الخميس، 10 يونيو 2021

القصص٣

● القصص ج3  ●

عندما نستعمل كلمة "القص" المعروفة فإننا نقصد بها مبدئيا عملية التقطيع ، مثلا نقول "قص لي الورقة" ، لكن المفردة تم استعمال مشتقاتها للدلالة على معاني كثيرة في القرآن تخالف مفهوم القص المعروف .

• توظيف كلمة القص للدلالة على "اتباع الأثر" :

[وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَـٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِی بِهِۦ لَوۡلَاۤ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ - وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّیهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبࣲ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ  ] القصص

"قالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لايشعرون" 
هنا المقصود بكلمة "قُصِّيه" هو "اتبعي أثره" ، فما علاقة  كلمة "القص" باتباع الأثر ؟
عندما أقول "قص الورقة" فأنت ستأتي بمقص  و ورقة و ستفهم الأمر على أني طلبت منك تقطيع الورقة بشكل معين .. لكن عندما اقول لك "قص الولد" بمثل ماطلبت أم موسى من أخته فستفهم العبارة بأني طلبت منك اتباع اثر الولد و بالطبع فلن تفهمها بأني طلبت منك قصه بمعنى تقطيعه ..
السبب في استعمال مفردة "قص" هنا هو أشبه بتوظيف الكلمة كإستعارة فعلاقتها بدلالة "اتباع الأثر" هو تشابه عملية القص باتباع الأثر ، فأنا عندما أطلب منك قص ورقة أو قماش فعليك أن تطلب مني البعد أو الشكل الذي تريد أن أقطعه ، و بناءا على المواصفات التي اريدها انت ستبني تصورك الذهني أو حتى الكتابة بالقلم على الطريق الذي سيسلكه المقص اثناء تقطيعه ، بحيث أن ستقطع بالمقص بنفس الأثر الذي تبنيه في تصورك أو أنت راسمه على القماش أو الورقة ، فعملية القص يجب أن تتم بشكل مضبوط و على المقص اتباع الأثر الذي تريد قصه ، فإذا قطعت شيئا معينا دون احداثيات و دون تصور مسبق و بشكل فوضوي فسيصبح ذلك تمزيق و تقطيع ليس قص ، فالفرق بين التمزيق و القص هو أن القص يجب أن يكون بشكل منظم ووفق أثر تحدده مسبقا يسلكه المقص اثناء عملية القص ، أما عملية التمزيق فهي تكون بشكل فوضوي ... سنوضح بمثال بسيط :
عندما أعطيك ورقة وأقول لك قص لي مثلث طول كل ضلع منه خمس سنتيمات ، فأنت ستقوم برسم مثلث وفق المقاييس التي اريدها و عندما تبدأ عملية القطع فيجب أن يمر المقص على أثر الاضلاع التي أنت رسمتها مسبقا ...فالمقص هنا يجب أن يتبع الأثر .
لكن عندما اعطيك مقص و قماش و اقول لك مزقه اشلاءا ، فأنت ستمسك المقص و تقطع القماش بشكل فوضوي و غير مبني على أثر حددته مسبقا ، و العملية هنا تسمى تمزيق و تقطيع و ليس قص .

إذا نستنتج أن عملية القص تعتمد على اتباع المقص أثر الشكل الذي تريد تقطيعه ، و نستنتج أن توظيف القرآن لكلمة "قص" هو اشبه بالإستعارة المكنية بحيث شبهت الآية أخت موسى بالمقص و شبّهت عملية اتباع اثر أخوها موسى بعملية القص التي يتبع فيها المقص الأثر المحدد مسبقا .

• توظيف كلمة "القص" للدلالة على سرد حكاية شخص معين :
علينا أن نشير بداية على أن مفردة "القصة" التي نستعملها لوصف حكاية معينة دائما ما تكون مرتبطة بشخص أو أشخاص معينة أو أشياء معينة ، فلا يتصور مثلا أن تسرد أحداث وقعت دون وجود مرتكزات للشخصيات أو الأشياء التي حدثت معها تلك الأحداث ، عندما تسرد لي قصة أصحاب الكهف فيجب أن تذكر لي كل الأحداث التي حدثت لهم أو ستحدث لهم ، عندما تسرد لي قصة موسى فيجب أن تتحدث لي على الأحداث التي تخص النبي موسى أو متعلقة به ، عندما تسرد لي قصة كتاب فيجب أن تسرد لي كل الاحداث التي حدثت لذلك الكتاب دون الخروج عن الموضوع او دون الانتقال لأحداث أخرى لاتخص ذلك الكتاب فستسرد لي مثلا كل من حمل ذلك الكتاب و كل من ضيع ذلك الكتاب و كل من قرأ ذلك الكتاب و كل من حرف كلام ذلك الكتاب ..الخ .

فالقصة حسب التعريف الصحيح و الدقيق هي عملية سرد لأحداث تخص شخص أو أشخاص أو أشياء معينة ... و يشترط عند السرد أن يتحدث المتكلم عن الأحداث التي حدثت لصاحب القصة دون خروج عن الموضوع ، فالقصة هي أشبه بذكر كل الأثر الذي يسلكه صاحب القصة أو مر عليه و له علاقة مباشرة به ... أو بالمختصر فالقصة هي وصف يتبع كل الآثر الذي سلكه أو مر على صاحب القصة على طول زمن معين .

فسبب إطلاق كلمة "القصة" أو "القصص" هو أنها تكون بمثل عمل المقص ، فالمقص عندما نقص به شيئ معين فهو يتبع طريق معين و نحن عند سرد القصة علينا وصف كل مامر عليه صاحب القصة و ماقطعه خلال زمن معين .. فوصف صاحب القصة هو اشبه بالمقص و وصف الأحداث التي قطعها صاحب القصة خلال زمن معين هو بمثل أثر التقطيع الذي قطعه المقص أثناء عملية القص .

• ماهو أصل تسمية "المقص"  ؟

علينا هنا طرح سؤال صريح ، هل كلمة القص أو المقص هي كلمة كانت متواجدة قبل صناعة اول مرة في الحياة ؟  أو بصياغ آخر هل المقص هو أول من قام بعملية القص حتى خرجت كلمة القص ؟
الجميع يعرف أن أي صنعة تخرج للوجود لابد من وجود أصل طبيعي لها ، بمعنى أن هناك مخلوق طبيعي تواجد على الأرض قبل أن يصنع الإنسان المقص و منه أخذ الإنسان فكرة صناعة المقص الذي يقص و يقطع الأشياء ..فماهو المخلوق الطبيعي الذي أخذ منه الإنسان فكرة القص و صناعة المقص ؟

عند البحث في جميع المخلوقات الطبيعية فستجد حيوان يمتاز بأسنانه و أنيابه و فكه الأقوى بين جميع الحيوانات ، بحيث أنه بمضغة واحدة يقطع فريسته و عضامها ، هذا الحيوان لو تنظر في شكل فمه ستجده بنفس شكل المقص و يعمل نفس عمله بحيث أنه قبل اصطياد فريسته لايترك اثر وراءه و لاينهي مهمته إلا و هو خارج على ساحل النهر يقطع فريسته .. فأكيد أن هذا الحيوان هو نفسه الذي أخذ منه الإنسان تجربة قطع الأشياء بالمقص و منه خرجت كلمة القص .

في الكتابات المصرية الأولى يتواجد هذا الحيوان بصورة واضحة في العديد من الآثار ، مدارس الغرب فكت معناه و قرأت رمزه بأنه "سوبيك" دون أي دليل و سبب مقنع ، فقط من وحي خيالهم يترجمون و يفككون لغة كتابات متواجدة وسط منطقة يقطنها 400 مليون عربي ، كل الكتابات المصرية التي أسموها هيروغليفية قراءتها عربية و رمز التمساح يقرأ "قصص" و قد كتب به الناس الأولى نصهم المقدس ، و سورة (صورة) القصص المتواجدة في القرآن الكريم  وكلمة القصص كتبها الناس الأولى بالكتابة الفطرية التصويرية بصورة تمساح 🐊 وقرأوها بلسان عربي قصص .
.
.
.
.
.
.
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق