الأربعاء، 5 يناير 2022

▪︎ ‎النرد و الزهر و الحظ ▪︎ ‎


عند التأمّل في الحضارة الفطرية التي بقيت من أثار مصر ، يجب دائما أن نتعامل بنظرة المحلّل ... مصر أرض أنبياء  الإسلام و كل أثارها أثار تهدي الناس للفطرة التي كتبت بكتابة الله المقدسة المنزّلة على أنبياءه .

من الفنون ما يحوي رياضات تروض كل ما له روح ، و يجب أن نعرف أنّ كل شيئٍ له مسمًى هو في حد ذاته مالكٌ للروح .. يدك بها روح و الصوت له روح و ابتسامتك لها روح و حظك روح .. أمّا الرّوح فهي بحد ذاتها روح و هي أرق من أجزاء الجزء لا تُرى و لاتُسمع و لاتُشم لأنها بالأصل تصل إلى أصغر أصغار مالانهاية الجزيئ .

لذلك كل شيئ نراه أو لانراه ، ساكنا كان أو متحرّكا ، صغيرا كان أو كبيرا ، صوتا كان أو رؤية أو رائحة ... كل شيئ به روح .

عندما نقول الآن بأن "الحظّ" هو كائن به روح يمكن أن نروّضه .. فنحن لا نمزح و لا نلعب .. فالعلوم لها من الفنون ما تصهر به الحديد و تُهذِّب بها كل الظواهر المحيطة بالإنسان .

في الصغر ارتبطنا بسلوكات فطرية ارتبطت بذاكرة الصغر التي هي نقية من كل المكتسبات التي يكتسبها الإنسان مع كبره شيئا فشيئا .. و من تلك السلوكات كنا إذ مسكنا الزهرة نتفنا بتلاتها لتشكل كل بتلة منها حظا نردد به ما نتمناه ( مثلا نقول مع كل بتلة منتوفة كلمة : انجح ، انجح ..) .

اعتقد أن هذا السلوك مرتبط بفطرة خالصة تخص الزهر و الحظ ... يجب أن نضع نقطة حول أن الكلام يحوي في مسموعه ذاكرة تختزل تاريخ الشعوب من بدايتها بحضارتها إلى نهايتها و سقوطها ، و الشعوب لن تعود إلى حضارتها إذا لم تتذكر ماضيها ... لذلك الكلمات و الأسماء هي دواء يمكنك من اكتشاف ماضيك إن حللت معانيه .

نحن نطلق على "الحظ" إسم "الزّهر" ، فنقول للشخص الذي يملك الحظ "أنت إنسان تملك الزّهر" .. فما علاقة الحظ بالزّهر ؟

حسب اعتقادي المتيقّن فإن كل شخص منا له ارتباط روحي بزهر معيّن .. بمعنى أن شخصياتنا تملك في جعبتها روحا متطابقة مع نوع معيّن من الزهور .. مثلا هناك من له ارتباط بزهر الفل و هناك من يملك ارتباطا بزهر السوسن و هناك من تملك ارتباطا بزهرة النرجس ..الخ .

مالعلاقة بين الشخصية و الزّهر ؟

العلاقة هي وفرة الحظ .. نعم .. كلّما توفرت الأزهار التي تتلائم مع طبيعتك كلّما تنوّر حظّك ، و كلما نقصت الأزهار المرتبطة مع شخصيتك كلما نقص حظّك .. فالحظ قبل كل شيئ هو مرتبط بالزّهاء .

كلمة "زهرى" هي في الأصل كلمة مركّبة من إسمين : زه+رأى .
زه = هو الزهو أي السعادة و الإبتسامة .
رأى = لأن كل شخص منا سيتحسن مزاجه و ابتسامته بشكل لا إرادي و لايلمحه عندما يرى الأزهار المرتبطة به و يحتك بها او يشمها او يهتم بها .

لذلك عندما نقول "ابتسم لك حظك" ، فنحن نقصد أن الحظ مرتبط بالإبتسامة و الإبتسامة مرتبطة بالزهاء أي السعادة و البهجة .

نحن اليوم لانهتم بهذه الأمور ، لكن تأكد أن الناس الأولى كانت تعرف هذه العلوم التي هي بخسة في نظرك اليوم لكنها تملك بعدا روحيا قويا في تكوين شخصيات الافراد .

لو نعود للرياضة التي نعتبرها اليوم لعبة .. و التي هي في نظر كتب البخاري و باقي كتب أحبار محرّفي الدين غطس لليد في دم و لحم خنزير .. النردشير .

إسم النردشير هو إسم آخر من بين أسماء تطلق على هذه الرياضة .. فهناك من يسميها "نرد"و هناك من يسميها "الزهر" و هناك من يسميها "الحظ" .

عموما فإنّ تسميتها برياضة الحظ هو الإسم المناسب ، فهي رياضة تعتمد على الحظ في الرمي لكسب مزيد من النقاط و التدرج لغاية الوصول للفوز .

إسم الزهر هو إسم صحيح كذلك و هو مرتبط بالحظ كما ذكرنا ، فالزهر كلمة مرتبطة بالحظ الجيّد .


في الأثار المصرية تواجد اثار هذه اللعبة للدلالة على أنّها رياضة قديمة حضارية .. فهذه الرياضة كان هدفها هو تهذيب العقل الباطن للإنسان و برمجته على الحظ الجيّد .. فالإنسان هو كائن يتميّز على التعوّد من أموره الصغيرة إلى انعكاسها على أموره الكبيرة .. فلو تبرمج الإنسان على هذه اللعبة باكتسابه للحظ الجيّد عند رميه للنرد سيقرأها عقله على أنه إنسان محظوظ و سيصبح في جميع حياته محضوضا لأنه برمج نفسه على الربح .

ارتباط رياضة النرد مع الحظ و الربح هو لتهذيب عقلية الإنسان على الربح الدائم (البرمجة العصبية العقلية) .

في الصورة لوحة لإمرأة مصرية تمارس هذه الرياضة و تظهر في ملامح فمها مبتسمة للدلالة على ابتسامة الحظ لها .. كما أنّه من المعروف أن الحظ مرتبط بالمرأة لكونها رقيقة العواطف و كثرة الإبتسامة .

الشيئ الثاني ، هو أنّه من الأحسن أن هذه الرياضة تكون ذات ممارسة فردية ، و أن لا تكون زوجية إلا إذا تبارز الزوج مع زوجته .. لماذا ؟ 

مباح أن تكون فردية لأن الطرف الخاسر سيشعر بفقدان الحظ و هذا سيعود عليه بالسلب إن لعب ضد أخيه .. لذلك فالأحسن ممارسة هذه الرياضة بشكل فردي و اللعب ضد عدو وهمي .. فإن فزت أنت يُعتبَر أنّ حظّك هو الفائز و إن فاز الطرف الوهمي الآخر تعتبر كذلك أنّ حظّك هو الفائز أيضا لأنك أنت من لعبت له بيدك ... لاحظ صورة الكتابة المصرية لإمرأة تلعب ضد نفسها .

زوجية مع الزوج .. لأن الازواج يعتبران شيئا مشتركا و أي ربح لهما هو رحمة وفوز للآخر ، و أكثر من يتمنى الرحمة و الخير بالنسبة لأي طرفين هو الزوج و زوجته .. لذلك إن ربحت الزوجة فكأنما حظ الزوح هو من ربح و إن ربح الزوج فكأنما الزوجة هي من ربحت أيضا (فكلاهما رابح) ... في الصورة تحت أيضا لبردية مصرية يظهر فيها زوح مبتسم يمارس اللعبة مع زوجته المبتسمة و تظهر هي الأخيرة بنفس هيئتها سندا يسانده في ظهره للدلالة على أن الزوجة إن ربحت فربحها هو مهدى له فكلاهما يمثل حظا واحدا .. فهي تبارز ودي بينهما (فالود هو تمني مايوده الإنسان لطرف أخر) و بالتالي فإنها تود له الربح إن خسرت أو ربحت .

ما نستنتجه هو أن لعبة النرد أو الزهر مفيدة للإنسان من أجل تقوية روح الحظ لديه .

في مواضيع قادمة سنتناول موضوع الشطرنج إن شاء الله..لأنها رياضة مفيدة و تفيد عنصر روح آخر مرتبط بالإنسان .
.
.
.
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق