الخميس، 11 نوفمبر 2021

- كيف تم تحريف مقروء الكتابات المصرية العربي -


محتل دخل على أرض من أجل احتلالها ... هل يصعب عليه أن يخترع له أثر أو أثرين من أجل إثبات تواجده قديما في تاريخ تلك الأرض ؟

جار يريد السطو على أرض جاره ... أوّل شيئ الذي سيفكر فيه الجار السارق هو إثبات ملكيته على تلك الأرض بعقد حيازة او ملكية قديم يملكه جده ... هذا هو نفسه المنطق الذي يفكر به عدو غازي .

قبل كل هذا على الجميع أن يعلم بأن نظرة شعوبنا لكل الحضارات القديمة لم تكن موجودة قبل قرنين او ثلاث قرون بالكثير ، لأن أوّل من اكتشف و درس تلك الحضارات داخل أثارنا كان مع بداية الإحتلال الفرنسي و البريطاني.

حسب التاريخ القريب فإن البعثات الغربية قد دخلت مع حملة نابليون بونابرت إلى مصر ، و مباشرة بدأت الإكتشافات الأثرية تتسلسل بطريقة دراسة غريبة مطابقة لما تذكره أمهات كتب التاريخ  اليونانية و ما يذكره كتاب العهد القديم العبري .... تسلسل غير بريئ بالمطلق .

قصة اكتشاف الحجر الذي أُرِّخ حوله استخراج الفرنسي شامبليون كلمة "راعمسيس" التي هي أوّل كلمة تقرأ من الكتابات المصرية القديمة  ، فقد ذُكر أنه تم اكتشاف حجر من قبل جندي فرنسي في مدينة رشيد شمال مصر و من ثمة وقعت ضجة في الصحافة الأوروبية حول حق امتلاك ذلك الحجر الأثري من قبل بريطانيا أو فرنسا ... و هو مايدفعنا للتساؤل حول هذا الإلتفات الكبير لهذا الحجر و قضية "من سيملكه" ، و كذلك تساؤلنا حول وجود هذا الحجر الأثري الوحيد الذي نقشت فيه الكتابة المصرية جنبا إلى جنب مع الكتابة اليونانية في تلك المنطقة التي هي عبارة عن قصر عثماني خالي من أي أثار قديمة سوى ذاك الحجر ؟

مالقصة ؟ ... أكيد أنه لو اكتشف هذا الحجر في منطقة تعج بالأثار المصرية التي من طابعها وجود نمط كتابة واحدة ستنطلي كذبتهم ، لأن الجميع سيطرح سؤال أين الكتابة اليونانية المكتوبة جنبا إلى جنب مع المصرية القديمة في باقي الآثار ، و لماذا وجدت في حجر واحد فقط !! .

 قصة التنازع حول من يظفر بملكية ذلك الحجر و عمل ضجة لدى الرأي العام الأوروبي دون التفكير في أهمية قراءة مافيه هو أسلوب يجعل الرأي العام بشكل غير مباشر يسمع بخبره و تلتفت له الأنظار ، ستتداول في الأوساط الإجتماعية سيرته مما يجعل معدلات فضول الناس الأوروبيين حول قراءة تلك الكتابة اليونانية داخله أكبر من المتوقع ، و بالتالي سيزداد طرح سؤال "هل تواجد اليونان قديما بمصر ؟" .

الشيئ الثاني و الذي لا ينبع من منبع الصدفة أبدا ، هو أنّه بعد فترة وجيزة من اكتشاف حجر رشيد ، يصل هذا الحجر إلى عالم انجليزي آخر يدعى توماس يونغ و إلى هنا كل شي على مايرام ... إلى مايرام إلى غاية ما يظهر الإنجليزي الآخر المدعو جون بانكس و هو سياسي برلماني بريطاني و يقال أنه مستكشف أثري ، ينتقل هذا جون بانكس إلى مصر و يلتقي مع نحّات و مهندس معماري إنجليزي يسمى تشارلز باري .. و يقال أنّهما التقيا صدفة في المنطقة التي سيعثر فيها على أثر عمود حجري (مسلة)  .

 هذه المسلة هي عبارة عن عمود وجد أمام أحد البنايات الأثرية المصرية القديمة التي يسميها المؤرخون معابد ، بحيث أنهم قالو أن المسلة كانت تحوي كذلك على كتابة ثنائية اللغة ( كتابة يونانية مع الكتابات المصرية القديمة)  ..و لمحظ الصدفة أيضا قالو أنها بالضبط تحوي نفس الإسمين الملكيان بطليموس و كليوباترا اللّذان كتبا في حجر رشيد  بالكتابة اليونانية .

يظهر بعدها توماس يونغ ، و حسب ما أُّرِّخ عنه أنه عالم بريطاني عاش في القرن الثامن عشر ، أوّل ماقام به هذا البريطاني من اكتشاف هو عندما أوصل له صديقه المهندس النحّات جون بانكس أثر المسلة التي حملت و نقلت من مصر إلى انجلترا ... قام توماس يونغ بعدها بإخبار العالم أجمع و عن طريق تأثير الصحافة الأوروبية أن المسلة التي أحضرها له صديقه بانكس تحوي إسمي شخصيتين يونانيتين  حكما مصر قديما و هما "كيليوباترا" و "بطليموس" .

بحيث توصل إلى هذا عن طريق مقارنة التشابه في كتابة الملكين كليوباترا و بطليموس في حجر رشيد و مسلة فيلة باليونانية ... هذا الشيئ مكّن الإنجليزي توماس يونغ من مقارنة الكتابات المصرية الموجودة في المسلة مع نظيرتها الموجودة في حجر رشيد ليثبت أن الكتاباتان المتشابهاتان هم نفسهم يخصان (بطليموس و كليوباترا) الذان كتبا باليونانية ايضا   ، فالإسمان حسبه كان مكتوبين بالمصرية داخل إطار مستطيل يسمى خرطوشة و بالتالي أخرج للناس أنهما اطاران ملكيان يخصان الملك بطلموس وكليوباترا ، لكن فكرته كانت أنهما إسمان لايملكان نطق صوتي ، بحيث أنه قال أن الكتابات المصرية لاتقرأ إنما هي ترميز يحوي معاني فقط .

 بعد حادثة توماس يونغ يخرج فرنسي آخر يدعى حسب المؤرخين "جاك شامبليون" ، أوّل ما قام به شامبليون بالتنسيق مع ما اكتشفه صديقه الإنجليزي يونغ هو قراءته للكتابات المصرية التي كتبت في حجر رشيد بدل اتباع نهج توماس يونج الذي قال أنها كتابات ترميزية لا تنطق  ... فأكمل شامبليون ما قام به توماس يونغ و أخرج أول كلمة من الكتابات المصرية قال أنها تنطق "راعمسيس" و هي حسبهم إسم شخصية ملكية مصرية قديمة حكمت مصر .

 المهمة المشتركة للفرنسي جاك شامبليون و الإنجليز توماس يونج هو إثبات أن الكتابة المصرية التي داخل الإطارين هي نفسها تمثل شخصيتي كليوباترا و بطليموس الذان كتبا باليونانية .... المهمة أنهاها شامبليون عندما قام  بالنطق الحرفي للرموز التي قارنها بين اسمي بطليموس و كليوباترا باليونانية و المصرية ، ليستنتج إسم آخر و هو إسمم "راعمسيس" الذي روجو عنه بانه ملك مصري قديم حكم مصر .

و بالتالي هم الآن أثبتوا للعالم بأن "بطليموس" و "كليوباترا" هم شخصيتان حقيقيتان حكما مصر قديما ، فهما حسب كتبهم الورقية ملوك ينتمون للزمن الذي قالو فيه أن اليونان كانت تسيطر على مصر و الشرق قديما ... و الشيئ الثاني هو إثبات أن إسم "راعمسيس" هو اسم تواجد في مصر قديما ، فإسم راعمسيس متواجد في كتاب العهد القديم العبري لليهود كإسم لمنطقة مصرية ، و بالتالي إثباته داخل الأثار سيعطي شرعية أيضا لليهود حول تواجدهم داخل أرض مصر قديما .
  
القصة واضحة عندما يتواجد مهندس معماري في منطقة اكتشاف المسلة التي ستنقل الى انجلترا لتساهم بعملية ترابطية في تمكين إثبات قراءة ما كتب على حجر الرشيد و تخرج أسماء الملوك اليونانية .. و إلا فمالداعي أن تتواجد قطعة اثرية وحيدة تحوي كتابة يونانية مع مصرية قديمة في منطقة اثرية كبيرة مثل منطقة ابوسمبل .. كل الاثار التي في معبد ابو سمبل تحوي كتابات مصرية الا هذه المسلة التي يظهر من خلال وصفها ان قاعدتها المسقول عليها الكتابات اليونانية حديثة الإنشاء .... لعبة واضحة من أجل اخراج التسميات التي تتلائم مع مخططهم في طمس مقروء باقي الأثار المصرية و مطابقة تسميات شخصيات و جغرافيا روايتهم اليونانية و اليهودية على أثار المنطقة .

 هل هذه الإكتشافات الأثرية الثلاثة التي بدأ بها علماء الغرب تصوير حقبة العالم القديم هي أثار ذات معلومات بريئة ؟

ليست بالبراءة بالمطلق أن يبدأ الإكتشاف الأثري بقراءة ثلاث أسماء مهمة بالنسبة لعدو جاء كمحتل ... نحن كمسلمين و عرب لا نعرف إطلاقا  لا إسم كليوباترا و لا إسم بطليموس و لا راعمسيس .. من يعرف هذه الأسماء هو ورق كتب الرواية اليونانية و كتاب العهد القديم .

.. قراءة إسم كليوباترا و بطليموس من أثر مصر يعني أنه تم إثبات أن مصر قديما قد شهدت حقا حقبة ما اسمته الرواية اليونانية "مصر اليونانية" ، و بالتالي سيترسخ للجميع أن كتاب هيردوت الذي يؤسس للتاريخ القديم و يتحدث عن ملك يوناني قديم احتل مصر هي رواية صحيحة و سيتم البرهنة للجميع أن هناك فترة حكم يونانية كانت في مصر .

..قراءة اسم الملك الذي أسموه راعمسيس و الذي ورد في كتاب العهد القديم على أنه إسم مدينة مصرية تنقل اليها اليهود قديما ، و بالتالي هذا الإسم المشابه سيُصبح سندا يثبت أنه هناك مدينة مصرية قديمة كانت تسمى راعمسيس نسبة للملك المصري القديم المكتشف نطقه في الكتابات الاثرية .. و بالتالي هذا إثبات جديد سيرسخ للناس صحة رواية تواجد شعب اليهود في التاريخ القديم و صحة كتابهم .

 سأطرح السؤال بشكل مباشر ... هل هاذين الأثرين اللذان بنى عليهم علماء الغرب كل ابحاثهم العلمية كمفتاح لقراءة تاريخ الأثار المصرية القديم هي أثار حقيقية ؟ أم أن هناك لعبة وراء ظهور حجر رشيد بشكل مفاجئ مع دخول فرنسا لمصر و من ثمّ بعدها إيفاد مهندس معماري إلى مصر من أجل نقل أثر مسلة أثرية كاملة إلى انجلترا ادعى أنه لم يكتشفها أحد قبله .

لا أبدا .... هناك زيف و تلاعب بالأثار جعل الأثرين ينطقان هكذا و الفكرة سهلة جدا .

هم بحثوا في الأثار عن كتابات مصرية تتشابه ، ثم قامو بنسخ تلك الكتابة على حجر رشيد و كتبوا معاه كتابة يونانية للإسم الذي يريدون أن تنطق به تلك الكتابات ، فكتبو على الحجر كليوباترا و بطليموس كي يقرأ الناس الإسمين من نفس الكتابة المصرية .. و نفس الشيئ قام به النحات الإنجليزي الذي تواجد في منطقة اكتشاف المسلة بحيث كتب إسمي كليوباترا و بطليموس عليها كي تتطابق هي الأخرى مع نظيرتها بالكتابة المصرية و تصبح دليل جديد يؤيّد صحة حجر رشيد المزيّف .

هذه اللعبة يتحدث عنها القرآن عن طريق نبؤاته .. و سنتحدث عن توضيح القرآن لهذا العمل الذي حرّف الكتابات المصرية في مقال الجزء القادم ...
.
.
.
.
.
يتبع ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق