنهما قد نسيا و تجاوزا المكان الأصل الذي كان يشقان طريقهما له .
 فكيف ينسى شخص مقصده الذي هو في الأصل ذاهب له ؟ 
هذا ما تجيب عنه الآية التي بعد أن ذكرت تجاوزهما و نسيانهما هذا البحر الذي كان مقصدهما بالشيئ العجيب (و اتخذ سبيلهما في البحر عجبا) .. بمعنى كيف أنهما اتخذا سبيلهما في بلوغ البحر و نسياه .. كأن تكون أنت مثلا ذاهبا في رحلة لاكتشاف منطقة معينة ثم تنسى المنطقة التي أنت مخطط لزيارتها أصلا ... و هذا يحدث بفعل التيه و يسمى "نصب السفر" فكثير منا قد سافر مناطق معينة و كان من اولوياته زيارة متحف معين مثلا او مكان سياحي لكنه يداهمه الوقت و تأتيه ظروف تمنعه عن زيارة المكان الذي كان من أولوياته . 
 [فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ▪︎ قال أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ] يجب التركيز إلى أن فتى موسى لم يتحدث اطلاقا هنا بل موسى هو من كان يتكلم ، فبعد أن تجاوزا بحر الحوت الذي كان مقصدهما و نسياه ، قال موسى لفتاه أن يأتيه بالغداء و بأنهما قد لقيا من سفرهما هذا نصبا بمعنى أن السّفر قد نصبا عليهما و نسيا مقصدهما و تجاوزاه ..ثم يكمل موسى لفتاه السرد بالقول بأنهما عندما آويا إلى الصخرة فإنه قد نسي تذكر بحر الحوت .. و تنهي الآية سردها بصيغة التعجب "واتخذ سبيله في البحر عجبا" . بحيث أنها ترد على موسى الذي يسرد لفتاه قصة نسيانه الحوت و هو بالأصل قاصد له في سبيله و هذا شيئ عجيب ..فكيف للإنسان أن يسافر ليرى شيئا معينا و عندما يصل إلى المنطقة التي فيها ذاك الشيئ ينسى أن يمر عليه ليراه وهذا ذكر يدل على أن الشيطان يملك تأثير قوي قي التأثير على ذاكرة الإنسان .

 
▪︎أين يقع بحر الحوت ؟

 إذا كنا بصدد دراسة أو تحديد منطقة جغرافية في القرآن فعلينا أن نعرف المنطق أو القاعدة التي يتعامل بها في تبيان تسمية الأماكن و المناطق ... فأكيد أن القرآن سيسمي الجغرافيا وفق نظرة عقلية و بعيدة عن التسميات البشرية الي لا تملك علاقة دلالية بين التسمية و المنطقة المسماة ، بحيث يجب أن يكون هناك توافق وترابط بين سبب التسمية و بين إحدى الخصائص أو الأوصاف الثابتة لأرض المنطقة المسمّاة على طول كل الأزمنة السابقة و المستقبلية.
 فمثلا يسمي نهر معين بإسم "الجمل" نظرا لأن تعرجاته و خط سيره يشكل شكل رأس جمل وحدبة فيسمى النهر بإسم الجمل نظرا لأنه يشبه في تضاريس نشأته شكل الجمل .. و النهر سيبقى لكل الأجيال اللاحقة و السابقة بنفس شكل الجمل و بالتالي أي شخص سيراه من الأجيال سيطلق عليه إسم نهر الجمل .
 [و في الأرض آيات للموقنين - و في أنفسكم أفلا تبصرون ] الذاريات . فالأرض تحوي آيات بمعنى أن الله عند خلقه للأرض جعل بها خصائص معيّنة (آيات) ، فيخلق لك شكل تضاريس معينة بنفس شكل إحدى الخلق الذي في أنفسنا أو مايحيط حولنا ..فيخلق لك مثلا شكل نهر بشكل تعرجاته شكل جمل ، أو بقعة أرض خضراء وسط صحراء بشكل شجرة . عندما نعود للواقع و نطبق هذا الكلام ستشاهد كما في الصورة المرفقة مع المنشور شكل البحر الذي يسمى حاليا "البحر الميت" ، ستلاحظ شبهه الواضح للحوت .. بحيث تلاحظه و كأنه حوت فاتح فمه ، و هذا هو المقصود بالتسمية التي سماها إياه القرآن و أقرنه بالحوت ... فالقرآن يعترف بالتسميات على حسب اهم خاصية تمثل الشيئ الموصوف و كما هو الحال بالنسبة للبحر الميت الذي يشبه في آية و دليل واضح شكل الحوت .
 بحر يشبه في شكله شكل الحوت لذلك سماه الله الحوت و هو نفسه المقصود في نبأ قصة موسى و فتاه .

 الدليل الثاني على أن القرآن يقصد البحر الميت بأنه الحوت هو الموقع الجغرافي بالنسبة لمجمع البحرين .. فهو بحر يقع في منطقة فلسطين الحالية و كما هو معروف فإن المنطقة ملاصقة لبرزخ سيناء التي تقع كذلك كحاجز فاصل بين البحرين الأبيض المتوسط و البحر الأحمر ... بمعنى أن البحر الميت (بحر الحوت) يقع في منطقة تجمع بحرين متقابلين و هما البحر الأحمر و البحر الأبيض المتوسط أمام منطقة سيناء المصرية الفاصلة بينهما . 

 ▪︎من هي الصخرة التي ءاوى إليها موسى و ما علاقتها بالقدس ؟

 إذا كان أصل تسمية البحر الميت هو الحوت ، من هي الصخرة التي أوى إليها موسى و فتاه ، أو بالأحرى أين تقع هذه الصخرة لنتأكد أكثر و نتيقن مما عرفناه ؟ أكيد أن هذه الصخرة شاهد تاريخي لا يمكن مسحه و هي تقع في منطقة قريبة من البحر الميت...بمعنى أنها تقع في منطقة فلسطين الحالية.
 [قال أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت و ما انسانيه إلا الشيطان أن أذكره ] الكهف .
 أول سؤال يتبادر لذهنك هو : ما هذه الصخرة التي يمكن أن يأوي إليها شخصان ؟ و هل يمكن لهذه الصخرة أن تعيش سنين طويلة لتبقى كشاهد تاريخي ؟ 
 الإيواء كما هو معروف هو المبيت أو الإقامة داخل بيت أو أي ملجئ يحوي الشخص .. فهل يمكن أن يأوي شخصان إلى صخرة ؟ 
 أكيد أن هذه الصخرة ليست عادية ..أو بالأحرى هي بيت منحوت داخل صخرة كبيرة . 
 في فلسطين الجميع يعرف أنه يوجد مكان أثري قديم لصخرة أرضية و منحوت داخلها بيت .. و قد تم اتخاذه حاليا كمسجد يتم الصلاة فيه و تم تسمية المسجد بإسم قبة الصخرة ... و يتم ربط تاريخ هذه الصخرة بأن الرسول محمد قد أعرج منها للسماء في قصة الإعراج المعروفة من كتب التراث ... فهل تم ربط قصة هذه الصخرة مع تأويل آخر كي يتم التغطية على علاقتها بقصة موسى و فتاه ؟ 
 الصورة المرفقة مع المنشور أرفقنا فيها خريطة لمكان البحر الميت (بحر الحوت) و أشرنا لمكان هذه الصخرة التي بني عليها مسجد قبة الصخرة بنقطة حمراء ، بحيث أنها منطقة متاخمة لمكان البحر الميت . في مكان مسجد قبة الصخرة توجد تلك الصخرة التي ارقفناها في الصورة و التي يصلي داخلها الناس .. تلك الصخرة هي نفسها الصخرة التي أوي إليها موسى و فتاه و مازالت إلى اليوم تحافظ على قدسيتها ، و قد تم اتخاذها كمسجد للحفاظ على قدسية المكان و أثره . 

 • ما علاقة الصّخرة التي أوى إليها موسى و فتاه بتسمية القدس و المسجد الأقصى ؟
 أعتقد أن الجميع يتبادر إلى ذهنه تواجد مسجدي قبة الصخرة و المسجد الآخر الذي يسمى المسجد القبلي بالقرب من بعضهما في مشهد لا نعرف فيه من هو البناء الذي يمثل المسجد الأقصى ، فالجميع لا يفرق بين المسجدين لقربهما من بعضهما . 
 فالمعقول أن منطقة بتلك القدسية التي تمثل المسجد الأقصى هو تواجد بناء مسجد واحد فقط ، فمالداعي لتواجد مسجدين يقربان من بعضهما بخطوات ؟؟ المشكل أنك تجد التفسيرات تتضارب حتى لمعرفة من هو البيت الذي يمثل المسجد الاقصى ، فهناك من يقول أن مايسمى الجامع القبلي هو الأقصى ، وهناك من يقول أن مساحة الصور المحيط بمسجدي قبة الصخرة و المسجد القبلي هي كلها تمثل أرض المسجد الاقصى ، فيما تجد الناس يتداولون صورة مسجد قبة الصخرة الذي يملك قبة صفراء ذهبية على أساس أنه هو الأقصى ... و الحقيقة انك تحتار و تطرح عدة اسئلة عن سبب هذا التنازع الذي يشوش عن معرفة المسجد الأقصى ؟!
 عندما نتناول موضوع البناء الذي يسمى "قبة الصخرة" فإنك تحتار عن سبب تسميته بهذا الإسم ، فلماذا لم يسمى "مسجد الصخرة" و سمي "مسجد قبة الصخرة" تحس و تشعر و كأن كلمة "قبة" تحاول أن تشوش على تسمية "مسجد الصخرة" كي تعطي طابع أن المسجد سمي بهذا الإسم لكونه يملك قبة معدنية مبنية باللون الأصفر الصخري ، و في نفس الوقت تنسي المتمعن في هذا المسجد عن سبب وجود الصخرة التي داخله و التي يصلي داخلها الناس . 

 المذكور أن بناء المسجد كان في القرن السادس للميلاد للملك الذي المسمى ابن مروان ، يتوسط البناء الصخرة المشرفة، وترتفع هذه الصخرة نحو متر ونصف المتر عن أرضية البناء، وهي و هي عبارة عن مغارة غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 متر كما في الصور المرفقة مع المقال . 
 فتجد أن التاريخ الذي يفسر تواجد تلك الصخرة هناك لكونها الصخرة مربوط بقصة الإسراء و المعراج دون الحديث عن أصلها الأوّل .. فهم قد اقرنوها بقصة المعراج من اجل ان يجعلوا تاريخ علاقة المسلمين و الإسلام بها رهين القرن السادس للميلاد ، فتجد الغموض يكتنف تاريخ بناءها و كيفية بناها و من بناها . 
 الحقيقة أن تلك الصخرة هي نفسها الصخرة التي آوى إليها موسى و فتاه ... وسميت الصخرة المشرفة كونها كانت مسجدا و قد شرفها الله بذكرها في القرآن .. فتلك الصخرة تقع على مقربة من منطقة البحر الميت (الحوت) فهي تبعد بكلومترات سفر .. و موسى و فتاه قد أقاما بها عندما كان مسافرين إلى سبيلهما في اكتشاف آية بحر الحوت . المسجد الذي اتخذ على تلك الصخرة هو نفسه المسجد الأقصى ... و قد ارتبط قديما تاريخ المنطقة هناك بما يسمى "التقديس" بحيث أن كل من يحج للمسجد الحرام و القبلة يسافر كذلك للمسجد الأقصى و يسمون الذاهب إليها بعد الحج بالمُقدِّس و هو ما زال معروفا لليوم مما تبقى في ذاكرة ساكنة المنطقة ........يتبع . . . . .
 

الجمعة، 10 سبتمبر 2021

- نبأ القرآن يدعوا للرجوع للقبلة الصحيحة و المسجد الحرام الحق -

- نبأ القرآن يدعوا للرجوع للقبلة الصحيحة و المسجد الحرام الحق -

 من أكبر المعظلات التي نتج عنها إغتيال مفهوم نبؤات خطاب القرآن  هو كتب أسباب النزول و اقرانها بحوادث وقعت في القرن السادس ميلاد في قبيلة صحراوية قفار ، بحيث أنّ وعي المسلم أصبح يتعامل مع آيات القرآن و كأنها آيات تتحدث عن احداث أرشيف وقعت منذ 1400 سنة ولاعلاقة لها بزمن اليوم لا من بعيد و لا من قريب ... كل هذا المخطط استهدف وعي المسلم و ألغى من عقله مفهوم آية واضحة تقول له أن القرآن هو نبأ عظيم أي عبارة عن أحداث تَنبَّأ القرآن بحدوثها ومنها مايقع أمام نصب عينيه لكنه معمي عنها بسبب كتب أسباب النزول و التفاسير التي تصور له وكأن القرآن كتاب قصص و أرشيف ، فأصبح المسلمون مجرد قارئين للقرآن معرضين عن نبوءاته التي تقع امامهم ..
[إن هو إلّا ذكر للعالمين (67) ولتعلمنّ نبأه بعد حين(68) ] ص .
[قل هو نبأ عظيم(68)أنتم عنه معرضون(68)] ص .
القرآن أحداث مستقبلية خرجت وقُرأت من كتاب اللّه ..

 عندما نقرأ آيات عديدة في القرآن عن القبلة نجدها متناقضة تناقضا صارخا مع كلام التفاسير و أسباب النزول وتنفيه جملة وتفصيلا ، وهذا يدعونا إلى إعادة البحث من جديد عن مكنون خطاب تلك الآيات ، فالقرآن حي و لم يمت بمثل ماقتلوه بتلك الأحداث التي ادعوا وقوعها قبل 1400 سنة في كتابات كتبت على أوراق كتب بشرية لا نعرف أصلها و فصلها سوى أنها المصدر الذي تنهال منه كل مؤسسات الدين و شيوخها.
[سيقول السفهاء من النّاس ماولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّٰه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (142) وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلّا على الذين هدى الله وماكان الله ليضيع إيمانكم إن اللّه بالناس لرؤوف رحيم (143)] البقرة .
 التفسير الموجود في كتب التراث التي وصلت للناس هو أن السفهاء من قريش سيقولون لمحمد ماولى هؤلاء الناس عن قبلة بيت المقدس ، لكن حسبهم الله خاطب الرسول و اوصاه بأن يرد عليهم بأن الله يملك المشرق والمغرب وهو يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وأنكم ياأمة محمد أنتم الأمة الوسط أي وسطها فضلا وشرفا نسبا لتكون شاهدين على الناس، وأنّنا بدلنا القبلة لنعلم من يتبعك ممن يتراجع ويبدل رأيه ، وأن هذه الخطوة كبيرة على الناس ، لكن الله لن يضيع ماكنتم عليه في القبلة السابقة .
 إذا كان ذلك التفسير هو التفسير الصحيح الذي أقرنوه بسبب نزول الآية ومعناها ، فكيف لأناس رأت محمد أمام عينيها و آمنت بأنّه رسول اللّه و بأنّه يتلقى الوحي من جبريل و آمنت بعدد كبير من الآيات قرآنية التي نزلت عليه و آمنت بإسراءه ليلا من مكة إلى القدس و صلاته بالأنبياء و بعروجه إلى السماء لتعلم الصلاة وفرضها ، أن تعترض بعد كل ذلك على حكم اللّه في تغيير القبلة من القدس لمكة ؟ ..المفروض أن محمد تنزل عليه آية تخبره بتبديل القبلة و خلاص ، فما الدّاعي لتحدث الآية بأنّه شيى كبير على الناس و أن هناك من سينقلب على عقبيه و يكفر بالرسول و بما انزل إليه ، ثمّ إذا كان تفسير عبارة "وماكان اللّه ليضيع إيمانكم" متعلق بأن الله لن يضيع إيمان من كان في القبلة السابقة فهل هذا كانت القبلة السابقة خاطئة وأن الناس كانت مخطئة بإيمانها بها حتى يخبرهم الله بأنه لن يضيع إيمانهم ؟!
بالإضافة إلى كل هذا لماذا أمر اللّه الرسول بأن يخاطب المعترضين بقوله "لله المشرق و المغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" فهل كانت القبلة السابقة ليست من هداية الصراط المستقيم ؟ الآية واضحة وتقول بأن هذه الخطوة المتعلقة بالقبلة هي هداية إلى الصراط المستقيم ، و بالتالي فإنه منطقيا نستنتج أن القبلة السابقة ليست من الصراط المستقيم و لا من الهداية وعكس الهداية هو الضلال ، فهل كانت القبلة السابقة التي اتخذها الناس إلى القدس حسب كتب تفسيرهم ورواياتهم قبلة ضالة و ليست من الصراط المستقيم ؟
هنا نستنتج أن كل التفسير الذي أسقطوه على الآيات هو تفسير كاذب هدفه التشويش على مفهوم خطاب هذه الآيات التي تحمل نبوءة عظيمة .

ثم تكمل الآيات ..
[قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولينّك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام ، و حيث ماكنتم فولّوا وجوهكم شطره ، و إنّ الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنّه الحقّ من ربّهم و ماللّه بغافل عمّا يعملون144] البقرة .
لاحظ أنّ الآية تخبر الرسول بأن يولّيه اللّه قبلة يرضاها، فهل كان غير راضي وساخط عن القبلة الأولى حتى يقول له الله بأنه سيوليه قبلة يرضاها ؟ مالداعي لأن يعترض الرسول عن القبلة التي أرادها اللّه بداية و التي اخبرونا أنه أسري إليها و صلّى بالأنبياء داخلها وأنها هي القبلة الأولى منذ إبراهيم عليه السلام !! أصلا الرسول هو مخاطب مع المؤمنين في عدة آيات ومؤمور بأن يتبع ملة إبراهيم أي كل ماكان عليه إبراهيم ، فكيف يعترض و لايرضى بالقبلة التي كان عليها إبراهيم و التي اخبرونا بأنها القدس !؟
ثمّ تضيف الآية "وإنّ الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنّن الحق من ربّهم" ، فكيف عرفوا أن المسجد الحرام هو القبلة الحق ..هل كانت القبلة الأولى باطلة حتى يقول اللّه عليهم بأنّهم يعلمون أنّ القبلة الجديدة للمسجد الحرام هي الحق ، ألم يخبرونا في التفاسير أن القبلة الجديدة هي حكم جديد من اللّه بأن يتم تغييرها فكيف عرفوا بأنها القبلة الحق ، هل كانت القبلة السابقة باطلة حتى يقول اللّه عليهم بأنهم يعلمون أن  قبلة المسجد الحرام هي الحق من ربهم  !!
 ثمّ لماذا أردف اللّه في النهاية عبارة "وما اللّه بغافل عمّا يعملون"  فماعلاقة هذا العمل الذي عملوه بآيات تتحدث عن المسجد الحرام والقبلة ؟ و لماذا قال اللّه بأنه ليس بغافل عنه ، هل هو شيئ كان غير ظاهر للعيان يعلمه فقط الذين يعلمون ان المسجد الحرام هو الحق ؟
المتدبر  للآيات بعمق سيجدها تحمل أسرار  مغيبة عنا بسبب التفاسير التي تغطي عليها بأحداث وهمية تتعارض مع منطوق الآيات . 

لو نعود لسؤالنا الأوّل حول أمر اللّه بتغيير اللّه للقبلة وعن كون اللّه قد فرض قبلة سابقا في القدس ثمّ غيّرها بقبلة جديدة في ماتحاول التفسيرات إسقاطه  على معنى خطاب الآية ، فلاحظ معي
[وإذ جعلنا البيت مثابة للنّاس و أمنا واتّخذوا من مقام ابراهيم مصلّى وعهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل أن طهّرا بيتي للطائفين و العاكفين والرّكع السّجود](البقرة/125)
 هنا الآية واضحة تقول أنّ إبراهيم و إسماعيل كانا يطهران البيت الحرام للطائفين و للرّكع السجود فأين كانت القبلة وقتها ؟
 أليس من المفروض أن إبراهيم وإسماعيل يطهرا البيت في القدس لأنه هو القبلة التي يتجه إليها الناس ، أليس من المفروض ان الحج و الإعتكاف يكون في القدس و ليس في البيت الحرام ؟ نعم هذا هو المفروض لو كانت القبلة الاولى للمسلمين هي بيت المقدس ، لكن الآيات نجدها تخالف ما تم روايته في التفسير و التراث وتذكر أن إبراهيم و إسماعيل يطهران البيت الحرام و ليس القدس .

 الآن ، عندما نعود إلى فهم معنى الآيات بخطابها الحق فإنّ معناها يقلب كل تلك التفاسير رأسا على عقب ..
- أوّلا ما معنى كلمة "ولِّي" ، "نولينّك" ، "ولُّوا" ، "ولاّهم" ؟
 عندما نبحث في معاني الكلمات العربية فيجب أن لا نثق ذلك الوثوق المطلق بالقواميس و الأعاجم الأعجمية التي وصلتنا لأن إمكانية التحريف فيها واردة جدا ، بل علينا أوّل شيئ أن نبحث داخل القرآن فإذا لم نجد المعنى داخل القرآن او استصعب علينا سننتقل للّسان المحلي الذي يتداوله 450 مليون عربي شعبيا ، فاللسان المتداول محليا هو أكثر حصانة من الكتب التي تحمل طابع القواميس و المعاجم و التي عن طريق كتابات معينة وترويج مؤسسات دينية أو اناس يحملون طابع سياسي أن يحرفوا على حسب مخططاتهم .
عندما نبحث عن مفهوم معنى كلمة "ولّى" داخل الكلام الشعبي عربيا نجده ذوا تفسير مغاير عن ماتعودنا عليها داخل تلك الكتب التي تدعي اللغة الفصحى ،بحيث أنه في بلدي نتداول كلمة ولّى بمعنى "رجع" ، فنقول مثلا "ولِّي للدار" بمعنى "ارجع للدار" ونقول "ولّى للخدمة" بمعنى "رجع للخدمة" ... وبالفعل صراحة هذا المعنى وجدته متطابق فعليا مع توظيف معنى الكلمة في القرآن ، لاحظ :
[فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ 
إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ] (سورة القصص 24) 
الآية هذه التي ذكر فيها تولي موسى للظل لم يذكرها اللّه اعتباطا بل ليدلك على معنى كلمة تولى التي تعني الرجوع .
ثم 'تولى' إلى الظل = ثم 'تراجع' إلى الظل .
[مَّن یُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَاۤ أَرۡسَلۡنَاكَ عَلَیۡهِم حَفِیظࣰا](سورة النساء 80)
بمعنى من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تراجع عن طاعته فمالرسول بحفيظ عليهم .
ومن تولى = ومن تراجع .
[وَإِذۡ صَرَفۡنَاۤ إِلَیۡكَ نَفَرࣰا مِّنَ ٱلۡجِنِّ یَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤا۟ أَنصِتُوا۟ۖ فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوۡا۟ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِینَ] (سورة الأحقاف 29) .
الآية تتحدث عن إخبار النبي وحيا لأنه لا يمكن ان يرى الجن ، بأن هناك قوما منهم استمعوا له ولما قضي رجعوا إلى قومهم منذرين .
فلما قضي 'ولَّوا' إلى قومهم = فلما قضي 'رجعوا' إلى قومهم .
من خلال هذه الآيات و عدة آيات أخرى لن نتطرق لها لإختصار الكلام نتعلم بأن معنى التولّي هو الرجوع ، وعليه :
تولى = تراجع .
ولَّى = رجع .
تَولّوا = تراجعوا .
المولى = المرجع (الذي يرجع إليه دائما و ابدا) .
الوِلاية = المَرجعية .
 وبالتالي فإن كل الكلام الذي قيل في آيات القرآن من  دعوة إلى المسجد الحرام كقبلة جديدة هو كلام لا أساس له من الصحة و لايتلائم ومنطوق الآية ، فكلام الآية هو دعوة للرجوع إلى قبلة المسجد الحرام و ليس اتخاذه كقبلة جديدة ، فالرجوع يعني العودة إلى وضعية سابقة تم تركها ...
[سيقول السفهاء من النّاس ماولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّٰه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 142] البقرة .
بمعنى "سيقول السفهاء من الناس مارجّعهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" أي أن السفهاء من الناس تساءلوا عن كيفية رجوع النبي و الذين معه إلى القبلة الأصلية لأن القبلة الأولى كانت خطأ ، ولذلك خاطب اللّه النبي بأن يقول لهم بأن لله المشرق و المغرب و أن الهداية للصراط المستقيم و الرجوع للقبلة الصحيحة هي من اللّه بعد أن كانوا زائغين عن الصراط باتباعهم قبلة خاطئة ... وليس كما اسقطته التفاسير و أسباب النزول على حوادث وهمية لتلغي نبوءة هذه الآية . 

[قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولينّك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام ، و حيث ماكنتم فولّوا وجوهكم شطره ، و إنّ الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنّه الحقّ من ربّهم و ماللّه بغافل عمّا يعملون144] البقرة .
هنا الآية تتحدث عن تقلب وجه الرسول في السماء لأنه اكتشف أن القبلة التي هو عليها و قومه قبلة خاطئة ، ولذلك قال له الله سنرجعك القبلة التي ترضاها لأنها القبلة الصحيحة وهي المسجد الحرام .. والرجوع للقبلة الصحيحة يعني الرجوع للقبلة التي كان عليها الناس منذ إبراهيم عليه السلام ، وبالتالي فإن التفسير الذي يرجع هذه الآية حول أن القبلة الأولى كانت للقدس ثم رجعت لمكة هو تفسير خاطئ ووهمي لم يقع ، فالآية تتحدث عن شيئ آخر يحدث أمامنا اليوم .
الآية هذه نبوءة من نبوءات القرآن التي تدعوا النبي و الذين معه للرجوع إلى القبلة للصحيحة التي هي من الصراط المستقيم و هي القبلة الأولى التي لا ثاني لها ، قبلة أوّل بيت وضع للناس الذي ببكة ، لأن قبلة مكة هي قبلة خاطئة تم صناعتها للصد عن المسجد الحرام وصنع قبلة وهمية للتحكم في المسلمين عن طريق الخطاب الديني التي تمارسه مملكة السعو دية التي تدعي انها بلاد التوحيد لكنها في الحقيقة بلاد التفريق بين المسلمين و الإرصاد لمن حارب الله و رسوله من الغرب الصهيوني ، ولاشك أن كل شيئ بدأ يظهر في الأيام القليلة الماضية عندما اصبح يستعمل منبر مكة للإضرار بالمسلمين والدعوة بالعاطفة الدينية إلى التعايش مع الكيان الصهيوني الغاصب الذي وطنّه الغرب برواية العهد القديم الوهمية للسيطرة على بلاد المسلمين و احتلالها بإحتلال جديد و ناعم لايختلف الإحتلال السابق البريطانوفرنسي إلا  من ناحية المكر و الخداع وبأدوات جديدة .
[والذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و تفريقا بين المؤمنين و إرصادا لمن حارب اللّه رسوله من قبل و ليحلفنّ إن أردنا إلا الحسنى و اللّه يشهد إنهم لكاذبون - لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم أحق أن تقوم فيه ، فـيه رجال يحبّون أن يتطهروا و اللّه يحب المطّهرين] (سورة التوبة 107-108)
 هنا دعوة للنبي أن لايقوم في مسجد ضرار الذي في مكة وأن يقوم في المسجد الذي أسس من أوّل يوم على التقوى وهو نفسه أوّل بيت وضع للناس ووالذي هو ببكة ، فذلك البيت الذي في مكة  لم يتم بناءه ووضعه إلاّ منبرا للخطاب التكفيري وجعل المسلمين أطياف متناحرة و الدعوة إلى اتخاذ أعداء هذه الأرض ومحتليها اصدقاءا و إخوانا وهم الذين شتتوا و دمروا هذه الشعوب بداية من الربيع العبري إلى غاية تثبيت التطبيع المباشر مع العدو الغاشم ... عندما ترى المدعوا السديس رئيس أئمة ذلك المسجد الذي جعلوه مسجدا حراما يقول أن أمريكا تقود العالم للسلام و الجميع يعرف انها الدولة التي صنعت الخراب و مولت المرتزقة داخل بلداننا و دمرت بلدان الوطن العربي إبتداءا من غزو العراق إلى سوريا إلى ليبيا .. فتأكد أم ذلك المسجد ليس مسجد اللّه الحرام ، مسجد اللّه الحرام الذي يجب أن نقوم فيه هو المسجد الذي أسس من أوّل يوم في هذه الحياة و هو أوّل مسجد وضع للناس الذي ببكة الذي فيه مقام إبراهيم و فيه آيات بينات .

[إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركا وهدى للعـالمين - 
فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفـر فإنّ اللّه غني عن العـالمين] (آل عمران 96-97)
أوّل بيت وضع للنّاس الذي تذكره الآيات هو نفسه المسجد الذي أسس من أوّل يوم على تقوى اللّه ،و هو قبلة سيدنا إبراهيم و هي قبلة لم يأمر اللّه بتغييرها بالمطلق ، وهو المسجد الحرام الذي يقع فيه مُقام إبراهيم أي قبره وبيته لأنّ أصل كلمة "مُقام" هي بنفس معنى "مُقامات الأولياء الصالحين" التي تداول النّاس وضع قبورهم أو أضرحتهم في جوامع معينة تبركا بمقامهم ...ولذلك فإن مُقام سيدنا إبراهيم هو بالمسجد الحرام الذي ببكّة .
النقطة الجوهرية التي تحاول نبوءات القرآن تصحيحها هي أن هناك من غيّر القبلة من المسجد الحرام الذي ببكة إلى مسجد ضرار الذي بمكة ، لأن الآية الوحيدة التي تذكر إسم منطقة مكّة في القرآن تذكرها بموضع سلبي حول حالة حرب ستحدث هناك وحول أن هناك جماعة كافرة كانت تصد الناس عن المسجد الحرام :
[وهو الذي كفّ أيديهم عنكم و أيديكم عنهم ببطن مكّة من بعد ماأظفركم عليهم وكان اللّه بما تعملون بصيرا - هم الذين كفروا و صدّوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محِلّه ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم مِّنهم معرّة بغير علم ليدخل اللّه في رحمته من يشاء لو تزيّلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ] (الفتح 24-25) .
المسجد الحرام ليس بمكة و المسجد الحالي الذي بها حسب نبوءات القرآت و الواقع الذي نراه أمامنا هو مسجد ضرار و إرصاد لمن حارب اللّه و رسوله ، و المسجد الحرام الذي صدوكم عنه هو ببكة ..
[أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نٍ خَیۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارࣲ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِی نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝  لَا یَزَالُ بُنۡیَـٰنُهُمُ ٱلَّذِی بَنَوۡا۟ رِیبَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡ إِلَّاۤ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ](سورة التوبة 109 - 110)
هذه الآية التي تمر عليها ايها المسلم يوميا و تقرأها كقصص كليلة ودمنا هي نبأ تنبأ به القرآن يحدث أمامك منذ قرون ، بنيانهم الذي بنوه في تلك الأرض القفار و اقنعوا اجدادك وقت الإحتلال الهمجي و اقنعوك اليوم بأنه المسجد الحرام هو بنيانهم الذي لايزال ريبة في قلوبهم ، لأنهم يعلمون أنه ليس المسجد الحرام .
.
.
.
.
يتبع

- كيف تم السطو على تاريخ أرض المقدس ؟ -

- كيف تم السطو على تاريخ أرض المقدس ؟ -

 قبل أن نبدأ الموضوع علينا أن نكون مركّزين إلى أن القرآن هو خطاب و كلام مضبوط و دقيق جدا هدفه الأول هو إصلاح أي خلل يمس فطرة ماكان عليه الإنسان الأوّل ، فإذا كان هو بحد ذاته يعترف بأنه عبارة عن نبأ عظيم (حدث مستقبلي) فهذا يعني بأننا علينا أن نتعامل مع كل كلامه بتفكير و تدبر واقعي بعيد كل البعد عن إسقاطه في روايات تجعله كلام أحداث ماضية خلت و لم يبقى منها إلا الكلام .

و الحقيقة أن موضوعنا هو موضوع يشكل في عقلنا الجمعي خلل صعب تفكيكه بالنظر إلى كمية الكتب و الكتابات التي تتطور و تدعمه وهو موضوع أرض القدس ، فالكُتَّاب الأكاديميون و بالخصوص أكاديميو التاريخ أصبحوا بشكل ملفت يطورون نظرياتهم بشأن أرض المقدس و التواجد اليهودي لدرجة أنّهم أضحوا يفسرون كتاب العهد القديم على أساس أنه وثيقة تاريخية أصلية تمثل التوراة ، و المعضلة الكبرى أنهم باتو يعترفون بأن اليهودية هي ديانة سماوية نزلت من عند الله و أن الإسلام هو دين متطور و منبثق عن الديانة اليهودية التي ظهرت حسبهم قبل الآسلام بألف ونصف الألف سنة ، و كل هذا يتم تأسيسه لحساب توثيق نظرية أن اليهودية هو الدين الأول الذي انطلق من أرض المقدس و أن ارتباط الإسلام بتلك الأرض هو ارتباط حديث و متأخر عن التاريخ الذي يربط اليهود بتلك الأرض . بحيث أصبح الوعي الجمعي مصنف و مخطط له على الرتم التالي :

- بيت المقدس في ذاكرتنا نحن المسلمين جعلوه مرتبط بالتفسير الذي  يفسّر الآية القرآنية حول الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، بحيث أصبح القدس بالنسبة لوعينا الزمني هو مكان ذو قدسية بدأت و نشأت في القرن السادس ميلادي ... بحيث تم تفسير الآية الآتية كالتالي :
[ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ١ ] الإسراء .
تم تفسير الآية بأنها نزلت على الرسول عندما نقله الله من مكة إلى القدس كحادثة وقعت سنة621 م ، بحيث تقول كتب التفاسير و أسباب النزول بأنه عند نوم الرسول أُسرى به الله عن طريق جبريل و دابة تسمى البراق حتى وصل إلى مسجد القدس و ربط الدابة عند بابها ثم صلى بالأنبياء مجتمعين ... و بعدها فرضت الصلاة عندما صعد الرسول إلى السماء و كانت القبلة المختارة هي القدس لمدة سنة إلى أن تغيّرت إلى مكة بعد نزول آية جديدة تولّي الرسول قبلة يرضاها و هي المسجد الحرام .

- جعلوا تاريخ أرض القدس لدى اليهود متقدم علينا زمنيا ب1600 سنة ، بحيث يذكر التأريخ اليهودي و كتابهم العهد القديم أنه تم بناء الهيكل من قبل سليمان(الذي حسبهم هو ملك يهودي) في القرن التاسع قبل الميلاد و الهيكل حسبهم عبارة عن أوّل معبد يهودي يؤسَّس و تم تسميته في كتابهم العبري بإسم "همقدش"  .. أما بالنسبة للمسيحيين فهم يؤمنون بنفس ما يؤمن به اليهود حول الهيكل و بالإضافة لذلك فإنهم يؤمنون بأن القدس هي المنطقة التي نزل بها عيسى في القرن الأول للميلاد و أنهم يملكون علاقة روحية و مقدسة بالمنطقة هناك .

- ماهي أبرز مشكلة جعلت الإسلام دين متأخر زمنيا عن التاريخ الذي ربطوه بظهور اليهودية في أرض المقدس :

المشكلة الأولى التي تم صياغتها للمسلمين هو إقناعهم عن طريق الروايات و التفاسير و الاحاديث التي تنسب للرسول و قصص السيرة بأن الكتاب الذي يملكه اليهود هو التوراه و أنه كتاب محرّف فقط  ، وبالتالي ترسّخت للمسلم فكرة أن اليهود وكتابهم كانوا متواجدين قبل آلاف السنين ، و بالخصوص عندما يتم تسمية القدس بكلمة محرفة "همقدش" كي يضن الناس أن تسمية القدس سرقها المسلمين من كلمة همقدش .. هذه الأسباب تعتبر أرضية خصبة تجعل كل الكُتاب التاريخيين و أي عقل باحث وغارق في ورق الكتب يصدق فكرة أنّ اليهودية ديانة ظهرت قبل الإسلام بقرون ساحقة و تصبح هذه الفكرة مأصّلة لكون القدس هو ميراث مرتبط بأرض تخص شعب ظهر بديانته قبل الإسلام .

المشكلة الثانية التي جعلت الإسلام متأخر عن القدس بألف ونصف الألف سنة هو التفسير المغرض الذي ألغى نبوءة قرءانية عن طريق تحوير تفسيرها ، و أسّس لفكرة جديدة تجعل من القدس مرتبط بالإسلام بزمن متأخر ظهر في القرن السادس للميلاد ، بحيث تم ربط الإسلام بالقدس لوقت حديث و تم  صياغته على أنه حدث عندما أسري حسبهم بالرسول من مكة إلى القدس خلال سنة 621 ميلاد ... لكن حقيقة هذا التفسير لا تتلائم مع منطوق القرآن للأسباب التالية :

[ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ] الإسراء .
التفاسير تقول بأن الآية نزلت بعد إسراء النبي من مكة إلى القدس كي تفرض الصلاة إلى المسجد الأقصى كأول مرة و كقبلة أولى ، وبسبب هذا التفسير ترسخ ارتباط المسلمين بالقدس على أنه وليد هذه الحادثة و اعطى بذلك الاسبقية لليهود تاريخيا ...وهنا علينا طرح السؤال : هل هذا التفسير صحيح ؟ و هل القبلة الأولى للإسلام كانت من بيت القدس و لم تكن من الكعبة ؟
سنتطرق للسؤال الأوّل و جوابه أن هذا التفسير خاطئ و غير صحيح و لا يتلائم إطلاقا مع كلام الله المضبوط بكل كلمة يقرّها القرآن .. فالآية تقول "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و تصف الكعبة بلفظ "المسجد الحرام" فكيف يعترف القرآن بأن الكعبة هي المسجد الحرام فيما الآية نزلت لتؤسس للقدس بأنه هو قبلة المسلمين الأولى التي فرضت نحوها الصلاة ، و من باب آخر فآن الآية تقول أن الرسول اسري به للقدس و ربط دابته على باب المسجد فهل عندما أسري به كان المسجد هناك مبني كمساجد المسلمين اليوم ؟ الم يكن كنيسة وقتها بحسب التاريخ الذي يتحدث عن كون انها كانت منطقة مسيحية ؟ بمعنى آخر هل كان هناك مسلمين بانيين المسجد هناك و يصلون فيه ؟ فكيف وجده مسجدا جاهزا إذا !! .

من جهة ثانية علينا أن نتساءل عن القبلة التي كان عليها الناس المؤمنة زمن ابراهيم و من بعده ، فهناك آية تثبت أن الناس كانت تقوم و تطوف و تسجد و تركع (تصلي) عند البيت الحرام في زمن إبراهيم ، اقرأ :
[و إذ جعلنا البيت مثابة للناس و أمنا و اتَّخذوا من مقام ابراهيم مصلّى و عهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل أن طهّرا بيتي للطائفين و العاكفين و الركّع السجود (١٢٥)] البقرة .
وهناك آية أوضح منها :
[وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا و طهّر بيتي للطائفين و القائمين و الركّع السجود (٢٦) ] الحج .
فهنا الآيات واضحة بأن البيت الحرام كان موجود زمن ابراهيم و اسماعيل وكانوا يطهرون البيت للناس التي كانت تقوم و تعتكف و تطوف و تركع و تسجد ..فكيف يتم تفسير آية الإسراء على أن مغزاها تحديد القبلة الأولى و فرض الصلاة نحو القدس ؟ .

من جهة ثالثة ، تم ربط آية الإسراء بآيات أخرى تفيد بأنه بعد عام من فرض القبلة للقدس نزلت آيات جديدة تحوّل القبلة إلى المسجد الحرام ، و السبب في هذا الربط المحبك للتفسير هو أنّهم قد تخلّصوا من برمجة المسلم على أن الإسلام قد عرف منطقة القدس في القرآن خلال فترة الإسراء بالرسول .. لكن حقيقة الآية لا علاقة لها بتحويل القبلة من القدس الى الكعبة .. وقد تطرقنا لهذا الموضوع في مقال سابق ..هو على الرابط التالي :
https://bahithalhikma.blogspot.com/2021/09/blog-post_34.html?m=1
الآن لمن قرأ المقال بتمعن سيطرح سؤال وارد جدا ، و هو ماقصة القدس و المسجد الأقصى مع الإسلام حسب القرآن .. وإجابة هذا السؤال نملكها من خلال القرآن الذي يثبت بأن أرض القدس هي أرض المسجد الأقصى ، بل ولدى القرآن دليل يثبت أحقية الإسلام بتلك الأرض و ان تاريخه مرتبط بها منذ زمن موسى عليه السلام .. لكن سنتطرق لهذا في المقال القادم .

السبت، 4 سبتمبر 2021

- هل تعلمون من هي عين اليقين ؟ هي بكّة أرض مصر ؛ العين الباكيه -


كل كتب الدجل التي تدعي أنها تفسّر القرآن هدفها الأوّل منع تدبر القرآن ، فالقرآن خاصية فهمه و تدبره هي الربط بين آياته التي تشرح نفسها بنفسها ... القرآن ميسّر و يشرح نفسه بنفسه و يحتاج أن تتدبره فقط ..
[ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ] القمر .
[افلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها] محمد .
[أفلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا] النساء .

القرآن يقول لك أنه بلسان عربي مبين ، و أي شخص نبيه و يستخدم عقله دون اي مؤثر يشوش عليه سيعرف و سيتذكر و سيتفكر أنّ أوّل مايتبادر لذهنه عند نطق كلمة "بكة" هو علاقتها اللسانية الواضحة مع كلمة "بكاء" .
[إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ]ال عمران .
عندما يقول لك القرآن بأن أوّل بيت وضع للناس أنه ببكة ، فستعرف أنه يقصد منطقة جغرافية إسمها بكة لكنك ستطرح سؤالا عن علاقة هذه المنطقة الجغرافية بالبكاء ؟ وبالتأكيد هذا سيجعلك تبحث و تفتش داخل القرآن عن المنطق و العلم الذي يعترف به القرآن نفسه في الإعتراف بالتسميات الجغرافية .

عند البحث داخل القرآن تجده يعترف بالتضاريس الطبيعية التي خلقها الله آيات للموقنين :
[وفي الأرض آيات للموقنين - و في أنفسكم افلا تبصرون]الذاريات .
هذه الآية لم تذكر اعتباطا في القرآن ، إنما المقصود بها أنه في شكل خلق الأرض توجد آيات و دلالات يشير لها القرآن و لها علاقة بآيات ايضا موجودة لدينا في انفسنا .. كيف ذلك؟

 أنت عندما تسمع إلى القرآن يعترف بدلالاته الجغرافية عن طريق آيات تصور في الأرض و لها علاقة أيضا بدلالات موجودة لدينا نحن في انفسنا ، فمباشرة ستعرف بأن عملية البكاء معروفة لدينا هي آية من الآيات التي في أنفسنا و هي معروفة بأنها نزول الدمع من العين ، و سيتوارد لذهنك ماهي التسمية التي تطلق على "العين التي تبكي" ، تسمية واحدة و لفظ واحد فالإسم يجب أن يكون مفردا ، ماهو الإسم يعبر عن عن حالة العين الباكية ؟ واضحة وضوح الشمس "بكّة" ، إسم بكة هو إسم مشتق من كلمة بكاء و هو إسم مفرد يصف حالة العين التي تبكي ...لكن كيف يصور الله في أرضه شكل دولة تشبه العين الباكية ؟ ، و اين تجدها من هذا العالم الكبير ؟ 

الأمر لن يكون لك بغريب عندما تبحث داخل القرآن و تجده يورد إسم مصر خمس مرات في القرآن دون اي دولة أخرى ، و يتحدث عن قصص أنبياء دارت فيها انطلاقا من قصة موسى و فرعون التي تأخذ حيز كبير من القرآن ، و ستجد آية واضحة تدل على أن مصر أرض كانت قبلة الناس و كانت تقام فيها الصلاة :
"و أوحينا إلى موسى و أخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا و اجعلوا بيوتكم قبلة و أقيموا الصلاة بشّر المؤمنين " يونس .
لكن سيورد لك شكٌّ و لن تتيقّن حتى تعرف علاقة إسم بكّة الذي هو العين الباكية بمصر ؟ 
اليقين هو نفسه التي أشارت له الآية بعبارة "وفي الأرض آيات للموقنين" ، ستتيقن عندما ترى تضاريس مصر تشكل شكل عين باكية أمام عينك التي تبصر بها الحق ..أنظر للصورة المرفقة بالمقال و سترى التضاريس الطبيعية لمصر تشكل في شمالها الذي سمي (دلتا النيل) شكل عين واضح ، و سترى نهر النيل متفرع بصورته عن منطقة العين الخضراء طبيعيا بشكل يوحي و كأنه دمعة تنزل .. ستتيقن بشكل جدي و ستقطع الشك باليقين عندما تشاهد في مصر عشرات الآثار القديمة للناس الأولين كاتبين على الحجر و الألواح و الجدران و على كل ماهو أثري صورة العين الباكية ، تلك العين الباكية التي قرأها علماء الاحتلال الفرنسي و البريطاني قبل ثلاث قرون عندما دخلوا غزاة على مصر إسم "اوجات" دون ان يعطونا أي دليل يقيني على هذه التسمية المحرفة التي تخفي خقيقة كتابات و أثار أمة كاملة ... العين الباكية تلك تقرأ بكة و المقصود بها هو رسم تصويري و في نفس الوقت الكتابة التي تعبر حسب الأولين بفطرة الرسم و التصوير عن العين الباكية .

الآن عندما ترجع للقرآن ، و تقرأ آيات سورة التكاثر التي تتحدث بسبيل اللغز و التساؤل و في نفس الوقت المعاتبة عن أمر لا يعلمه الناس ، [كلا لو تعلمون علم اليقين - لترون الجحيم - ثم لترونها عين اليقين ] ، الآية تتحدث و كأنها لغز بصيغة تساؤل و تحتاج تدبر لن يكون صعبا إذا اتبعنا ماهو ميسّر في القرآن ..فالآية تورد كلمة اليقين في عبارة "علم اليقين" و تعيد نفس الكلمة لكن في وصف العين بالقول "لترونها عين اليقين"  ... كيف يمكننا رؤية العين بعلم اليقين ، و لماذا تكررت كلمة "اليقين" ؟ لغز يجيب عليه القرآن :
[و في الأرض آيات للموقنين - وفي أنفسكم أفلا تبصرون ] 
للموقنين = كلمة "الموقنين" لها علاقة بكلمة "اليقين" و هم الأناس الذين يتبعون علم اليقين الذي تتحدث عنه آية التكاثر .
افلا تبصرون = الإبصار له علاقة برؤية عين اليقين  الذي تتحدث عنه آية سورة التكاثر .
إذا من هي العين التي هي في الأرض آية للموقنين و يمكن أن نراها و نبصرها ؟ اظن أن الإجابة وصلت لأولي الألباب ..نعم هي نفسها أرض مصر العين الباكية ، بكة هي القبلة التي صدونا عنها .. عين اليقين هي العين الباكية التي تبصرها معي في الصورة المرفقة مع المقال ، و القرآن هو نبأ عظيم تنبأ بما سيحدث لهذه الأمة و يفضح كل ما فعلوه بها من فساد .

[ قل هو نبأ عظيم - أنتم عنه معرضون ] ص .

دليلنا في تحديد القبلة هي التضاريس الجغرافية الطبيعية التي يعترف بها القرآن

علينا أن نفرق بين التضاريس الطبيعية المُشكّلة من الله ، و بين خطوط الحدود الجغرافية و التسميات التي جاء بها النظام الاستعماري و شكّلها ..

القرآن يعترف بالجغرافيا الطبيعية و يطلق عليها التسميات الطبيعية التي تشابه شكل تضاريسها :
[و في الأرض آيات للموقنين - و في أنفسكم أفلا تبصرون] الذاريات .
الآية هذه تقود مباشرة لكون الأرض تملك آيات و دلائل يشير اليها القرآن ، و من اهم ماتشير له هذه الآية عن سبب ذكرها هو تبيان أرض العين الباكية التي هي بكة ، بحيث أنك تشاهد تضاريس طبيعية مخلوقة من الله البارئ تشكل شكل عين تبكي ، مايسمى دلتا النيل يظهر بشكل واضح أنه يشبه العين و النيل يظهر بشكل دموع تبكي من العين  .

[وَفِی ٱلۡأَرۡضِ قِطَعࣱ مُّتَجَـٰوِرَ ٰ⁠تࣱ وَجَنَّـٰتࣱ مِّنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَزَرۡعࣱ وَنَخِیلࣱ صِنۡوَانࣱ وَغَیۡرُ صِنۡوَانࣲ یُسۡقَىٰ بِمَاۤءࣲ وَ ٰ⁠حِدࣲ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ ] الرعد .
الجغرافية الطبيعية حسب القرآن هي اتباع شكل الأرض بحيث أن قطع الأرض و تضاريسها تشكل اشكال لها شبهها في أنفسنا و في من حولنا ، مثلا تجد شكل نهر يشكل بتعرجاته شكل جمل فإن التسمية الفطرية له هو نهر الجمل ، تجد مثلا تعرجات قطعة قارة أرض على البحر تشكل بسواحلها شكل بقرة فإنها تسمى بقرة ..وهكذا .

شكل العين الباكية التي في تضاريس مصر الطبيعية سماها الله بكة وهذا هو المنطق الذي يفرض نفسه بشكل واقعي و يزيل اي تفسير آهر مبني على اوهام .. هناك موجة جديدة جاء بها قارؤوا التاريخ يفتشون داخل التقسيمات الجغرافية التي أتت بها كتبهم الشيطانية ، واحد يقول أن كتاب المستشرف الانجليزي الفلاني يسمي المنطقة الفلانية "كابا" و يبدأ يهرطق عليك بأن المستشرق الآخر فسّر الكلمة بأن "باكا" معكوس "باكا" .. و آخر يأتيك بكتاب بخريطة أخرى ملحوش فيها إسم بكة على خريطة قديمة لفلسطين ، و آخر يقول لك هذه خريطة لمستشرق يكتب اسم باكا على الجزائر  ، و آخر يقول لك أن اور محرفة عن اسم الكعبة و انها بالعراق ، وواحد يقول انها باليمن ..الخ ، المهم و المختصر لديهم هو تقمص فكرة أن ارضي هي بكة  (الشعوبية).
يا اخي اعطني سبب واقعي عن علاقة اسم بكة بهذه الاراضي التي تأتي بها من كتب الغزاة الذين يريدون الضفر بارضك ، هات دليلك ؟
دليلك هو ان المستشرق الفلاني قال بانها بكة و خلاص ؟ إذن انت مدوخ و تسير داخل حلقة مفرغة .

[ولكل وجهة هو مولِّيها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا إن الله على كل شيئ قدير ] البقرة .

- أرض بكة هي مصر ، و العين الباكية الموجودة بالكتابات المصرية الآثرية يقصد بها بكة

- أرض بكة هي مصر ، و العين الباكية الموجودة بالكتابات المصرية الآثرية يقصد بها بكة  - 

عندما تقرأ القرآن و تجده يتحدث في جل ذاكرة انبياء الإسلام حول مصر و يشدد على ذكرها 5 مرّات دون أي منطقة أخرى ، و يذكر في آية واضحة أمره لموسى و قومه بأن يسكنوا و يقيموا الصلاة في مصر و أن يجعلوا بيوتهم قبلة للناس ، فهذا دليل كافي على أن مصر هي الأرض التي كانت قبلة المسلمين ، اقرأ :
"وأوحينا إلى موسى و أخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا و اجعلوا بيوتكم قبلة و أقيموا الصلاة و بشّر المؤمنين" يونس .

القرآن يذكر بآية أخرى واضحة أن أوّل بيت وضع للناس للذي هو ببكة ، فيما يذكر إسم مكة مرة واحدة و في موضع سلبي يخص نبوءة قتال و أناس تصد عن المسجد الحرام بها وأنه لو تزيّل الذين كفروا عن الذين آمنوا فيها لعذب الذين كفروا ، إقرأ :
• [وَهُوَ ٱلَّذِی كَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَیۡهِمۡ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا - هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا ] الفتح .
• [ إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ  ٩٦ فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ] آل عمران .

من يأمن بأنه في القرآن يوجد نبأ عظيم و ليس كلام أحداث سابقة حدثت سيعرف جيدا أنه يخاطبه اليوم ،  ستتعامل مع آيات القرآن على أنها نبأ يخاطبك اليوم ، و ستعرف جيدا أن هناك خلل في تحديد القبلة بسبب أناس صدوا الناس عن بكة ووجّهوهم نحو مكة .. القرآن يعترف بأنه نبأ ، اقرأ :
[قُلۡ هُوَ نَبَؤٌا۟ عَظِیمٌ  ٦٧ أَنتُمۡ عَنۡهُ مُعۡرِضُونَ] ص .
[ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرࣱ لِّلۡعَـٰلَمِینَ  ٨٧ وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِینِۭ ]  ص .

آية في القرآن تخبرك بلام التصحيح أن أول بيت وضع للناس للذي ببكة و ليس مكة ، و تخبرك بأنه فيه آيات بينات تدل على أنه أول بيت .. فيجب عليك بالأوّل أن تعرف من هي بكة و مالفرق بينها و بين مكة ، فأكيد انه في القرآن كل كلمة بحقها و كل إسم له معناه و دلالته ولذلك أمر الله بتدبره ، عندما تبحث في القواميس و المعاجم و كتب التفسير تجدها هي الأخرى تسير ضمن نطاق اللعبة و تحاول إقناع الناس بأن اللفظتين مكة و بكة هما ذا معنى واحد ...لكن نحن لنا رأي ثابت وواضح فالقرآن يفسر نفسه بنفسه و هو بحد ذاته يأمرنا بأن نتدبره وحده دون شريك يحاول فرض افكاره عليه ، و لا يوجد أي حديث يعلوا على كلام الله ..
[تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّ فَبِأَیِّ حَدِیثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ یُؤۡمِنُونَ ]  الجاثية .

مكة يمكن معرفة معناها من خلال الكلمات الموجودة في القرآن ، و هي بنفسها تشرح نفسها :
[وَمَا لَهُمۡ أَلَّا یُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ یَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤءَهُۥۤۚ إِنۡ أَوۡلِیَاۤؤُهُۥۤ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ  - وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَیۡتِ إِلَّا مُكَاۤءࣰ وَتَصۡدِیَةࣰۚ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ](الأنفال 24-25) 
كلمة "مكاء" المذكورة في الآية هي نفسها اشتقت منها كلمة "مكة" ، عندما تبحث عن معنى الكلمة تجد أنهم جعلوا معناها ساذج جدا وقالوا أنه "التصفير" ، و التصدية قالوا أن معناها "التصفيق" ..و كأن القرآن شاغل باله بالتصفيق و التصفير الذي يريدون من خلال هذه المعاني الغاء النبوءات التي جاء بها القرآن .
معنى كلمتي "مكاءا و تصدية" هو "خداعا و تصدية عن المسجد الحرام" ... بمعنى أن الآية تشير لك أن صلاتهم كانت خداعا (مكاءا) لكي يوهموكم بأنهم مصدقين بأن البيت الذي امامهم هو المسجد الحرام ، أما كلمة "تصدية" فمعناها تشرحه عبارة الآية التي قبلها "يصدون عن المسجد الحرام" ، و التصدية هي تغيير وجهة الناس عن المسجد الحرام و إيهامهم بأن البيت الذي يصلون أمامه هو البيت الحرام ... و الحقيقة أن القرآن يذكر هذا البيت بأنه مسجد ضرار و بأنه بنيان حديث :
[وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مَسۡجِدࣰا ضِرَارࣰا وَكُفۡرࣰا وَتَفۡرِیقَۢا بَیۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَإِرۡصَادࣰا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَیَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَاۤ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰ وَٱللَّهُ یَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ  ١٠٧ لَا تَقُمۡ فِیهِ أَبَدࣰاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ یَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِیهِۚ فِیهِ رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ  ١٠٨ أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نٍ خَیۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارࣲ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِی نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ  ١٠٩ لَا یَزَالُ بُنۡیَـٰنُهُمُ ٱلَّذِی بَنَوۡا۟ رِیبَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡ إِلَّاۤ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ] التوبة .

الآن إذا كانت مكة يشير لها بالقرآن باللفظ القريب لها بمعنى الخداع ،فأكيد أن تسميتها حسب القرآن نابهة من كونها أرض الخداع فهي تخدع الناس بأنها بكة و بأن البيت الذي يقبل عليه الناس فيها هو البيت الحرام ... إذا مامعنى بكة ؟
مكة = مكاء 
بكة = بكاء ؟

هناك علاقة لسانية واضحة بين كلمتي "بكة" و "بكاء" ، و الحقيقة أن معنى بكة هو العين الباكية ، إسم العين الباكية هو "بكة" ... عندما ترجع للآثار المصرية ستجد في كثير من الآثار الكتابية رسم للعين الباكية على الالواح و الجدران و صحف البرديات حتى على الأواني الفخارية ..فمالمقصود بالعين الباكية تلك ؟
الغرب عندما حلّ محتلا على مصر و ادعى تفكيكه لمقروء و معاني الكتابات المصرية ادعى بأن ذلك الرمز يقرأ "اوجات" و أنه يقصد به "عين حورس" ، لكن بدون أي دليل و من وحي خيالهم قرأوا الكلمة بأنها تقرأ "اوجات" ، و قالوا أن الناس القدماء كانوا يسمونها عين حورس و ان حورس هو الاه كان يعبد قديما ، و السبب حسبهم أن الناس كتبوها على كل تلك الآثار  لأنها تميمة سحرية استمدت قوتها من الاله حورس كي تحفظهم من الضر و الحسد و الارواح الشريرة .

السبب في الطمس المعرفي لمقروء كل الرموز الكتابية المصرية هي في كونها تملك حقائق تاريخ الإسلام في مصر ،فهي تظهر ذاكرة المسلمين و الكثير من علوم حضارتهم ، و رمز العين الباكية له علاقة تكاملية مع إسم "بكة" ، فالناس الأوّلين كتبوا إسم بكة بالخط التصويري الفطري برسم عين تبكي ومقروءها و دلالتها هو بكة لأن العين الباكية هي بكة المقصودة في القرآن ... و سبب تواجدها بكثرة في الكتابات المصرية الأثرية هي لأن الناس الاولين حفروا ذاكرتهم و دونوها على تلك الاثار في مصر كي تعرف أن مصر هي بكة ... تم تسمية مصر بالعين الباكية كون تضاريسها الطبيعية حسب نبوءة القرآن تشبه لحد كبير العين الباكية و يمكنك ان ترى هذا بوضوح من خلال نهر النيل و دلتا النيل في شمالها الذي يظهر و كأنها عين و النيل يظهر كالدمعة .
[وفي الأرض آيات للموقنين -و في أنفسكم افلا تبصرون]
.
.
.
.
.
يتبع