في القرآن لو تتدبر تجد كلمة فاء بمعنى الرجوع :
[ و الذين يؤلون من نساءهم تربص أربع أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ] البقرة .
فإن فاءوا = فإن رجعوا .
[ و ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله و الرسول و لذي القربى و اليتامى ...] الحشر
أفاء الله على رسوله = أرجع الله على رسوله (بمعنى رجوع ملكيته للرسول) .
[ و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما بالعدل فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين ] الحجرات .
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل = فقاتلوا التي تبغي حتى ترجع إلى أمر الله فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالعدل .
حاول أن تتخيل معي أكثر شيئ له علاقة بالتراجع ، يمكن أن يتم تأويل أصل الرجوع إليه ؟ ... هذا الشيئ هو الآية التي يمكن أن تسمى فاء .
إنه الظل .
الظل الشيئ الذي دائما ما تراجع مهما حاولنا الإقتراب منه سواءا عندما يكون وراءنا أو أمامنا ... لو ظلك أمامك فإنك كلما تقدمت نحوه يبعد و يتراجع عنك ، كذلك لى لو كان وراءنا فإن مهما تراجعنا حوله فإننا لن نمسكه و نتطابق معه .
الظل هو أصل إسم "فاء" كونه الشيئ المتراجع دائما ، و هناك آية في القرآن تربط بين الظل و التراجع :
[اولم يرو إلى ماخلق الله من شيئ يتفيّأ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله و هم داخرون ] النحل .
يتفيأ ظلاله عن اليمين و الشمائل = يتراجع ظلاله عن اليمين و الشمائل كلما ابتعد او اقترب منه ضوء الشمس او اي ضوء اخر .
يتفيأ = تفيأ = أفاء = فاء .
الآية ربطت الظل بالتفيئ (التراجع) كون الظل أصل تسمية الفاء .
السؤال .. إذا كان أصل الظل هو فاء فما جدوى تسميته بالظل ؟
كلمة الظل التي تصفه أصلها من " ظل ، يضل ، ضلال " ، و الظلال هو خطأ الطريق أو السير نحو هدف خاطئ ..نقول "فلان ظلّ سبيله " أي أخطأ سبيله .... فما علاقة الظل بالخطأ ؟
الإجابة تكمن في أن أي شخص لو اتبع اظله سيبقى يسير نحوه إلى ما لانهاية ، و سيقى يسير في طريق خاطئ لأنه سيبقى يتبع أثر جسمه المعكوس على الظل .. كذلك فإن لون الظل ظلامي أسود و ليس منيرا فهو يلمح إلى الظلَال المربوط بالظلمات (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) ... و لن يتمكن الانسان من امساك ظله إلا إذا نام فإنه ينام على ظله و النوم يمثل حالة التوقف و انعدام حياة الانسان ..لذلك النوم الكثير ظلال فهو يجعل الانسان فاشلا دون عمل كانه ميت غير حي في الأرض .
في الصورة المرفقة أثر مصري مصور فيها طائر ذاهب نحو الظل لكن هناك طائر آخر راجع و يمسك معه ظل .. هو تدليل على علاقة الظل بالرجوع الذي هو فاء كما ذكرنا في بداية المنشور ... هذا من جهة.
من جهة ثانية فإن الطائر يدل على الروح و مكنون الإنسان " و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا" ، و لو تلاحظ أن كلمة روح مترابطة و مشتقة من نفس كلمة "راح يروح روحا" و عكس كلمة راح هو رجع(فاء) ... فمالعلاقة بين الروح (الذهاب) و الرجوع (الفاء) .. العلاقة هي أن الإنسان عندما يموت فإن جسده يتطابق مع ظله فهو ينام عليه و الإنسان عندما ينام يختفي ظله لأنه يرقد عى ظله ، و بالتالي فإن الجسد الذي تسكنه الروح تسكن إلى الظل و ترجع إلى ربها و حتى عندما تنام ، كما قال الله في القرآن : "الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى لأجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " الزمر الآية 42 ... ماهي الآيات التي نتفكرها الآن ؟
اولا نرجع لكلمة "توفى" و أصلها "وفى" "وفاء" (و+فاء) .. و أصلها رجوع الشيئ إلى أصله أي "و" ربط (واو الربط) أي ربطه بأصله و إرجاعه (فاء) .. ورجوع الجسد إلى ظله يمثل الموت كما يمثله الإنسان النائم عندما ينام و يستلم للنوم .. فيمسك الله النفس التي قضى عليها الموت و تلتصق بظلها .. و الأخرى يرسلها من جديد فتحيى و تنهض لتفارق ظلها .
ثانيا .. هناك علاقة بين الروح و الظل .. خصوصا أنه في ميراثنا عندما يموت الميت يتم الحزن عليه باللون الأسود كدلالة على أن الروح لها علاقة باللون الأسود الذي يمثله الظل ، و هناك من يبقي اللون الأسود أربعين يوما كالزوجة الأقارب ..فهل هو دلالة على أن روح الميت تبقى تحوم حول الاقارب اربعين يوما ؟! .. و هل تكفين الميت باللون الأبيض دلالة أنه سيبعث من جديد خلافا للون الأسود الذي يمثل تطابقه مع ظله ..لأن الضوء الأبيض عندما ينطح على الأجسام ينشأ الظل و يتحرك بتحرك الضوء أو الجسم نفسه ، فهو يمثل عودة حياته .
مايهمنا الان .. انه لو اردنا كتابة آية الفاء فإننا سنرسمها ظلا كما هو موجود في الكتابات المصرية التي تمثل التوراة .